hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - سليم البيطار غانم

لغز الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي... مَن يقف وراءه؟

السبت ٢٠ نيسان ٢٠٢٤ - 00:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما الذي يكمن وراء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وما هي أهداف الدول الكبرى من تغذيته والإبقاء عليه حيًا، بينما شهد العالم خلال القرن الماضي عشرات الصراعات الدموية بين الدول نفسها وبين دول أخرى، من قبرص إلى كوريا، فضلاً عن الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، والتي استطاع العالم أن يضع لها حدًا، إما بتجميدها أو بإنهائها؟

ما هو هذا اللغز والهدف وراء تغذية هذا الصراع؟ إنه سؤال يستوجب التوقف عنده.

منذ أن تم تثبيت "وعد بلفور" والتقسيمات التي نتجت عن "سايكس-بيكو" في مؤتمر سان ريمو، شهدت المنطقة عمليات نزوح كبرى، بدءًا من الأناضول ومرورًا بسوريا ولبنان وفلسطين بشقيها، غرب النهر وشرقه، أي "الأردن" حاليًا. تم تثبيت الجماعات في البلدان التي انتقلوا إليها باستثناء عرب فلسطين، الذين انتقل قسم كبير منهم إلى الأردن، وبقي القسم الآخر يتنازع مع يهود فلسطين على حقوق الأرض، التي يعتبرها كلا الطرفين حقًا له في إقامة دولته عليها.

ما يحدث اليوم يُعيد ما كان قد حدث منذ مائة عام، حيث تظهر عدم رغبة الدول الفاعلة في القرار، كما فعلت بريطانيا يوم كانت صاحبة قرار العودة وحاكمة أرض فلسطين في ذلك الوقت. كان بإمكانها إيجاد حل وفرضه بالقوة التي كانت لديها آنذاك واتخاذ قرارات حاسمة بفرض تقسيمات عملية تبعد الفتن. بدلاً من ذلك، عمدت إلى إبقاء شعبَين مختلفين عقائديًا وثقافيًا واجتماعيًا وحتى لغويًا على أرض واحدة، لا بل عملت على أن يكون حكم الدولة مشترك بينهما وفقًا لاتفاق "الورقة البيضاء" 1939(White paper) هذا بالإضافة إلى العديد من المحاولات مثل لجان "بيل وودهيد" وقرارات الأمم المتحدة التي لم ترق إلى مستوى من الجدية ولم تكن سوى "رفع عتب"، في حين يرغب الجميع في إبقاء الصراع مفتوحا.

لم ترغب بريطانيا حينها بنكث وعدها لليهود وفي الوقت نفسه كانت تسعى الى علاقات جيدة مع الدول العربية، مع بدء مراحل اكتشاف النفط وعدم ترك الساحة لمنافستها الولايات المتحدة الأمريكية. فكان الأقرب إلى مصلحتها عدم حسم الصراع لأي جهة وترك الأزمة تأخذ مجراها.

أما اليوم، وبعد انكفاء الاتحاد السوفياتي الذي كان المحرك الأساسي للقضية الفلسطينية والذي رأى في ياسر عرفات (أبو عمار) شخصية قيادية ومؤثرة يستطيع من خلال منظماته زعزعة الاستقرار العالمي عبر خطف الطائرات والتفجيرات وزعزعة استقرار الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة مثل ما حدث في الأردن ولبنان تحت مسمى القضية الفلسطينية، وجدت إيران نفسها على الساحة الفلسطينية كوريثة لهذه القضية للغاية نفسها وهي استغلال هذه القضية لمشاريعها الاستراتيجية الجيوسياسية، والأبعاد الأيديولوجية في الدول العربية وفي دول أخرى.

حلت إيران محل الاتحاد السوفياتي وحلت الولايات المتحدة محل بريطانيا ليصبح الصراع الإيراني-الإسرائيلي-الأميركي، والشعب العربي الفلسطيني هو أداة في هذا الصراع.

شهد ليل السبت - الأحد الماضي نقطة تحول استراتيجية في الصراع الإيراني-الإسرائيلي-الأميركي، حيث تظٌهر هشاشة الهجوم الإيراني على إسرائيل بأكثر من ثلاثمائة وثلاثين من مسيّرات بالاضافة الى أهم ما تملكه من صواريخ بالستية وصواريخ كروز والتي تفتخر إيران وتجاهر بحيازتها وذلك ردًا على هجوم القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل سبعة من كبار قادة الحرس الثوري.

أسفر الهجوم عن صفر إصابات وصفر دمار في إسرائيل، مقابل مقتل سبعة من كبار قادة الحرس الثوري وتدمير القنصلية. فلو افترضنا السيناريو المعاكس وأطلقت إسرائيل ثلاثمائة صاروخ على البنية التحتية في إيران، فما هي كمية الأضرار التي ستلحق بها؟

سبق ذلك مواقف عدة أظهرت فيها إيران ضعفها ومخاوفها، بدءًا من الرد الإيراني على مقتل سليماني، وصولاً إلى تبرئة نفسها من هجوم 7 أكتوبر، وصولاً إلى مقتل جنود أميركيين على الحدود السورية بمسيّرات أطلقتها ميليشيات تابعة لها، وخوفاً من الرد الأميركي طلبت من مليشياتها عدم التعرض لأي قاعدة اميركية في سوريا والعراق لإنها تدرك جيداً أنه عندما تقرر الولايات المتحدة التدخل بحزم، سيكون نهاية للمشروع الإيراني الاستراتيجي في المنطقة.

الفجوة في القوة واضحة، لكن ما الذي يمنع الولايات المتحدة من وضع حد لإيران لكل أفعالها في المنطقة وخاصة دعمها لحركة حماس والانقسام الفلسطيني؟

السياسة الاقتصادية الأميركية تلعب دورًا أساسيًا في السياسة الدولية وقد عملت السياسة الإقتصادية للولايات المتحدة ومنذ عقود على تقاسم ثروات العالم العربي، سواء من خلال النفط أو بيع الأسلحة، حيث كان لإسرائيل دور هام في دفع الدول العربية للتسليح خوفاً منها، وفي المقابل كانت الولايات المتحدة تعمل على تحقيق السلام بين الدول العربية وإسرائيل.

ليس مصادفة أن يكون العالم يستعد لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، في المقابل يتم التحضير لنهاية حكم الشاه في إيران وظهور الخميني ومشروعه العقائدي التوسعي. في هذه المرحلة، حلّت إيران محل إسرائيل في مخاوف العالم العربي، واستمر التسلح. هنا تظهر القوة العظمى لإميركا فهي تستفيد من الأزمات وفي الوقت نفسه تسعى الى حلّها في التوقيت الذي تريده وعلى الطريقة التي تراها مناسبة.

ليس من الصعب على الولايات المتحدة التدخل عسكرياً وبشكل مباشر لإنهاء دور إيران في تأجيج الصراعات، لكنها تستمر في التوازن بين الضغوط والمفاوضات والطرق الدبلوماسية والتي تتطلب تنسيقًا دوليًا وإقليميًا مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية، الذي تفضله عن التدخل المباشر الذي يحمل مخاطر سياسية واقتصادية داخل الولايات المتحدة وعلى الساحة الدولية والعربية.

بالرغم من كل العقبات التي ذكرت، تستطيع الولايات المتحدة في حال تخطت إيران الحدود المسموح لها بها من إعادتها إلى دولة عادية كأي دولة أخرى متخلية طوعاً عن أفكارها التوسعية التي لم تستطع تحقيق أي منها. إنما مجريات الأحداث والتعنت الإيراني رغم معرفته بعدم قدرته سياسياً ام عسكرياً على من يعتبرهم أعدائه لا يبشر بأن الصراع سينتهي دون عمل عسكري ينهي زمن التسلط الإيراني على غرار الكثير من الأنظمة التي أصبحت من الماضي.

الحل النهائي يتلخّص في السؤال حول متى سينفذ صبر الولايات المتحدة الاميركية، وتغيّر في استراتيجيتها من دبلوماسية الى عسكرية؟

أما بالنسبة للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني فكما يقول البعض، "الكلمة للميدان"، والميدان بيد إسرائيل والولايات المتحدة. فهل يجرؤ الفلسطينيون على التخلي عن تعنتهم وقراءة الواقع بموضوعية للحد من خسائرهم وقبول ما يعرض عليهم من تسويات، والتفكير في مستقبل جديد ومزدهر للأجيال القادمة، أم سيبقون طابة يلعب بها المستغلون على حساب أرواح الصغار؟

  • شارك الخبر