hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - وائل نجم

الحشيشة تواجه مكفّريها

الثلاثاء ١٥ حزيران ٢٠١٥ - 07:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

تركّزت الأنظار أخيراً، على بلدة عرسال البقاعية وجرودها عند الحدود السورية اللبنانية، بعد معارك دارت، وما تزال، في جرود القلمون السورية بين مقاتلي حزب الله، مدعومين بطيران النظام، من جهة، ومقاتلي المعارضة السورية و"جيش الفتح"، من جهة ثانية، وبات معروفاً في لبنان أن حزب الله سعى، ويسعى، إلى إبعاد المقاتلين السوريين عن حدود منطقة بعلبك الهرمل، لاعتباراتٍ منها الخوف من اجتياحهم إحدى القرى التي تعدّ بيئة حاضنة للحزب، ما يوجّه ضربة معنوية كبيرة له، قد تدفعه إلى سحب بعض عناصره من سورية للقتال عند الحدود، وربما داخل الأراضي اللبنانية.
وبات معروفاً أن الحزب لا يرغب بدخول مواجهة مسلحة في عرسال ومحيطها، حيث يتمركز نحو ثمانين ألف لاجئ سوري، وأربعين ألف مواطن لبناني هم أهالي البلدة،. ولذلك، ضغط ويضغط من أجل دفْع الجيش اللبناني لدخول هذه المواجهة غير المضمونة النتائج، أولاً لتوريط الجيش في مواجهة مع المقاتلين السوريين، بما يجعله يدخل عملية تنسيق اضطرارية مع قوات النظام، الأمر الذي لم يحصل، وترفضه الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش، وذلك بهدف تأمين دمشق من الجهة الغربية، وهي المعركة المنتظرة بعد تحقيق المعارضة السورية إنجازات نوعية في ريف إدلب، ومن أجل عدم التورط بحرب مذهبية، قد تشكل عبئاً كبيراً عليه في الداخل اللبناني، تضيف إلى استنزافه في سورية عبئاً جديداً، قد لا يكون في وسعه تحمّل خسائره في هذه المرحلة. قطع الجيش اللبناني الطريق على هذا الضغط، بانتشاره في عرسال، مؤكداً أنها تحت سيادة الدولة، وليس للمسلحين السوريين سلطة عليها، ما دفع حزب الله نحو اعتماد آليات جديدة، غايتها خدمة الهدف الأساسي من مشروعه، فلجأ إلى مزيد من الضغط، بالإيحاء بأنه سيواجه المسلحين في عرسال، إذا لم يتخذ الجيش خطوة بهذا الاتجاه، وسانده في ذلك التيار الوطني الحر، بقيادة النائب ميشال عون. وعندما لم تفلح هذه الخطوة، دعا أبناء العشائر البقاعية إلى الدخول في المعركة، ومواجهة ما سمّاه "الوجود التكفيري" في جرود عرسال، وهي دعوة رأى فيها بعضهم دعوةً إلى حرب أهلية، بينما رآها آخرون تجاوزاً لمنطق الدولة ومؤسساتها، وقفزاً فوق الجيش وقيادته. وخرج النائب من تيار المستقبل، جمال الجراح، يقول إن عرسال ليست جزيرة معزولة ولا متروكة، وحدودها عكار وطرابلس وسعد نايل ومجد عنجر والبقاع الأوسط، ما يعني دعوة مماثلة لتحشيد طائفي مذهبي مناطقي، قد يدخل لبنان، هذه المرة، دوّامة حرب أهلية من جديد.
الأكثر غرابة في هذا المشهد خروج مطلوبين للدولة والقانون، بتهم زراعة المخدرات والاتجار بها وترويجها، إلى العلن، بشكل مسلّح بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والمحمولة، والإعلان عن انخراطهم في مواجهة "التكفيريين" وجهوزيتهم لذلك، بانتظار قرار أو إشارة من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وهو ما نشره تقرير لقناة تلفزيونية متحالفة مع الحزب، حيث أظهر المطلوب (ن. ز) مدججاً بالسلاح مع مطلوبين آخرين، كانوا يستقلون سيارات رباعية الدفع، جهّزت بمدافع رشاشة وبنادق آلية في قرية بقاعية لم يذكرها التقرير، وكانت هذه السيارات المسلحة تجوب الشوارع، وتطلق الأعيرة النارية أحياناً.
يا سعد اللبنانيين بعد اليوم، فقد بات تجار الحشيشة والمخدرات في مواجهة "التكفيريين" في جرود الحدود اللبنانية السورية، لكنه سؤال يحيّر كثيرين: أيهما أخطر على لبنان واللبنانيين، بل والعالم، الذي صنّف "إرهابياً" ويعيش في تلال جرداء يواجه الموت البطيء، أم الذين ينشرون حبوب الموت، ثم يحتمون بالسلاح، ويستخدمونه لحماية تلك السهول التي تصدّر الموت إلى كل العالم؟
ما يجري في بعلبك الهرمل وجرود عرسال فضيحة أكثر مما هو مواجهة من يسمّون "التكفيريين"، فضيحة للدولة الغائبة، والتي يستعرض فيها المطلوبون سلاحهم، طولاً وعرضاً، من دون أن يقيموا اعتباراً للدولة، وفضيحة للقيم التي كانت ترفع شعار محاربة الفساد والمخدرات، فإذا بها تلوذ بتجار المخدرات من أجل مصلحة عابرة، وفضيحة لمجتمع يبدي استعداده يوماً بعد يوم للذهاب إلى الجحيم برجليه.
 

  • شارك الخبر