hit counter script

الحدث - عادل نخلة

باريس واللهيب اللبناني

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٨ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتعقّد أمور تأليف الحكومة يوماً بعد يوم، في حين أنّ الوضع الإقليمي والدولي ليس مؤاتياً للتشكيل بعد.

ينشغل العالم بما ستؤول إليه الأوضاع في إدلب وما إذا كانت ستنتهي بتسوية سياسيّة كبيرة تؤمّن خروج المسلّحين ودخول الجيش السوري والروسي إليها، أو أنّ الأميركيّين يريدونها أنْ تبقى شوكة في خاصرة الروس، لأنّها قريبة من القواعد الروسية في اللاذقية وطرطوس، وتشكّل مصدر تهديد لهم.
وتأخذ الحرب السوريّة مزيداً من المراوحة، لأنّ الحل السياسي الذي يطمح إليه الروس ويحاولون تسويقه مع الأميركيّين ما زال بعيد المنال، خصوصاً وأنّ اتفاق هلسنكي الذي تم بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لم يسلك طريقه إلى التطبيق الفعلي بعد.
وأمام هذا المشهد الإقليمي والدولي، يبدو أنّ الدول لا تعطي أهمّية للملف اللبناني من الناحية السياسية، فيما الأولويّة الأمنيّة تبقى الأساس عند واشنطن والدول الأوروبيّة وحتى موسكو.
وتتعاطي فرنسا مع الملف اللبناني من ضمن الحرص على لبنان أوّلاً، ومن أجل لعب دور في المنطقة ثانياً، وهذا الدور يبحث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه، وذلك لاستعادة حضور بلاده إنْ كان عبر السياسة أو عبر دخول شركات النفط إلى المناقصات النفطيّة في سوريا ولبنان.
وفي هذه الأثناء، يقوم السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه بحركة مكّوكية محاولاً القيام بوساطة ما من أجل تسهيل التأليف وإنقاذ الوضع المالي والاقتصادي.
وتنطلق فرنسا في حركتها من مبدأ فصل لبنان عن أزمات المنطقة، وعدم انتقال النار إليه، فقد أُبعد لبنان عن حرائق المنطقة لمدة سبع سنوات، ولا تريد باريس أنْ يغرق لبنان بالأزمات السياسيّة التي قدّ تعطي مفعولاً يوازي الحروب الأهليّة التي تعصف بالمنطقة.
ومن جهة ثانية، تؤكّد الدبلوماسيّة الفرنسيّة أنّها نجحت بتحقيق إنجاز كبير وهو انعقاد مؤتمر "سيدر 1" وما نتج منه من مساعدات مالية وقروض للبنان، وهي تريد أنْ يستثمر هذا المؤتمر لتقول إنه أعطى ثماره، وإلا تكون خطوة باريس هذه ذهبت أدراج الرياح.
ومن أهم الخطوات المطلوبة لتنفيذ بنود هذا المؤتمر هي تأليف حكومة والمباشرة بإصلاحات ضرورية.
إلى ذلك، فإنّ الهاجس الأمني ما زال مسيطراً على أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، وما وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان إلا سبباً كبيراً لتحرك باريس والعواصم الأوروبيّة من أجل إبقاء الوضع هادئاً ومستقراً وإلاّ سيعبر هؤلاء النازحون المتوسّط ليصلوا إليهم.
ولعل كل تلك العوامل دفعت باريس إلى تكثيف حراكها، والانتقال من مرحلة المراقب إلى مرحلة المبادر، لكن المطّلعين على عملية التأليف يرون أنّ الخطوة الفرنسيّة، وإنْ كانت صادقة، فلن يكتب لها النجاح.
ويعود السبب في ذلك إلى أنّ معظم العقد هي داخلية، وسط تمسّك كل فريق بمطالبه، وهذا الأمر ليس في يد فرنسا، كذلك فإنّ العوامل الخارجيّة المؤثرة في التأليف هي عند السعوديّة وإيران، وقد جرّبت باريس سابقاً عندما كانت أزمة الفراغ الرئاسي مستفحلة ولم تنجح، لذلك فإنّ الخطوة الفرنسيّة تأتي في الوقت الضائع وسط تساؤل كثر هل ستنجح فرنسا في وقت فشل الآخرون.


 

  • شارك الخبر