بعدما أقفلت العوامل السياسية الداخلية ابواب البحث في تشكيل الحكومة، تحرك سفراء الدول الشقيقة والصديقة للبنان، لحثِّ المسؤولين المعنيين على معالجة خلافاتهم ومشكلاتهم بسرعة. وعلى هذا الأساس تحرك سفراء السعودية ومصر والكويت وأميركا وفرنسا وبريطانيا، حتى ان ممثلة الامم المتحدة نجاة رشدي دخلت على خط حثّ الاطراف على الاهتمام بهذا الموضوع. وعقد السفراء اجتماعات متتالية في ما بينهم ومع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري وآخرين. عدا عن حركة السفير البابوي في بيروت.

وتحدثت بعض المعلومات عن بدء بحث السفراء في مبادرة ما لمعالجة خلافات الازمة الحكومية، لكن مصادر متابعة اوضحت ان السفيرة الفرنسية آن غريو لم تتقدم بمبادرة خلال لقائها الرئيس بري، لكنها دخلت في "التفاصيل المملّة" الصغيرة لأسباب التأخر في تشكيل الحكومة وحثت الاطراف على تجاوز الخلافات، بينما كان واضحاً بيان السفيرة الاميركية دوروثي شيا من قصر بعبدا، الذي دعت فيه إلى تسوية بين القادة اللبنانيين بقولها: "بعد مرور ثمانية أشهر تقريبا من دون حكومة بسلطات كاملة، ألم يحن الوقت للتخلي عن تلك الشروط والبدء بالتسوية".

وقد أثار كلامها عن التسوية تكهنات بأنها تقوم مع زملائها بمبادرة ما بين الرئيسين عون والحريري، لكن مصدراً مسؤولاً في السفارة الاميركية قال لـ "ليبانون فايلز" حول حركة السفيرة شيا المستمرة منذ ايام: انها من ضمن المسعى الاميركي لحث المسؤولين والسياسيين على سرعة تشكيل الحكومة من اجل مصلحة الشعب اللبناني، وهي خطوة مهمة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني ولتوفير الدعم الدولي للبنان. لكن ليس هناك من افكار او مبادرة خاصة لدينا لحل الازمة الحكومية، ومسؤولية تشكيل الحكومة تقع على عاتق اللبنانيين أنفسهم وليس على عاتق اميركا. ويجب على الجميع تحمل مسؤولياتهم في هذا المجال، فليس هناك خيار آخر امامهم. ولذلك عملت السفرة شيا على ان يفهم الجميع اهمية تشكيل الحكومة فوراً وبلا إبطاء.

واكد المصدر "استمرار السياسية الاميركية تجاه لبنان من دون تغيير، لاسيما لجهة الاستعداد لدعم المؤسسات اللبنانية وصمود الشعب اللبناني لمواجهة المصاعب الاقتصادية". وقال: ان سياستنا ومواقفنا في لبنان هي ذاتها منذ اشهر ولا تغيير فيها.

وحول لقاء السفيرة شيا مع السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غريو، قال المصدر: لا شيء خاصاً، بل هذا اللقاء من ضمن مساعي جميع اصدقاء لبنان لبحث كيفية مساعدته وحثّ المسؤولين على تشكيل الحكومة.

هناك حركة ضغوط دبلوماسية اذاً تُمارس على المعنيين بتشكيل الحكومة، لكنها لم تصل إلى حد وضع الحلول، بل ان السفراء، وحسب مصدر رسمي كبير، يقومون بتجميع المعطيات وارسالها إلى دولهم لتقرير الموقف الواجب إتخاذه.

وفي هذا السياق يقول المصدر: ان الرئيس عون تقصّد أن يضع المجتمع الدولي المتوثّب لتأليف الحكومة في جو ما يحصل، لان ما يريده المجتمع الدولي يريده الرئيس عون بصورة أولى. خاصة انه دخل الثلث الثالث من عهده بعناوين إنقاذ لأن حالة البلاد والعباد بلغت مستويات غير مسبوقة من التردي المعيشي والاقتصادي والصحي والاجتماعي.

أضاف المصدر: لقد تم شرح كل المعطيات للسفراء في إجتماعات نوعية، لمواكبة الحركة الخارجية القائمة حول وضع لبنان ومعالجة ازمته عبر "حكومة قادرة"، مع الحفاظ على حدود السيادة التي لا تفريط بها. واكد لهم الرئيس عون انه راغب ومستعجل على تشكيل الحكومة لكنه شرح كيف يكون تأليفها تاريخياً ودستورياً وواقعياً منذ إتفاق الطائف حتى اليوم. وقد توضحت الكثير من الامور لدى السفراء، لاسيما الاسباب الكامنة وراء تأخير التشكيل او المماطلة في عدم التأليف.

وختم المصدر مؤكداً ان السفراء ليسوا في وارد القيام بتسويات او مبادرات او وساطات، لكن على الاقل اصبح لديهم المعطى الكافي وهم يبحثون فيه.