hit counter script

الحدث - عادل نخلة

رئيس ما بعد "الطائف"... وزراء مقابل الصلاحيات

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٨ - 06:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا تزال المشاورات لتأليف حكومة الوحدة الوطنية، أو ما سيُعرف لاحقاً بـ"حكومة العهد الثانية" مستمرةً، وسط ترقب للمسوَّدة الأولى لتوزيع المقاعد التي سيضعها الرئيس المكلف سعد الحريري الذي غادر الى السعودية.

عند كل استحقاق حكومي في مرحلة ما بعد "الطائف" (الموقَّع عام 1989) تعود بنا الأذهان الى زمان تأليف الحكومات في فترة ما قبل الحرب الأهلية، ويترحم المسيحيون على حال رئيس الجمهورية قبل الاتفاق الشهير، حين كان الحاكمَ الاول في عهد ما سُمّي "المارونية السياسية"، يستمدّ قوّته من الصلاحيات الدستورية الواسعة الممنوحة له، كما من الوضع السياسي الذي كان قائماً آنذاك.
وعندما طُرحت أخيراً نظريةُ ضرورةِ امتلاك من يتقدم ليكون رئيساً للجمهورية تمثيلاً شعبياً واسعاً، بل أن يكون من الأوائل تمثيلاً عند المسيحيين، كان ينبري مَن يدحضها بالقول إن معظم الرؤساء الذين انتُخبوا قبل "الطائف" لم يكونوا زعماء المسيحيين أو يتمتعون بشعبية واسعة.
لكن الحقيقة مغايرة تماماً، فإن مصدر قوة أي رئيس بعد الاستقلال وقدرته على الحكم بقوة كان صلاحياته الواسعة، وهو ما لم يعد موجوداً في أيامنا، التي بات كل كلام فيها عن دور "الرئيس الجامع" و"رئيس الكل" يشبه كلام الشعر، وشكَّل تحويلُ الرئيس الى ما يشبه ملكة بريطانيا ضربةً للدور المسيحي في لبنان والشرق.
الصلاحية الوحيدة التي بقيت للرئيس بعد "الطائف" هي وجوب توقيعه مرسوم تأليف الحكومة، حيث ينص الدستور بوضوح وصراحة على أن تشكيل الحكومة يحصل بالتفاهم والتنسيق بين رئيسَي الجمهورية والحكومة المكلّف، فيما جرّد "الطائف" رئيس الجمهورية من معظم صلاحياته ووضعها في "مجلس الوزراء مجتمعاً".
وبما أنّ رئيس الجمهورية اللبناني هو حاكم وحَكَم، فيجب أن تكون كلمته نافذة في تأليف الحكومات، لا أن تَفرض القوى السياسية رأيها عليه ويصبح في موقع مَن ليس له سوى الموافقة والتوقيع فقط، أي "باش كاتب".
وإن من أهم الأعراف التي كُرّست بعد "الطائف" أن يحظى رئيس الجمهورية بحصّة وزارية، لكن الخطأ الذي وقع فيه معظم الرؤساء المتعاقبين هو قبولُهم من جهةٍ بأن تكون حصصهم متدنية العدد وتساوي حصة أي كتلة سياسية، ومن جهة أخرى بأن تتكون في أغلبها من الوزراء المسيحيين.
ومن هنا وقَع كلٌّ من "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحرّ" في الخطأ، فقد ظهر موقف "القوات" الأخير –على رغم طموحه الى تعزيز دور الرئاسة- برفض فصل حصة الرئيس الوزارية عن حصة "التيار الوطني الحرّ" وكأنه موقف ضد الرئيس، في حين أن حقيقة موقف "القوات" هو صون الرئاسة وعدم إدخالها في لعبة بازارات الأسماء والمستوزرين.
ومع محاولة "التيار الوطني الحرّ" تعزيز دوره الحكومي باستخدام حصة رئيس الجمهورية، فإنه يحوّل الرئيس الى فريق سياسي يتنازع مع من يجب في الأصل أن يحتضنهم.
ويؤكد الجميع أن الرئيس يجب ان تكون له حصة وزارية وازنة ومن جميع الطوائف، لا أن تقتصر على المسيحيين، وربما يحظى وحده بالثلث الضامن ليشكل ضمانة لاستمرار العمل الحكومي وتوازنه، لأن لبنان بلد التسويات ولا يحكم الا بالتوافق، ولا يمكن رئيس الجمهورية أن يكون مع طرف على حساب آخر.
لا شك في أن "الطائف" يحتاج الى ورشة عمل، ومن ضمنها تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية ليكون حَكَماً وحاكماً في آن، وفي ذلك تعزيز لدور الدولة، فمجلس وزراء يظن كل وزير فيه نفسَه رئيساً للجمهورية يؤدي الى ضياع السلطة وتشتتها، وإلى فدرالية تشرّع الفساد، ولا تبني أوطاناً.
 

  • شارك الخبر