hit counter script

ليبانون فايلز - مجتمع مدني وثقافة مجتمع مدني وثقافة

مؤتمر "LebMASH": المثليّة ليست مرضًا ولا خيارًا والصحة حق لا يقبل التمييز

الأربعاء ٢٠ آذار ٢٠١٩ - 16:03

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

للسنة الثالثة على التوالي، أطلقت الجمعية الطبيّة اللبنانية للصحة الجنسية (LebMASH)، "أسبوع صحّة مجتمع الميم ٢٠١٩"، تحت شعار "إمتياز بلا تمييز" أو “Excellence without Discrimination”، بهدف التركيز على أهميّة توفير الرعاية الصحية بمختلف أشكالها، خصوصًا الرعاية الصحية العقلية والجنسية وكذلك الرعاية التلطيفية، دون أي شكل من أشكال التمييز، لا سيّما ذاك القائم على الميول الجنسيّة و/أو الهوية الجندريّة، وبالتالي توحيد آراء المجتمع المحلي والباحثين والأطباء حول أهميّة توفير الرعاية الصحية العادلة.

تضمّن الأسبوع الصحّي نشاطات توعوية شملت، لقاءً تحت عنوان "تعزيز العدالة في توفير الرعاية التلطيفية في لبنان لدى الفئات المهمّشة"، والتي تشمل المساجين ومستخدمي المواد المخدرة وكذلك العاملات والعمال الأجانب، واللّاجئين في لبنان. كما عقدت "LebMASH" ورشة عمل طلابية حول الرعاية الصحية لمجتمع الميم، استهدفت طلاب الجامعات في اختصاصات الطب والتمريض وعلم النفس والعمل الاجتماعي.

وضمن إطار فعاليّات الأسبوع، عقدت الجمعية مؤتمرًا في بيت الطبيب (نقابة أطباء لبنان)، تحت عنوان "الميول الجنسية والهوية الجندرية خلال مراحل الحياة"، وذلك بمشاركة أطباء وخبراء في علم النفس والصحة الجنسية وعدد من طلاب الجامعات وفعاليات طبية، بهدف التركيز على آثار الصحة النفسية والجنسية وانعكاسها على مختلف الفئات العمرية في لبنان، وبالتالي استعراض التحديات التي يواجهها أفراد مجتمع الميم منذ مرحلة الطفولة وحتى مراحل متقدمة من العمر، في سبيل تحسين مستوى الرعاية الصحية، وتوفير الرعاية الطبية لكلّ مريضٍ، دون أيّ تمييز.

الافتتاح
بدايةً، تحدّث الطبيب النفسي والمتخصص في الصحة الجنسية، رئيس جمعية "LebMASH" الدكتور شادي ابراهيم، عن "أهميّة توفير الرعاية الصحية العادلة، دون أيّ تمييز"، مشدّدًا على أنّ "المثلية ليست مرضًا والدراسات تؤكد ذلك، ما يعني ضرورة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة سواء لدى الأهل أو الاختصاصيّين النفسيّين، من خلال تعزيز الأبحاث وتسليط الضوء على الحقائق العلمية والدفع باتجاه تغيير القوانين المجحفة".
وإذ أبدى أسفه كون "بعض الدول لا تعترف أصلًا بوجود أفراد من مجتمع الميم، ولا تلتفت إلى توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم"، كشف "ارتفاع معدّلات الانتحار بين صفوف المثليّين والمثليّات بسبب محاولات تغيير الميول الجنسية، حيث أنّ معدلات عالية من الشباب الذين ينتحرون هم أفراد من مجتمع الميم، جرّاء ما يعانونه من وحدة وتهميش وأحكام اجتماعية قاسية".

وأكّد رئيس "الجمعية الفرنكوفونية للمصابين بأمراض نفسية" ورئيس قسم طب النفس في مستشفى "أوتيل ديو" الدكتور سامي ريشا، أنّ "المثلية ليست خيارًا، ولا يتّخذ الإنسان قرارًا بأن يكون مثليًّا، كما أنّها ليست مرضًا، وهذا ما تظهره الدراسات العلمية، بحيث أنّ الميول لا ترتبط على الإطلاق بأيّ اضطرابات نفسية. كما أن أفراد مجتمع الميم يتمتّعون بكامل القدرات التي تخوّلهم العيش بشكل طبيعي، وهنا أهميّة العوامل البيولوجية وتلك ما قبل الولادة، والتي تترك أثرها على الهوية الجنسية".

وأسف لـ"المقاربة الخاطئة التي يعتمدها بعض وسائل الإعلام في معالجة قضايا مجتمع الميم، مطالبًا بـ"إلغاء المادة ٥٣٤ من قانون العقوبات اللبناني، والتي تتيح الإجحاف بحق أشخاص يتمّ سجنهم وتعنيفهم والتشهير بهم، لا لشيء، فقط لأنهم من أفراد مجتمع الميم.

الجلسات
بعدها، انعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان "من الطفولة وصولًا إلى مراحل عمريّة متقدّمة"، بحيث تحدّث المتخصّص في علم النفس الدكتور مايكل خوري عن الصحة العقلية والنفسية وانعكاسها على الشباب، عارضًا نماذج من أفراد مجتمع الميم الذين يعانون مشاكل نفسية "جرّاء خوفهم من الاعتبارات الدينية ومن الأهل ووصمة العار". بدوره، تطرّق الطبيب النفسي والمؤسّس والرئيس السابق لجمعية "LebMASH" الدكتور عمر فتّال إلى "محاولات تغيير الميول الجنسية" (SOCE) ، وما تتركه من مضاعفاتٍ خطيرة على أفراد مجتمع الميم، مؤكّدًا أنّ "المثلية ليست مرضًا، وأنّ المطلوب التوعية والتثقيف واعتماد الحقائق العلمية في مقاربة المسألة، كونها ليست فقط قضية قانونية، إنّما قضية صحية".

وناقشت المتخصّصة في الأمراض المعدية الدكتورة نسرين رزق موضوع الصحة الجنسية لدى فئة الشباب، فأكّدت "أنّنا بحاجة إلى أبحاث وأرقام دقيقة تدحض المفاهيم الخاطئة، فهناك جهل كبير حول هذه المسألة".

أمّا الجلسة الثانية، فتمحورت حول الرعاية الصحية لأفراد مجتمع الميم في لبنان، وتحدّثت فيها رئيسة نقابة الاختصاصيين في العمل الاجتماعي في لبنان والمديرة التنفيذية لجمعية العناية الصحية (SIDC) السيدة ناديا بدران، عن مفاهيم الرعاية الاجتماعية الشاملة و"أهمية التحلّي بالمهنية والأخلاق لدى التعاطي مع أفراد مجتمع الميم، وبالتالي تثقيف المجتمع المحلي وتوعيته حول فيروس نقص المناعة البشرية، الذي لا يميّز بين شخصٍ وآخر". وعرض المتخصّص في الطب النفسي الدكتور فرانسوا قزعور قضية الإدمان لدى الشباب والمراهقين، و"الحاجة إلى إقرار استراتيجيات تحرص على رفع الوعي حول مخاطر الإدمان وطرق العلاج، وبالتالي تأمين العلاج الملائم لجميع الأفراد، بما فيهم مجتمع الميم. كما تطرّقت مديرة مؤسسة “SEEDS” المحامية ليال صقر إلى "المسائل القانونية والتحديات التي تواجه أفراد مجتمع الميم، بدءًا من توقيفهم من قبل الجهات الأمنية، وصولًا إلى القضاء اللبناني الذي لا يزال يعتبر المثليّة جريمة، علمًا أننا شهدنا إعادة تفسير للمادة ٥٣٤، باعتبار أن المثلية ليست مرضًا ولا لزوم للعقاب أو العلاج، وهناك إجماع علمي حول هذه المسالة". ودعت الأطباء إلى "متابعة التقدم الطبي المستمر ومواكبة الأبحاث، إذ لا يجوز الاستمرار بمحاولات تغيبر الميول الجنسية". كما نبّهت إلى "مخاطر استخدام قانون جرائم المعلوماتية، الذي يخالف أبسط الحريات ومواثيق حقوق الانسان، لحجب مواقع إلكترونية تعود لمجتمع الميم تحت حجّة الاخلال بالاداب العامة".

وركّزت الجلسة الثالثة بعنوان "من عمر النضج وحتى مراحل متقدّمة من الحياة"، على أفراد مجتمع الميم من كبار السن، بحيث تحدّث رئيس العناية التلطيفية في الـNHS لمنطقة شرق لندن السيد كلود شدياق، عن "إشكاليات وحاجات أفراد مجتمع الميم الذين يعانون من امراض تهدد بقاءهم على قيد الحياة"، مركّزًا على "أهمية الرعاية التلطيفية لهؤلاء الأشخاص، وضرورة الحد من التمييز والتهميش ووصمات العار التي يتعرضون لها". وعرض الدكتور شادي ابراهيم إشكاليّات الصحة العقلية والنفسية لدى كبار السن، "بحيث ننسى دائمًا في أبحاثنا وحياتنا أفراد مجتمع الميم المسنّين، وما يعانونه من تدهور صحي ونقص في الرعاية الصحية، ومن أمراض عقلية ونفسية ومشاكل سمنة وارتفاع في الضغط، بالإضافة إلى لجوء العديد منهم للتدخين وتناول الكحول بشكل مفرط، ما يجعلهم عرضة للأمراض والمخاطر". وتحدّثت المتخصّصة في الطب الجنسي الدكتورة ساندرين عطا الله عن الصحة الجنسية في المراحل العمرية المتقدمة، بحيث رأت أن "تحليل العلاقة الجنسية يشمل مختلف نواحي هذه العلاقة، بما في ذلك الشريك. ولذلك، لا يجوز أن نطلق الأحكام المسبقة، إنما أن نعزّز معرفتنا بمجتمع الميم وحقوقه".
وعرضت الدكتورة في علم النفس والاستاذة الجامعية سحر عبيد نتائج دراسة أُجريت حول مفهوم الخوف من أفراد مجتمع الميم، مشيرةً إلى أنّ "١٨% فقط من اللبنانيين يتقبّلون المثلية، في حين أن الغالبية العظمى ترفضها، لاعتبارات دينية واجتماعية تعود إلى كون لبنان مجتمع بطريركي، ونرى هذا الرفض بوضوح في الأحكام القانونية والتغطية الإعلامية".
اختُتم المؤتمر بتوصياتٍ عرضتها عضو مجلس إدارة "LebMASH" الدكتورة سهى بلّوط، بحيث دعت إلى "تأمين حياة كريمة لأفراد مجتمع الميم، وتعزيز الرعاية الصحية الشاملة وتوفير البيئة الداعمة لهم والحد من التنميط". ولفتت إلى أنّ "الجمعية أصدرت منذ فترة دليلًا يتضمّن أسماء الأطباء الداعمين ومقدّمي الخدمات الصحية لمجتمع الميم". وأكدت أن "أيّ تقدم مرجوّ يتطلّب تغييرالسياسات والتثقيف ورفع الوعي حول حقوق مجتمع الميم، وبالتالي الاستماع إلى حاجاتهم والتحديات التي يواجهونها".

وكان "أسبوع صحّة مجتمع الميم ٢٠١٩"، انطلق بلقاءٍ عقدته الجمعية الطبيّة اللبنانية للصحة الجنسية (LebMASH)، بالتعاون مع المركز اللبناني للعناية التلطيفية – "بلسم"، تحت عنوان "تعزيز العدالة في توفير الرعاية التلطيفية في لبنان لدى الفئات المهمّشة"، وتحدّث خلال اللقاء رئيس مكتب حقوق الإنسان في قوى الأمن الداخلي النقيب كريم مراد، السيد كلود شدياق، والشريك المؤسّس، رئيس برنامج العلاج في منظمة "سكون (المركز اللبناني للإدمان)" المتخصّص في الطب النفسي الدكتور رمزي حداد والدكتور أسعد قدوم، رئيس قسم الصحة في الـUNHCR . وقد طرح المتحدّثون في هذا اللقاء، مواضيع عديدة، بينها: "الرعاية التلطيفية في السجون اللبنانية والتحديات التي يواجهها مقدّمو خدمات الرعاية الصحية"، "توفير الرعاية المستدامة للفئات المهمّشة"، "الحدّ من تغييب حقوق الأقليات في الرعاية التلطيفية، بغض النظر عن الميول الجنسيّة أو الهوية الجندريّة"، "ضرورة تأمين خدمات الرعاية التلطيفية الشاملة لمستخدمي المواد المخدرة"، وكذلك "الرعاية التلطيفية للعاملات والعمال الأجانب، وللّاجئين في لبنان".

كما عقدت "LebMASH" ورشة عمل طلابية حول الرعاية الصحية لـمجتمع الميم، استهدفت طلاب الجامعات في اختصاصات الطب والتمريض وعلم النفس والعمل الاجتماعي. وتمحورت حول تعزيز فهم الطلاب لقضايا الصحة الجنسية وما يتعلّق بصحة أفراد مجتمع الميم في لبنان، وبالتالي طرح هذه القضايا بكل ثقة ومسؤولية. وناقشت الورشة آليات التواصل الفعّال، لتوفير الرعاية اللازمة لمجتمع الميم. كما وأتاحت الورشة للطلاب تطبيق نماذج واستراتيجيات تفاعلية، تساهم في تنمية معرفتهم بمفهوم الرعاية الصحية الشاملة، بغضّ النظر عن الميول الجنسيّة أو الهوية الجندريّة.


 

  • شارك الخبر