hit counter script

باقلامهم - روبير فرنجية

عن اذاعة تحولت الى دار حضانة

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 06:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لبيت الأسبوع الماضي دعوة مديرة مركز جيهان فرنجية الاجتماعي في زغرتا وهو مركز حكومي لكنه يبدو كأنه من المراكز الخاصة. دعتني مديرته زينة جوخدار فرنجية لتقديم مساعدة اعلامية بسيطة له ، وهو الذي كان مبنى اذاعة وتلفزيون لبنان الحر الموحد (1978-1995).
ركنت سيارتي في ساحة المركز التي كانت تزدحم بسيارة الزملاء من المحررين والمراسلين والتقنيين والاداريين والاذاعيين والفنانين والصحفيين.
من الخارج لا يزال على حاله وشكله وطوابقه. دخلت من البوابة الرئيسية واعتقدت انني سأجد غرفة الأستعلامات التي طارت ومعها عبارات: اذاعة اهدن ألو... لقد تغير شكل المدخل. رسومات بالألوان الزاهية مستوحاة من الطفولة الهادئة. فالى مكتب مديرة المركز وفي هذا القسم تذكرت انه في ايامنا، ايام كان اذاعة، كان مخصصاً كمستودع نستعين فيه لتأمين زوادة عملنا من أوراق وأقلام وبطاريات لمسجلاتنا واشرطة ايام الشريط الكاسيت الذي أصبح من أدوات الماضي. ومن هناك الى المستوصف وقسم الصور الشعاعية حيث كانت مكاتب تلفزيون اهدن فالى الطابق الثاني حيث مكاتب الأرشيف قسم الصفوف الحضانية ومكاتب الادارة غرفة ألعاب والأستديوهات صالات فسيحة للترفيه والقراءة وللأولاد الذين لديهم حرارة أو وعكة صحية أو ما شابه.
فالى غرفة التحرير المليئة بالصور والرسومات كأن الملحق الأخباري فيلماً كرتونياً والموجز اسطوانات غنائية للصغار والنشرة ملصقات للاولاد.
المكتبة الموسيقية تحولت الى مراحيض لأطفال الحضانة ومكاتب المذيعين الى مركز للأشغال اليدوية، وغرفة الماكياج لمذيعات التلفزيون مستودعاً للحليب والحفاضات، والمكان الذي كان مخصصاً للاستماع الى وسائل الأعلام تحول الى صيدلية صغيرة. كل ذلك وانا ألمح وجوه الصغار يلهون ويمرحون أستعيد ملامح صور الزملاء. هنا كان الشاعر الراحل جورج يمين (مدير الاذاعة) يكتب التعليق السياسي اليومي. وهناك في تلك الزاوية كان الأديب محسن يمين (مدير التلفزيون) يحضر لبرنامج "اوراق الأحد". وفي ذاك المكان كانت الزميلة منتورة اسكندر تحضر المفكرة الثقافية. وفي تلك الفسحة كانت فيرا يمين من وراء زجاج الأستديو تقرأ الأبراج التي قدمتها ايضاً بكتب سنوية الى ان يحين موعد تقديم النشرة الأخبارية التي حضرها الزميل في جريدة "النهار" اليوم طوني فرنجية وتقدمها الزميلة حسناء سعادة. يا لطيف كم تغير الزمن. فيرا المذيعة الأكثر شهرة في الشمال أصبحت عضو المكتب السياسي في "تيار المردة" .
تذكرت الكثير من الأسماء والوجوه، انطوان ابو عبود، حارس الذاكرة في الاذاعة والتلفزيون وكذلك استعدت حضور الزملاء الذين غابوا بعد جورج يمين مثل روبير نصر، فواز ميقاتي، جوزاف رعيدي وأخيراً انطوان القوال.
تذكرت كيف كانت هذه الاذاعة تصنع نجوماً في الاعلام في الشمال حيث لم يكن فيه لا جامعة خاصة تدرّس الاعلام ولا جامعة لبنانية رسمية فكانت اذاعة وتلفزيون لبنان الحر الموحد هما الجامعة وهما كلية الأعلام والتوثيق في الفرع الثالث.
كان للاذاعة اسماً مختصراً (راديو اهدن) وكانت الوحيدة في محافظة الشمال الذي أصبح أكثر من محافظة (عكار) التي تبث على موجة ال AM وتحمل ترخيصاً كما صوت لبنان (الأشرفية) (1310 كيلوهرتز من زغرتا) وهي انطلقت بالبث يعد مجزرة اهدن (13 حزيران 1978). كانت اخبارية برامجية جمعت كفاءات الشمال من كل الأقضية والمناطق وكانت مرجعاً اخبارياً مهماً عن الشمال اللبناني زمن الحواجز التي كانت تحول دون الوصول. واذا كانت اذاعة اهدن "تغطي يومذاك قبل أن يجلدها قانون تنظيم الأعلام ألف جلدة لها وللأعلام المناطقي بشكل غير منطقي اغلب المناطق اللبنانية (قوة المحطة 100 كيلوات) والساحل السوري عكس تلفزيون اهدن الذي كان يقتصر ارساله على الشمال فقط ويقدم نشرة اخبار مسائية وبعض البرامج المحلية وعرض الافلام والمسلسلات.
اليوم ان لم نقل تخرج واستخدمنا كلمة "خرج" من هذه الاذاعة الكثير من الأسماء من المحللين والسياسيين والمقدمين وعلى كافة الشاشات. فالاعلامي خضر طالب كان محرراً ومقدماً للأخبار من اذاعة اهدن. والزميلة هدى شديد في L.B.C. ايضاً ومنذر مرعبي مقدم "مرايا الشمال" من تلفيزيون لبنان كان مراسل الاذاعة في عكار ومحسن السقال مراسل ال M.T.V. ولبنان الحر كان مخرجاً لنشرة اخبار تلفزيون اهدن.
لكي لا نستطرد أكثر بالأمس، أعادني بكاء اولاد دار الحضانة الى رائحة الحبر الطالعة من غرفة التحرير وصوت الدكتيلو و"التلبرينتر" والأغنيات الصادحة من الميكسر في اذاعة كانت تسمى اذاعة فيروز ومرسال خليفة.

  • شارك الخبر