hit counter script

الحدث - نادر حجاز

عن والدة تنتظر الصباح العاشر من خلف جرود عرسال

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"تسعة أشهر روحك معلقة بروحي وتسعة أشهر غايب عني يا روحي وتسعة أيام انشالله بشوفك يا حبيب روحي" ... كلمات مفعمة بهذه العاطفة لا بد وأن تكون عابقة بأمومة مقدسة، فكيف بها إذا كانت من والدة تنتظر عودة ابنها من سجن مجهول خلف حدود الخوف والأرض المشتعلة.

كلمات كتبتها والدة أحد العسكريين المخطوفين على صفحة استحدثتها على الفايسبوك بعد يوم واحد من تداول وسائل الإعلام معلومات مفادها أن إطلاق العسكريين المحتجزين لدى جبهة النصرة سيحصل بعد عشرة أيام. وفي اليوم التالي بدأت هذه الأم كما غيرها من الأمهات بعدّ الأيام، وكلما انقضى ليل ونهار كبُر الأمل في عينيها بانتظار الصباح العاشر الذي سيدقّ "حبيب روحها" باب المنزل من جديد عائداً ببدلته المرقّطة يقبّل يديها طالباً حسن الدعاء.

انقضت الشهور التسع صعبة عليها، لم تخرج كثيراً على الإعلام، على قدر ما ترقبّت الأخبار العاجلة علّها تحمل شيئاً يثلج قلبها، لاجئة إلى وسائل التواصل الإجتماعي، علّها تجد في تعليقات الأصدقاء والأحبة بعضاً من الأمل، باحثة عن أي صورة للجندي الشجاع بين رفاقه في الأسر، أو تلك التي سبق وزيّنت بها جدران بيتها بين أطفاله وأخوته وعائلته.  

انقضت الشهور العجاف ليبدأ العدّ العكسي، بنظرها على الأقل، فليس هناك من نبأ مؤكد، فالوعود لطالما كانت كثيرة كما خيبات الأمل، ودموع والدات علي السيد وعباس مدلج ومحمد حمية وعلي البزّال خير شاهد على الحلم حين ينكسر.

إنه عالم بحد ذاته، هذا الذي يعيشه أهالي العسكريين، والذي لا يزال أهالي مفقودي الحرب اللبنانية يعايشوه حتى اليوم، عالم ملؤه صلاة، ولا شيء سوى الرجاء.

ستبقى هذه الأم التي زارت إبنها في جرود عرسال ولمست شعره المبعثر ويديه الصابرتين، تعدّ ما تبقّى من أيام وساعات، الكل يغفو في تلك القرية النائية، ووحدها تراقب طلوع القمر وصياح الديك، ففي عينيها عقارب ساعة على إيقاع نبض قلبها القلق.

ليس من كلام يقال لها سوى التمنّي بأن تكون الوعود هذه المرة صادقة، وأن لا يأتي الصباح العاشر كما في كل صباح مرّ في الأشهر التسع الماضية ... لكنها تبقى أم بكل ما فيها من قداسة الأمومة ،ولا يمكن لقلبها أن يخذلها.

تأخذنا تفاصيل حياتنا اليومية، وغالباً ما ننسى من ضحّوا بأرواحهم وشبابهم لتبقى لنا صباحاتنا الدافئة، ألا يستحقوا منا أن نصلّي لهم ومعهم بانتظار الصباح العاشر الذي لا بدّ أن يطلع يوماً؟.

  • شارك الخبر