hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - نادر حجاز

صرخة بكركي بلا صدى: سقوط لبنان المسيحي؟

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 05:28

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"باستثناء لبنان، أصبح صوت المسيحيين في أنحاء المشرق شيئاً من الماضي، فيما أدّت الهجرة وانحسار الدور السياسي إلى تراجع هذا الصوت. يبقى لبنان بحجم الوجود المسيحي الكبير نسبيّاً فيه الواحة الأخيرة التي يمكن أن يستمرّ فيها العيش المشترك مع المسلمين والنفوذ السياسي للمسيحيين".
كان هذا وصف المؤرخ اللبناني كمال ديب لواقع المسيحيين في لبنان العام 2008، محذرا في كتابه "هذا الجسر العتيق، سقوط لبنان المسيحي" من ان "انهيار التجربة اللبنانية التي شكلت نموذجا في العيش المشترك سينعكس سلباً على فكرة العروبة المدنية وعلى صورة الاسلام، بما هو ديانة منفتحة ومتسامحة تهزم رياح الاصولية والتطرف وتسعى الى الارتقاء بحياة المسلمين".
حينها كان "داعش" لا يزال في قمقمه، ينمو على طفيليات الانظمة العربية الفاسدة، والظلم الذي تحوّل الى حقد مذهبي ما لبث ان انفجر في أرجاء المنطقة العربية برمتها. ورغم محاولات تجميل صورة المعركة بانها حرب على الارهاب والتكفيريين، الا انها في حقيقتها معركة طائفية بكل ابعادها وظروفها، تدفع ثمنها الشعوب العربية بكل انتماءاتها والسنة قبل الشيعة، وحجم الدمار الذي طال الجوامع والمساجد ما بين العراق وسوريا خير دليل على ذلك.
الا ان المسيحيين كان لهم الحصة الاكبر، وان كانوا يدفعون الثمن وجودهم في المنطقة، الا ان الفاتورة التي يتكبدوها في لبنان أقسى بكثير، وما قد يخسروه بدون سلاح قد لا يكون بأقل مما خسروه قبل القاء السلاح في الحرب الاهلية. وهنا يلفت موقف نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي في احدى تصريحاته باننا نشهد فتنة سنية – شيعية على الساحة المسيحية، داعياً اللبنانيين الى انتظار التسوية الكبرى في الصالون لا في القبو ولا في القبر.
وفي ظل الفراغ في الموقع المسيحي الوحيد في المنطقة منذ 25 ايار الماضي، تكثر الاسئلة حول مصير الرئاسة الاولى. لا سيما في ظل عدم الاكتراث لهذا الفراغ واستمرار المؤسسات في عملها كما لو كانت الرئاسة الاولى مؤسسة هامشية ويستطيع البلد ان يستمر من دونها. الامر الذي يقلق البطريركية المارونية ودفع بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي لرفع الصوت مراراً، قبل أن يطلق صرخته الكبرى من ارض المطار الثلاثاء رافعاً بركته عن اي خطوة للتمديد للمجلس النيابي، مؤكدا ان لا شرعية لأحد قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وأن لا يبارك البطريرك، لا يختلف كثيرا عن الحرم الكنسي او أقله عن المائدة التي لا تُرفع الصلاة قبل تناولها. فالوجبة التي يعدّها مطبخ عين التينة غير مباركة فمَن يتحمّل هذا الإثم؟
فليس الخطر من الفراغ بحد ذاته انما من استمرار البلد كما لو ان شيئا لم يحدث، وليس القلق ان تُعارَض بكركي انما ان تتكلم بكركي ولا يُصغى اليها. فهذا الوطن الذي طالما ارتبط تاريخه الحديث بهذه المرجعية الوطنية، من غير الطبيعي ان تفقد صدى مواقفها وان تبقى كلماتها حبرا على ورق وتصريح لمجرد التصريح، فكلام الراعي كان صرخة كيانية جاءت لتذكّر بما قاله الاديب الراحل راجي عشقوتي: "بكركي من عركي لعركي، لا نورا ولا زيتا شح...كلن عم يحكو تركي، وحدا بكركي بتحكي صح".
 

  • شارك الخبر