منذ إعلانه ترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية والتمسك به، خسر الرئيس سعد الحريري اسهما داخل تيار المستقبل، وهذه الخسارة اصابته مباشرة في الصميم في معركة طرابلس البلدية، إذ ان كل العوامل إجتمعت ضده في تلك المعركة المشؤومة التي لا يزال المستقبل يتخبط فيها شمالا.
اليوم يعمل الدكتور سمير جعجع على إقناع الحريري بتنفيذ عملية كومندوس، والانقلاب على كل شيء وتأييد وانتخاب العماد ميشال عون داخل جدران مجلس النواب، ولكن الحريري يخاف من تنفيذ تلك العملية التي سيسقط له فيها عناصر جديدة من تيار المستقبل، لانه ومنذ ترشيحه لفرنجية يحاول اعادة الامساك بتياره المشتّت اصلا بسبب التغيب عنه لسنوات.
الحريري يعلم جيدا انه للوصول الى القصر الحكومي يجب ان يصل عون الى قصر بعبدا قبله، ولكنه لا يملك ضمانات ويخشى الانقلابات اللاحقة، وجعجع يحاول تطمين الحريري ومنحه الضمانات التي تريحه، ولكن من يريحه داخل المستقبل بعدما جسّ الحريري نبض كتلته تجاه عون؟
جعجع يقول للحريري إن تأييد عون فيه خسارة أقل من بقاء الوضع على ما هو عليه اليوم، لأنه عبر تلك العملية الدقيقة التي يصفها جعجع بعملية "كومندوس" تنفذ بدقة وحرفية، إحراج كبير لحزب الله، وهي كوضع اليدين على عنق الحزب، ودفعه الى تنفيذ تعهداته العلنية بإيصال عون الى بعبدا وانتخاب رئيس للجمهورية وإثبات انه لا يقف عائقا أمام مرشحه المعلن، لأن البعض يراهن ان الحزب سيختلق عراقيل أخرى لأنه يريد اكثر من الرئاسة.
الحريري منشغل اليوم بأزمته المالية وتصفية شركة "سعودي اوجيه" في السعودية، والجميع على دراية أن الحريق الاقليمي وانقطاع التواصل السعودي - الايراني هما من الاسباب المباشرة لإستمرار الفراغ الرئاسي. وكل المحاولات الدولية والعربية لحلحلة الملف باءت بالفشل بسبب عدم وجود أرضية محلية يمكن الانطلاق منها، والاتصالات اليوم معدومة والخطوط مقفلة بين الجميع، حتى بين الحلفاء.
انتخاب رئيس في لبنان أمر مستحيل حاليا ما دام الحريري ملتزماً بالقرار السعودي، وما دام حزب الله يضع العصي في دواليب العماد عون من جهة، ويعلن تأييده له من جهة أخرى، لتحقيق أهداف أكبر من كرسي بعبدا. ماذا لو فعلها الحريري وأيد عون في عملية "كومندوس"؟... ففي المدى المنظور لن يفعلها ليس لأنها ستفشل بل لأن أمر العمليات لم يصدر بعد.