hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

تأملات في أحوالنا على قدميّ المصلوب

الثلاثاء ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 06:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 

سيدي لا اعلم ماذا أقول لك؟
ولماذا أقول لك، وانت الاعلم بالخليقة وكل البشر؟
أأقول لك ان الزمن زمن ارتداد وخوف؟
أأقول لك انّ اكليل شوكك صار تاجا، وصليبك قلادة، وعباءتك حريرا، وكهنتك بغالبيتهم من اهل العالم ؟؟
هل تعرف أيها العارف بأنك تطرد من مصر وفلسطين وسوريا والعراق وكل الشرق وسط صمت عالمي مخيف؟
اتعلم بانّ السلام والاعتدال وقبول الاخر لا بل محبة العدو ما عادت تشكل اسسا لحضارة انت أسستها؟ وقد بدأت تحلّ محلها حضارات اعتقدنا بانها زالت.
تطرد اليوم من مشرقك والعالم بدأ يغرق تحت سطوة الخوف.
تطرد ربي ويبصق عليك ويجدف على مسيحك في كل يوم ويعلق على خشبة خارج الاسوار كي لا يعود الى الكرم من بعد.
ربي انّ القرار بتصفيتك مازال ساريا، والحاكم مازال نفسه لكن بقناع جديد وسيناريوات جديدة. يحاولون اغتيال وجهك، وهم لا يعرفون بأنه إذا ما غبت غاب السلام في عالم لم يعرفه الا فيك. لا يعرفون بانك تولد كل يوم في قلوب محبة.
يحاولون ان يغتالونك لأنهم لا يريدون لأسلحتهم ان تصير معاولا وللأسود ان ترقد قرب النعاج. فالزمن زمن إبادة وإلغاء وفقر ولا مساواة وحرمان، الزمن زمن طمع والتهام الموارد.
يجعلون من كل منطقة تحوي مواردا ساحة للقلاقل والصدام والعنف، ويحكمون على شعوبها بالموت بإيديولوجيات غريبة تغتال أديانهم وحضارتهم وارثهم الإنساني والحضاري.
موتهم يتخذ من الانجاب وتزايد معدلاته وسيلة، يفرح موتهم بالفقر ويجعل منه مطية للتطرف والجهل والالغاء. نعم فمصر الامس ليست مصر اليوم.
شرائح شابة خرجت وتخرج في كل يوم الى العالم بأعداد كبيرة. تخرج تبحث عن فرص عمل فلا تجدها، فتنقم وتلتجئ الى اوكار التطرف ما تحت الأرض، فيعدونهم بالآخرة. صاروا كثرا جدا لدرجة بانه ما عادت اي حكومة قادرة الان او في المستقبل مهما كان شكلها او طبيعتها، على تأمين فرص العمل والعيش الكريم لهم. والتطرف يعمل عند تنانين السطوة المالية. لكن اي آخرة ينتظر أولئك؟ أترى من يسر بالقتل والدماء الا الملاك الساقط؟
لعنة الموارد تلاحق الشرق والعالم، ومن يقدر ان يحل مفاعيلها وسطوتها الا انت وحدك يا ربي؟
أترى من يستطيع ان يخرج العالم من عصر النفايات والاستهلاك والانبعاثات الغازية والاحتباس الحراري وانفراط عقد التوازن ما بين الانسان ومحيطه، الا انت وحدك؟
ربي لست ماضيا معك اليوم الى اورشليم العلوية كي أدرك مملكتك لأني ما زلت عاجزا عن احتساء الكأس التي انت احتسيتها، فما زلت أخشى موت الجسد. مازلت انكرك كسمعان ثلاثا وأربعا وخمسا مع صياح الديك ومازلت اخونك كيهوذا الإسخريوطي. نعم، لم أستطع ان انتصر على نفسي، فصار الخوف على وجودي هاجسي، اعطيته سطوة على نفسي. لم اتعلم دروسا من الشهداء والمعترفين والنساك ممن سبقوني. لم اتعلم منك يا سيدي ومن مسيرتك شيئا.
الا فأشفق على ضعفي وساعدني ان احمل صليبي فأكون شهادة حية لحضارتك التي هي حضارة المحبة والسلام فأدرك وجه مسيحك.
وتراني في هذا الأسبوع أقف قبالة صليبك وابكي بكاء مرا سائلا الخلاص لكل مصر وسوريا والعراق وفلسطين ولبنان. اتطلع اليك باسطا يديك على الصليب، واردد مع المزمور قائلا: "قم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم".

  • شارك الخبر