hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

حوار بعبدا: "خطاب قسم" جماعي

الجمعة ١٥ حزيران ٢٠١٧ - 06:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

5 أيار 2014 كانت جلسة الحوار الاخيرة التي عقدت في قصر بعبدا برئاسة ميشال سليمان قبل انضواء ولايته الرئاسية في الرابع والعشرين من أيار من العام نفسه.
يومها ختم سليمان آخر جلسات الحوار الوطني خلال ولايته الرئاسية مسجلا في رصيده الدعوة إلى 21 جلسة لم تعقد كلها. 18 منها جمعت الأقطاب حول طاولة واحدة، لكن من دون إحراز اي تقدّم في ما يتعلق بالبند الوحيد الذي كان مطروحا آنذاك على جدول أعمالها وهو بحث "الاستراتيجية الدفاعية"، واستطرادا سلاح حزب الله.
يومها أبقى "حزب الله" وعدد من حلفائه على مقاطعة الحوار اعتراضا على خطاب سليمان في عيد الجيش حين دعا إلى عدم التشبث بـ"معادلات خشبية" في البيان الوزاري في إشارة إلى ثلاثية حزب الله "الجيش والشعب والمقاومة". انتهى حوار بعبدا على عهد ميشال سليمان على غير ما بدأ. مقاطعة من "حزب الله" وحلفائه، اعتذار عن الحضور من قبل ميشال عون. اعتراض على المشاركة من قبل سمير جعجع الذي كان ربط أصلا حضوره بانسحاب "حزب الله" من سوريا.
لكن بالرغم من الاخفاق في التوصل الى مقاربات مشتركة في ما يخصّ الاستراتيجية الدفاعية ومع الغياب المقصود عن طاولة بعبدا خرج سليمان من القصر حاملا معه "إنجاز" إعلان بعبدا (11 حزيران 2012) الذي كانت وافقت عليه بداية كافة القوى السياسية والقائم على تحييد لبنان عن سياسات المحاور والصراعات الاقليمية والدولية. المفارقة أن ينتهي عهد سليمان بالتزامن مع اندلاع حريق هائل وصل إلى محيط القصر الجمهوري جراء ارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح.
تبدو اليوم الصورة في منتهى السوريالية. يبدأ عهد ميشال عون، بعد فراغ رئاسي دام سنتين ونصف، بحريق التهم شجره الميلاد في باحة القصر الجمهوري الداخلية لكن "ضحيته" الأكبر لوحة إعلان بعبدا التي كانت معلقة على أحد جدران البهو.
اليوم صار إعلان بعبدا خلف ظهر الجميع بكل إشكالياته، وإن تبدو القوى السياسية وكأنها تعمل ببعض توصياته بشكل غير مباشر. الاستراتيجية الدفاعية اليوم غير مطروحة، تماما كما بعض المسائل الاستراتيجية والخلافية العميقة.
لا أحد اصلا في قصر بعبدا يتحدث عن "طاولة حوار" بجدول أعمال محدّد وموزّع سلفا على المتحاورين. الدوائر المعنية في القصر حرصت على التشديد على كون اللقاء يقع في إطار اللقاء أو الاجتماع التشاوري. وهو بالتأكيد ليس تكملة لمسار الحوارات السابقة في قصر بعبدا وعين التينة، طالما ان العهد الذي أثقلت إنطلاقته المفاوضات الصعبة حول قانون الانتخاب وتلقّف بغير رضى ولادة القانون مشوب بعيب التمديد لـ 11 شهرا، يهجس بتحويل فترة التمديد القسرية الى ما يشبه ورشة إنتاج وتفعيل على صعيد الحكومة ومجلس النواب وتهيئة الارضية لاستحقاقات دستورية مقبلة عاجلا أم آجلا.
بالتأكيد تكفّل هذا الاجتماع التشاوري، والذي قد يليه إجتماعات مع أطياف المعارضة على رأسها "حزب الكتائب"، بترميم أولا جزء من الندوب التي أحدثها انتخاب عون ثم ملف قانون الانتخاب. ومن أطلع على البيان الصادر عقب إنتهاء اللقاء وجد أن النقاش تمحور حول نقطتين أساسيتين: ملفات لها علاقة بالدستور (اللامركزية الادارية، الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية...) "تتطلب الإقرار والاستكمال والتطوير كي تدخل حيز التنفيذ، ومواضيع اقتصادية وإصلاحية ملحّة تعود بالنفع الكبير على الدولة والشعب والاقتصاد"، كما ورد في البيان.
وشبّه أحد المتابعين "ورقة العمل" التي عرضت على المجتمعين وأخذت حيزا من النقاش ثم جرى التوافق على بنودها، بأنها "خطاب قسم" جماعي يسبق ولادة مجلس النواب الجديد والحكومة الجديدة ويعطي "المشروعية" لتمديد اضطراري شمل البرلمان والحكومة معا ما سيفرض على هاتين المؤسستين إنتاجية ترى الرئاسة الأولى انها مطلوبة وبإلحاح تحت وطأة الملفات الاقتصادية والانمائية الضاغطة من جهة، وضرورة الشروع في البحث في استحقاقات دستورية لم يعدّ جائزا أو مسموحا التهرّب من تطبيقها أو استكمالها.
 

  • شارك الخبر