hit counter script

الحدث - دافيد عيسى - سياسي لبناني

سمير جعجع... الاكثر ارتياحآ والاقل احراجاً!

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اذا سُئلتُ هذه الأيام من هو الأكثر ارتياحاً والأقل إحراجاً في ظل "العاصفة الرئاسية" التي تجتاح لبنان، لأجيب من دون تردّد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
فقد تصدر "حكيم معراب" منذ اللحظة الأولى لانتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان السباق الرئاسي مصممآ انه سيكون رقماً اساسياً في معركة رئاسة الجمهورية، بحيث اعلن ترشحه الى رئاسة الجمهورية وهو يعرف تماماً كمية الاعتراضات السياسية والعوائق والحواجز الموجودة على طريقه الى بعبدا، لكنه فعلها وقدّم نفسه مرشحآ قويآ ل"14 اذار" ومنافسآ جديآ لمرشح "8 اذار" وهذا ما حوله الى مشروع "رئيس" جدي.
ظل سمير جعجع صامداً ومتابعآ في ترشحه طالما ان المعركة تدور بين مشروعين وفريقين "8 و 14 اذار"، لكن عندما اخذت المعركة منحى آخر خصوصآ بعد "اتفاق معراب" بين "حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر" لم يتردّد جعجع من ترشيح العماد ميشال عون خصمه ومنافسه الاكبر للرئاسة، وفي ان يتحول من خصم ومنافس اساسي له الى حليف وداعم اساسي له.
ترشيح العماد عون اتى نتيجة عملية حوار طويلة بين "الحزبين اللدودين" انطلقت منذ حوالي السنة ونصف من خلال ابراهيم كنعان وملحم الرياشي والذين كان لهما تأثير كبير في نجاح هذا الحوار، وتوصلوا الى "ورقة نوايا" لتكتسب لاحقاً قوة دفع وتُتوج في "ورقة تفاهم" او ما عُرف بـ "اتفاق معراب"، والذي على اساسه تبنى الدكتور جعجع ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية.
اهمية "اتفاق معراب" على المستوى المسيحي تكمن في امرين اساسيين:
- الأول ان هذا الإتفاق كرّس المصالحة التاريخية بين "التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية" بعد صراع طويل سياسي ودموي وطوى بشكل نهائي صفحة الإنقسام المسيحي الحاد الذي كان سبباً مباشراً في تراجع وضعف دور المسيحيين في لبنان وفي تركيبة الدولة .
هذه المصالحة كانت حاجة مسيحية داخلية في ظل الظروف الخطيرة والحساسة التي تعيشها المنطقة وما يتعرض له مسيحيو المنطقة في سوريا والعراق على وجه الخصوص، وقد اُرسيت على ارضية سياسية صلبة واعطت نتائج فورية على مستوى القواعد الحزبية ومناصري الحزبين، واشاعت كذلك اجواء ارتياح عند اغلبية المسيحيين الذين يختلفون على اسم الرئيس المقبل ولكنهم يجمعون على ضرورة انتخاب رئيس جديد وعلى دعم المصالحة من اجل طي صفحة الماضي الأليم والاسود بين الفريقين.
وهم يأملون ايضآ في ان لا يبقى هذا الإتفاق محصوراً بين "التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية" الحزبين الاكبر عند المسيحيين، بل ان يتوسع التشاور وتتمدد الوحدة ليشمل جميع الاحزاب والقوى المسيحية وفي مقدمهم "حزب الكتائب وتيار المردة" حتى لا يشعر احداً انه مستفرد او عرضة للتهميش والإلغاء وانه مستهدف من هذه "الثنائية المسيحية".
- الأمر الثاني "اتفاق معراب" ادخل تغييراً في المعادلة السياسية اللبنانية فلم يعد المسيحيين في موقع "التابع" لهذا او ذاك، وبات الطرف المسيحي موجوداً وحاضرآ وله كلمته ومكانه وصار قادراً على الأقل ان يكون عامل توازن وشريك فعلي في اللعبة السياسية الداخلية.
برهن سمير جعجع منذ ترشيحه عون للرئاسة انه حليف صادق وجدي، وان مسألة ترشيحه لعون لم تكن مناورة سياسية كما اعتقد البعض، وهذا تأكد عملياً من خلال المسار الذي سلكه وخصوصآ بعدما بذل جعجع جهوداً مركزة وحثيثة محاولآ اقناع سعد الحريري صديقه وحليفه الاساسي في " 14 اذار" بتأييد عون لرئاسة للجمهورية.
الحريري لم يكن ليأخذ قراره الصعب بتبنّي ترشيح عون للرئاسة (وقد بدت هذه الصعوبة واضحة من خلال كلمة الحريري في احتفالية الترشيح في بيت الوسط وردود الفعل الفورية عليها من السنيورة والمكاري وفتفت والحوري وقباني وغيرهم ممن غابوا او تغيبوا) لولا جملة عوامل ذاتية وداخلية وظروف اقليمية مساعدة، ولكن يبقى ان موقف جعجع الداعم لعون لعب دوراً اساسياً في تشجيع الحريري للسير بهذا الإتجاه.
مع إعلان جعجع والحريري تأييدهما للعماد عون لرئاسة الجمهورية، تحقق امران على الفور:
اولاً قذف جعجع والحريري بكرة الرئاسة وكل ما يمتّ اليها من مسؤولية بعيداً عن ملعبهما ليصبح الملف الرئاسي عند "الفريق الشيعي" وتحديدآ عند "حزب الله" حليف عون خصوصآ بعدما اعلن الرئيس بري عن خياره المؤيد للوزير سليمان فرنجية.
وثانياً عندما حقق العماد ميشال عون اختراقآ "سنيآ" ولو بنسب متفاوتة داخل كتلة الحريري النيابية الذي انقسم بين مؤيد ومعارض بعدما كان معارضآ بالكامل.
من هذا المنطلق كان من الطبيعي وبعد كل الذي حصل، ان يصبح الدكتور جعجع حليفاً ثابتاً للعماد عون سياسيآ وانتخابيآ، وان يكون بالتالي الشريك المسيحي الأول في "العهد الجديد" اذا ما قدر لعون الوصول الى سدة الرئاسة، وعندها سيعود "حكيم معراب" الى الحكم من الباب الواسع بعد طول احتجاب واستنكاف رافضاً خلالها المشاركة في الحكومة الحالية والمشاركة في طاولة الحوار الوطني.
في الخلاصة صحيح ان سمير جعجع جزم بان ميشال عون سيكون رئيسآ للجمهورية في 31 تشرين الاول وان سعد الحريري سيكون رئيس حكومة العهد، لكن هذا لا يحجب التعقيدات المتنامية على مقلب المعارضة لخيار عون رئيسآ لدى بعض الاطراف السياسية وفي مقدمها رئيس حركة امل نبيه بري وسليمان فرنجية وغيرهم من المعترضين.
في الختام لا بد لنا من القول ان اللبنانيين لا يزالون يعيشون حالة حذر وترقب، والوطن اسير "حبس الانفاس"، لان التفاؤل بانتخاب رئيس جديد كبير وكذلك خيبة الامل، اضافة الى ان هناك تخوف اساسي على المستوى الحكومي اذا ما انتخب رئيس يكمن في استبدال الفراغ الرئاسي بفراغ حكومي لا يقل خطورة ايضآ عن الفراغ الرئاسي الذي عشناه.

 

  • شارك الخبر