hit counter script

الحدث - دنيز عطالله

ليس دفاعا عن السنة

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 01:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

سيقال الكثير عن معركة طرابلس، قبل ان تتكشف كامل خيوطها. ستنهال التحليلات وستُرمى التهم من كل حدب، تارة على سياسيي المنطقة وطورا على المؤسسة العسكرية.
يعرف هؤلاء كيف يدافعون عن انفسهم. يملكون امكانيات ان يرفعوا اصواتهم، وللرأي العام ان يقتنع او الا يفعل.
لكن يحق لاهل طرابلس، ومن خلفهم ل"البيئة السنية الحاضنة" ان يُسمع صوتها المكتوم. يحق لهم ان يُعرفوا باكثر مما يتم اختصارهم به.
ان امكن الخروج ب"مكسب" يتيم من حرب طرابلس لامكن القول ان ذلك يتمثل بتأكيد اعتدال الغالبية السنية، اقله حتى اليوم. فمعظم اهل المدينة، لم يُبدوا تعاطفا او يؤمنوا دعما وحماية للمتطرفين والمسلحين. صحيح انه خرج من بينهم من فعل، ومن اعتنق ادبيات الارهابيين وقاتل في صفوفهم، لكن هؤلاء يبقون اقلية ضئيلة جدا، وان ارتفع ضجيجها وبدا تأثيرها عاليا، الا يتذكر اللبنانيون انه يكفي مسلحين اثنين فقط ليقطعا الطرق على اهلها؟
اثبت اهل الشمال انهم ضنيون باعتدالهم، كما معظم قياداتهم السياسية. يمكن تعداد عشرات الاسباب التي تدفع هؤلاء الى احضان التطرف. من المنطقة وغليانها المذهبي، مرورا باحساس متعاظم بالاستهداف منذ نحو عشر سنوات الى اليوم، واضعين سطرين تحت عنوان مشاركة "حزب الله" في سوريا، وصولا الى خصوصية ابناء الاطراف المهمشين والمتروكين لفقرهم وتبعاته، والموعودين دائما بانماء متوازن لا يأتي.
اثبت اهل الشمال ان مغامرات واوهام واغراءات بعض الموتورين من رجال الدين والدنيا، لا تؤثر في معظمهم. لا يدفعهم التحريض في بعض المساجد ليخلعوا بذتهم الوطنية ويرتدوا الاكفان. انهم ابناء الحياة بمشقاتها وتحدياتها وقسوتها عليهم.
والحياة على هذه ال 10452 كيلومترا مربعا قاسية على الجميع بكل المعايير.
يشعر السنة اللبنانيون اليوم انهم مستهدفون. عن حق ام عن وهم، لا فرق. المهم انه شعور بدا يترسخ في وجدانهم، له اسبابه وتراكماته. سبقه اليهم المسيحيون وقبلهم الشيعة وهلم جرا بالتناوب بين الطوائف. بالتالي يعرف الجميع مخاطر ان تشعر طائفة، في لبنان تحديدا، بأنها مظلومة او مضطهدة.
جاءت احداث الشمال، وقبلها البقاع لتؤكد انه رغم كل التهويل بتطرف السنة، رغم كل المحاولات لتصويرهم بيئة حاضنة ومتعاطفة مع المتطرفين، رغم ترويج احكام وفرضيات عن "نوايا" وافكار بعض القيادات السنية، الا ان الوقائع ضحدت كل تلك الروايات. ظهر بالملموس ان غالبية السنة معتدلون، مؤمنون بالمؤسسات والدولة وان خيارهم يبقى "لبنان اولا".
ليس هذا الكلام دفاعا عن السنة. هو دفاع عن لبنان باجماعاته وطوائفه. هو دعوة لتلمس مكامن القهر والالم عند كل مكوّن من مكونات لبنان. اليوم السنة، البارحة واليوم، والارجح غدا، المسيحيون. ويمكن ان تكر السبحة الى ان ينفرط عقدها كما عقد اجتماعاتنا وتوافقاتنا. الم يحن اوان التلاقي واجتراح الحلول ام اننا سنبقى ندفع الامور الى ان تنفجر في وجهنا جميعا؟ صحيح ان الغالبية السنية معتدلة، كما اكثرية اللبنانيين. لكن الصحيح ايضا ان الجنون متى تقاطعت ظروفه وتراكمات الدفع اليه، قد يطيح بكل سنوات التعقل، فلا يسلم سنة ولا مسيحيون ولا شيعة او دروز. فهل من يعقل؟

 


 

  • شارك الخبر