hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - شادي نشّابة

بازار السلطة القضائية يخدم المرتكبين

الثلاثاء ٢٠ نيسان ٢٠٢١ - 00:01

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يُعاني لبنان منذ استقلاله حتى اليوم، من ازمة هوية ونظام، في كل فترة يتم تعديل مقومات النظام، تارة بطرق مباشرة من خلال تعديل الدستور، وتارة من خلال الحروب، واحيانا من خلال استعمال النفوذ الخارجي. كل هذه العوامل لم تُنتِج دولة بل اسقطت كل مفاهيم المؤسسات.

قبل الطائف

ما قبل اتفاق الطائف الفترة الذهبية التي كانت في لبنان بداية بناء دولة المؤسسات خلال عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب، حيث طوّر الكثير من القوانين وفَعَّلَ الإدارة العامة. ففي عهده أُقر قانون الضمان الاجتماعي، وتنظيم المالية وإنشاء مصرف لبنان، والانعاش الاجتماعي، ونظّمَ الجيش وقوى الأمن الداخلي، وحدّثَ التربية والتعليم، والبنية التحتية في كافة المجالات، إضافة إلى ضمان حقوق الإنسان.

ولكن شهاب في الوقت عينه كان يأخذ بعين الإعتبار المعوقات الداخلية والخارجية. فوضع الحد الادنى لبناء دولة خارج امارات الطوائف، ولكن مع حدوث المتغيرات في المنطقة وخاصة تطورات القضية الفلسطينية والحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية تم تجميد كل الإصلاحات التي بدأ بها شهاب، واصبحت الأولوية للصراع على النفوذ، ومن بعدها دخلنا في نفق الحرب الاهلية.

ما بعد اتفاق الطائف

جاء اتفاق الطائف واوقف الحرب حيث كانت طموحات اللبنانيين اكبر بكثير مما تحقق، حيث لم تعمد السلطة إلى تطبيق الاصلاحات المذكورة في الطائف، وطوِّقَتْ إصلاحات شهاب من معظم النواحي. لعب السوري دوره في ضبط الإيقاع داخلياً من خلال القوة والأمن، واصبح لبنان يعيش بدولة من دون هيكل او ممكن تسميتها بالسلطة الوهمية، من دون اي تطوير للمؤسسات والعمل على بناء دولة القانون والمؤسسات، فتم يوماً بعد يوم تدمير خط الطريق الذي رسمه فؤاد شهاب.

ما بعد اغتيال الرئيس الحريري

جاء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقصم ظهر البعير، حيث عدنا الى نقطة الصفر، ورجعنا الى الخلافات والصراعات الداخلية على النفوذ، والدخول مجدداً بلعبة المحاور. اصبح كل فريق يريد ان يضع اوراق قوته على الطاولة، والعمل على استقطاب حاشيته تارة بخطابات طائفية وتارة بالزبائنية السياسية.

طبعاً عملت هذه السلطة على تطويق شهاب والطائف من جديد، ما ادى الى إنهيار شبه كامل في المرحلة الحالية، لأسباب داخلية بسبب تفشي وباء الفساد وعدم التخطيط، وهدر المال العام، وعدم بناء دولة المؤسسات، وبسبب العوامل الخارجية نتيجة المتغيرات السياسية في المنطقة منذ بداية الربيع العربي حتى اليوم. إضافة الى المتغيرات السياسية الدولية حيث رضخت الطبقة السياسية في لبنان للعبة الخارجية وذهبت إلى بناء كانتوناتها الطائفية وتدمير نهج المؤسسات. اصبح القضاء مسيّساً، الامن مسيساً، التوظيف مسيساً، حتى الرغيف مسيس. فأصبحت الركيزة الاساسية للنظام اللبناني الزبائنية السياسية.

استقلالية القضاء

في الايام الاخيرة شهدنا نزاعاً قضائياً، فضح هشاشة السلطة القضائية، التي كان البعض يتفاخر بها، فلبنان يعيش الاستنسابية القضائية حسب المثل اللبناني "كل من إيدو إلو"، برغم حساسية الملفات واهميتها، والتي تفرضُ ان يُحاسَب كل من هو مرتكب في جميع الملفات التي اوصلت المواطن اللبناني الى الذل وإفلاس المالية العامة.

ولكن اهم ركن من اركان القضاء هو المصداقية والاستقلالية، ومن هنا لكل من يتحدث عن اهتراء القضاء وفساده، فلتتفضل الكتل النيابية بإقرار قانون استقلالية القضاء وفصل القضاء عن السياسة، من خلال تعزيز استقلالية المؤسسات الناظمة للقضاء، مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي، وتعزيز ضمانات استقلالية القاضي، ضمان حقوق المتقاضين في حسن أداء المرفق العام، وتقديم شكاوى ومحاسبة مرتكبي المخالفات القضائية، والتوفيق بين التنظيم الهرمي للنيابة العامة واستقلالية القضاة العاملين.

فقانون استقلالية القضاء يجب ان ينطلق من مسودة مشروع قانون للمفكرة القانونية منذ عام 2018، والتي وقّع عليها 352 قاضياً، وليس مثل القوانين التي يقرها مجلس النواب وتكون مفرغة من ادواتها التنفيذية او مبهمة.

هشاشة مختلف قطاعات الدولة

هذه الهشاشة التي شهدناها في احد اهم خصائص الدولة اي العدل، موجودة في جميع مؤسسات الدولة حتى في الامن، ما قد يفتح الباب في مرحلة لاحقة الى تخبّط واستنسابية فاضحة حتى في هذه القطاعات، و كل ذلك سيؤدي الى هشاشة امنية وصدامات في الشارع من قبل موالي السلطة نفسها.

كل هذا السياق يأتي من ضمن العنوان الاهم في المرحلة المقبلة، اي توزيع الخسائر جرّاء الانهيار المالي وكل فريق سيعمل على حماية نفسه وازلامه، وكل فريق سيستعمل جميع اوراقه. سيأتي ذلك من ضمن سياق الاستمرار بتدمير دولة المؤسسات وتكريس الزبائنية السياسية. والحل لن يكون الا بالعودة الى ذهنية الرئيس شهاب وتحقيق الاصلاحات المطلوبة لبناء الجمهورية الثالثة، تحت عنوان العدل، الشفافية والمساواة.

  • شارك الخبر