hit counter script

الحدث - مروى غاوي

لقاءات بعبدا... ومفاوضات الفرصة الأخيرة

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٨ - 05:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

سببان أساسيان دفعا رئيس الجمهورية لإطلاق مبادرته التشاورية، هما الأفق السياسي المسدود أمام أزمة التأليف بتمسّك طرفَي النزاع في العقدة السنية بمواقفهما، والخطر الاقتصادي والمالي الذي لامس الخطوط الحمراء، فجرى فتح جلسات التشاور في القصر بعد سحب "فتيل" الرسالة المتفجّرة التي كان يزمع رئيس الجمهورية توجيهها إلى مجلس النواب لاستعجال التأليف إذ تبين أنها كانت ستؤدي إلى المزيد من التشنج الداخلي. وقد تبلّغت الرئاسة عبر قنوات محدّدة أن الجلسة كانت ستواجه مقاطعة من الكتل النيابية الكبيرة وأن الرئاسة الأولى ستتعرّض للإحراج حيث لن يتأمن النصاب للاستماع إلى رسالة الرئيس فاختار رئيس الجمهورية اللجوء إلى اللقاءات التشاورية .
النتيجة النهائية لمرصد لقاءات بعبدا لم تُسجل أي تقدّم في ظلّ مراوحة العقدة مكانها وتمسّك الأطراف بمطالبهم، وهذا ما تسرّب من أجواء لقاء الرئيس مع وفد حزب الله أو اللقاء بين الرئيس واللقاء التشاوري، وكان واضحاً في الاجتماع بين رئيس الجمهورية واللقاء التشاوري أن الرئيس عون بدا ضاغطاً على النواب الستة للخروج بموقف يُنهي الأزمة إذ طلب منهم التفكير بمسألتين الوضع المالي والاقتصادي والعبء الذي يُسببه تصلّبهم على السيد حسن نصرالله الذي وعدهم بالتمثيل وكأن رئيس الجمهورية يدعوهم لتحرير حزب الله من الالتزام بالوعد.
الواضح من القراءة بين سطور لقاءات بعبدا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة أن رئيس الجمهورية يقود المفاوضات الأخيرة على قاعدة فرض التنازلات وهو أكد أمام الوفد التشاوري بما معناه أن التضحية للوطن ليست تنازلا".
ومع إمساك بعبدا بورقة التفاوض وإصرارها على إنتاج الحلّ الحكومي، يرصد المراقبون أن بعض مكونات 8 آذار في صدد إعادة قراءة المعطيات بضغط رئاسي لتسيير الوضع الحكومي الجامد وإنهاء التجاذب مع الرئيس المكلّف تحت عناوين التنازل للمصلحة الوطنية، وبعدما ثبت أن تكليف الحريري لا تراجع عنه وأن فريقاً أساسياً في 8 آذار يتطلّع إلى التعاون معه في تشكيل الحكومة، فالرئيس الحريري يستند إلى مقوّمات تعزّز مناعته السياسية وبقاءه على رأس الحكومة أكثر من أي وقت.
تأكد أيضا لفريق 8 آذار أن سعد الحريري لا يستسلم، فهو يستند على قاعدة شعبية لا تتزحزح وتنتقل معه مهما كانت خياراته معقدة، فالحريري "محصّن" من الجميع في الداخل من الطائفة السنية التي تلتف حوله كلما إهتز الوضع واقترب أحدهم من صلاحيات الرئاسة الثالثة ومن المجتمع الدولي أيضا الذي يدعم الحريري من أزمة السعودية إلى اليوم.
تبلّغ فريق 8 آذار ان الحريري لن يعتذر عن التكليف وسيبقى على موقفه مهما كان حجم الضغوط ، وثبت انه مدعوم ومعوم خارجياً وثمة اجماع داخلي وخارجي لا مثيل له لبقائه رئيساً للحكومة، فيما ترفض الرئاسة الاولى ايضاً اضعاف الحريري، وكان رئيس الجمهورية أبلغ المعنيين في مفاوضات العقدة السنية أنه يرفض اخضاع الحريري و يريده قوياً في رئاسة الحكومة .
إن اعتذار الحريري سيوقع البلاد في أزمة تكليف لن يكون فريق 8 آذار بمنأى عنها، فالحريري هو من أكثر الشخصيات السنية اعتدالاً وقدرة على التعامل معها، كما ثبت في فترة السنتين من عهد الرئاسة الأولى التي لم تشهد فيها علاقة بعبدا والسراي تشنجات قاسية فيما كانت علاقة حزب الله والحريري رغم الخصومة السياسية في حالة ربط نزاع وتمكنت من تجاوز مطبّات وخضّات كبرى، فثنائية "عون - الحريري" أدهشت الوسط السياسي بمستوى العلاقة "السوبر إكسترا" بين الرئاستين فيما لم يعمد الحريري في الحكومة السابقة إلى التهجّم على سلاح حزب الله بل تعاطى معه أمام المجتمع الدولي بأنه "أمر واقع" وأن الحزب جزء من المكوّن اللبناني يصعب اقتلاعه وإزالته.
هذه الأسباب تدفع فريق 8 آذار لإعادة صياغة الموقف التصاعدي الذي لوّحت به ضدّ الحريري سابقاً، وبدون شك فإن الضغط الرئاسي من شأنه أن يساهم في وضع ولادة الحكومة على السكة المناسبة، وثمّة من يتحدث عن مخرج جرى التحضير له في منتدى لندن الاقتصادي ويتمّ البحث فيه حالياً مع بعبدا وحزب الله.

  • شارك الخبر