hit counter script

الحدث - جورج غرّة

"السفسطائيون" جماعة تجتاح لبنان من دون معرفتنا... صدمة!

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أولا من هم السفسطائيون لتكون الامور أدناه واضحة للجميع:

إنهم جماعة برزت في القدم في اليونان وتحديدا في آثينا، إنحدروا من طبقة النبلاء الأغنياء وإستهتارهم بالمواطنين وإذلالهم لهم، ما ادى الى بروز نزعة فردية تضع المصالح الشخصية فوق المصالح العامة ومصالح الشعب. في حينه وبسبب انتشار الديموقراطية في آثينا، وصلت الامور الى إنحلال في العقيدة الدينية، فنبذ الناس آلهتهم، بسبب إستنارة عقولهم. وتفسخت التقاليد وبرز عامل الشك بكل شيئ.
في ذاك الحين، برزت جماعة السفسطائيين في اليونان، وارتبطت بعلم السياسة، وتم ربط السفسطة بفن إفحام الخصم والبلاغة والقدرة على الجدل والتلاعب بالألفاظ، وأبرز تعاليمهم كانت فن الخطابة، وهم لم يعلّموا الشباب هذا الفن بل علّموهم كيف يخدمون فكرتهم وان يدافعوا عنها بالحق وبالباطل، بالصدق او بالكذب، بالمكر او بالصراحة، وبتمويه الحقيقة والخداع ودحض الحجج وخداع المنطق والتلاعب بالألفاظ. ومن أجل ذلك سمي ما يحصل في حينه بـ "السفسطة".
بالنسبة للسفسطائيين ليس هناك قانون عادل بحد ذاته، فالقوانين وضعت لإخضاع الشعب، واختلاس ثمار جهد الدولة وتعبها وقوتها، وإذا بلغ الإنسان من القوة مبلغا يستطيع معه الخروج عن القانون من غير ان يعاقب فيحق له ذلك، وكان السفسطائيون اول من رأى ان القوة هي حق.
بعد كل ما وصفناه وما قدمناه عن السفسطائيين، السؤال: كيف وصلوا الى لبنان؟
لم يصل هؤلاء الى لبنان عن طريق الصدفة بل اوصلهم شعب الى مقاعد المجالس والمراكز العليا عبر صناديق الإقتراع، فهم السفسطائيون الجدد الذين يسيطرون على لبنان بفن الخطابة والتجييش الطائفي، واللعب على الأوتار الحساسة وإثارة الغرائز، فهم يوهمونه ويناورون عليه ويردون على السؤال بسؤال، فهم يفحمون الخصم على الشاشات، ويتحدثون بالباطل والكذب والمكر وطمس الحقيقة وتمويهها.
في لبنان، يمكن لهؤلاء الخروج عن القانون دون عقاب لانهم بلغوا مرتبة تمكنهم من ذلك. وانتم تحدقون الى هذه السطور تمر صورهم في عقولكم، وتكتشفون الفن والعلم القديم الذي يمارس على الشعب اللبناني اليوم بكل تفاصيله، فالتشبيه جائز والربط قائم ما بين السياسيين في لبنان والسفسطائيين في اليونان القديمة.
في لبنان، نعيش اليوم في مركب من الوهميات ونعيش في مسرحية يلعب فيها السياسيون بإفحام بعضهم البعض، فما يحصل هو ان هذا يدحض فكرة ذاك، وذاك يكذّب فكرة هذا، جميعهم ينكرون الحسّيّات والقانون والمنطق، والشعب اللبناني بات يعيش بحكمة مموهة.
فيا أيها السفسطائيون الذين تعيشون بيننا، ستزورون بيوتنا قريبا للحصول على أصواتنا، وستحصلون عليها مجددا لأنهم سكنتم عقولنا عبر السفسطة.

  • شارك الخبر