hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - مازن ح. عبّود

وصايا القندلفت إلى بناته عشية الفصح

الأربعاء ٢٨ نيسان ٢٠٢١ - 00:02

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

جمع القندلفت بناته، وقال: "لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ". هذا أفضل ما افضى به سيدنا بولس الرسول لنا في رسالته، وهذا ما أقوله لكم بدوري. ألا فأعدّوا لنا مأدبة عشية هذا الخميس. فالفصح على الأبواب ومن الواجب ان اتناول الفصح معكم ومع تلاميذي قبل ان تغصّ مفكرة البونا بالمواعيد، فيُلزمني بها. وصيتي اليكم ان تأكلوا ولا تستمعوا إلّا الى ابيكم ولا تكونوا مثل "راحيل" الحنبلية الفهم في المسيحية والتي لا تأكل ولا تسمح لاحد ان يأكل.

وقد كانت بناته تَحصينّ البيض والغلة التي جمعها الشبيبة للخوري في سبت اليعازر، على ما درجت العادة في تلك المحلة. والغلة من بيض ونقل ولوز وجوز تكاد تكفي لضيافة معايدة الرعية. خاف القندلفت ان يشكّ به. فشكّ هو في قدرات الأولاد على لعب دور السيّد المسيح وإقامة اليعازر من بين الأموات لاستدرار البيض لزوم سلاقته كي يُعاد توزيعه على المؤمنين مع الغلة بعيد زياتهم الخوري للمعايدة. واعتبر بأنّ الأولاد بطبيعتهم لا ينفكون يتصرفون كـ "واوية" في الكثير من الأحيان. لذا، فهم لا يؤتمنون على الغلة والبيض.

إلّا انه عاد فتذكّر بأنّ الزمن زمن كورونا وازمات واقفال طرقات وتشليح وشح. فشكر ربه على ما تمّ جمعه. ثمة مشكلة في عوز الناس وخوفهم. وهذا ما أدى الى تراجع الإيرادات وتردي الحياة. ثمّ تكلم عن التأثيرات الكربلائية على المسيحية التي يتوجب تخطيها في الصوم والاسبوع العظيم. تكلّم عن وجوب إعادة تسطير أنماط جديدة للمسيحية تستقي السيف من العهد القديم وتسعى الى التفتيش عن آيات القوة والسيف في العهد الجديد. فما يلزم هو قوة الزند بعد ان اتحفه واغرقه منظرو الطائفة بقوة المحبة. فالمرحلة كانت مرحلة إضرابات وهلع وسقوط مؤسسات. كان الزمن زمن شخصيات من كرتون تفرض رهبة رقمية. وهذا ما يتطلب مسيحية بنسخة جديدة تجابه الداعشية.

امسك القندلفت كأس العرق وتطلّع ببناته قائلا: "كأسكنّ يا جميلات، كأسكنّ يا بابا. يجب ان نتعلم من المسيح. واليوم في هذا العشاء الشريف الذي يسبق الفصح سأبلغكم ما استخلصته من عبر:

أولا، إيّاكم ان تتزوجوا نجارين لا يستطيعون ان يذودوا عنكم. فيحصل لأزواجكم ما حصل مع الناصري. وتصيرون غرباء في دنياكم. لا تفعلوا كما فعلت امنا مريم. فلو انّ العذراء تزوجت مار سركيس او مار باخوس او حتى تيودوروس قائد الجيش بدل يوسف النجّار عليه السلام، لكان الوضع أفضل وما كان حصل ما قد حصل. فلا هي كانت قد ولدت في مغارة، وتشرّدت الى مصر، ومن ثمّ اغتيل وحيدها على يد عصابة. لو انها قبلت وتزوجت قديساً محارباً مثلاً، لكان اصطف من حولها محاربون اشداء من لفيفنا ممن يستطيعون الذود عنها وعن ابنها. ولكان ابنها قد دخل الى اورشليم على رأس فرقة من الخيّالة وأرعب اليهود ومحق الرؤوس. ولوانّ ذلك حصل لكان قد تغيّر كل شيء، وما كابد ابن الانسان عناء الصلب ومات غريباً منبوذاً. المحبة جميلة لكنها لا تذود عن مضطهد ولا تطعم جائعا. نظم الحياة التي رسمها رائعة لكنها لا توفر لنا الحماية ولا تصلح لجماعتنا في هذا الشرق. اعدادنا تتراجع وكهنتنا يتكلمون عن قوة المحبة. ورفع كأسه وقال كأسك يا وطن.

يا بنات إني أقول لكم هذا وانا اليوم معكم اما غداً فلا. أقول لكم ذلك وقد حصل ما حصل. نعم انّ والدكم يوصيكم ان تَتَزوّجْنَ من كبار المقاتلين الاشاوس. فقد قرفنا من زمن النواح. وقد وافى زمن المواجهة والرجال.

ثانيا، اوصيكم بأكل اللحم في الأسبوع العظيم. ألا هيا احضِرْنَ يا فتيات "الكبة النية واللحمة النية".

وصارت امرأته تشكو، فنهرها قائلا: "اما أطعم يسوع تلاميذه دمه وجسده يا امرأة عشية هذا اليوم من نهار الخميس العظيم، فما العيب من ان لا نتناول لحم بعضنا بل من لحوم البقر والماعز مما اوجدها الخالق لخدمتنا، فإما ان نؤمن بما قام به المسيح او لا نؤمن، أما وَرَدَ هذا في الانجيل عليه السلام؟

ثمّة إصلاحات مطلوبة اليوم في المسيحية. فإن لم نستطع ان نكون على حجم ما رسمه الاقدمون لنا، فلنرسم ما يتلاءم مع مقاساتنا وازمنتنا. ثمة أمور يجب ان تتغيّر بعد كورونا، وانا سأصارح قدس ابينا الجليل بها. مواكبة العصر ضرورة.

لقد رسم القندلفت مسيحية على مقاساته لا تتطابق مع ما رسمه الناصري، وهو لم يكن وحيدا. فكثر ممن كانوا ينادون بما لا يؤمنون فعلا به. إلّا اننا نؤمن فعلا يا اولادي بذلك الغريب الذي ما وجد مكانا يسند اليه رأسه، فصار الكون برمته له. ذاك الذي أرسى نواميساً جديدة ترتكز على محبة العدو كما القريب. ذاك الذي أرسي أسس حكم الودعاء على هذه الأرض. دعونا نتأمل في كسر الخبز والخمر والتسليم والمحاكمة والصلب، كي ندرك قيامة. لا لن ترى هذه الأرض سلاماً ما لم يحكمها الودعاء.

  • شارك الخبر