hit counter script

الحدث - ابراهيم درويش

الوضع الأمني شُرّع امام كل الاحتمالات: شمالاً وبقاعاً وجنوباً

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 05:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

دخل الوضع الامني اللبناني، مرحلة جديدة بعد الهجوم الذي نفذته "النصرة"، على مواقع ل"حزب الله" في جرود بريتال الاحد.
تبحث "جبهة النصرة" عن تسجيل انتصار حتى ولو كان اعلامياً او وهمياً على الساحة اللبنانية. انتقلت اللعبة من الامن الى العسكر، بعد ان فشلت لعبة الامن في اثبات جدواها، ولم تؤدِ التفجيرات التي وصلت الى الضاحية الجنوبية ومناطق لبنانية مختلفة، الا الى مزيد من الالتفاف الشعبي حول "حزب الله"، أكان من ابناء طائفته، او من الطوائف الاخرى، لا سيما في ظل استهداف المدنيين والابرياء والاطفال.
الاحد 5-10-2014، الساعة الرابعة عصراً، كانت ساعة الصفر ل"جبهة النصرة" التي بدأت هجومها باتجاه 16 موقعاً ل"حزب الله" في جرود بريتال. رافق الهجوم على موقع عين السعة كاميرا "نصراوية" لتوثيق الهجوم، على غرار الطريقة التي اعتمدها "حزب الله"، في اقتحاماته للمواقع الاسرائيلية، وكان لها الوقع النفسي، وساهمت في تعزيز الثقة بالحزب، وتوسيع رقعة التأييد حوله، لاقران القول بالفعل، عبر الصوت والصورة.
لا شك ان "النصرة"، تتقن اللعبة الاعلامية، وهي بمساعدة مقصودة من بعض وسائل الاعلام وغير مقصودة من آخرين، نجحت في تضخيم دورها المرعب، وصورة بطشها، حتى دبت الرعب في قلوب المناطق، المنوي مهاجمتها قبل الدخول اليها.
الا أن السؤال هو هل استطاعت "النصرة" تحقيق انتصار معنوي، باقتحامها احد مراكز "حزب الله"، حتى لو اودت بحياة ثمانية شهداء ؟
عسكرياً، لا يمكن ان نتكلم عن معركة جردية جبلية، وهجوم كم كبير من المسلحين على نقاط لا تعد استراتيجية، ولا تتضمن اعداداً كبيرة من العناصر، من دون ادراج احتمالية سقوط الشهداء. ف"حزب الله" ليس قوة خيالية. ومن الطبيعي أن تؤدي غزارة النيران الى خسائر بشرية ومادية كبيرة، انما ميزان القوى في هذه المعركة، هو الضربات المؤلمة والسيطرة على الميدان، لا سيما ان "حزب الله"، سبق المسلحين الى عقر دارهم، وتمكن من فرض نقاط تمركز وتموضع، داخل المناطق التي تشكل بيئة حاضنة للمسلحين، فضلاً عن ان رده جاء سريعاً باستعادة موقع السعة الذي دخلته "النصرة"، واعلان الجرود منطقة مطهرة في غضون ساعات، ما عدا جرود عرسال. هذا ما حصل في الجهة الغربية البقاعية... ولكن هل جاء تزامنه مع الاعتداء الاسرائيلي على الجيش اللبناني في السدانة صدفة؟
ما حصل يوم الاحد، يسوقنا الى ربطه ب"بروفا" منظمة لمخطط كبير يتم التحضير له، لا سيما في ظل ما يصطلح على تسميته "الكماشة الامنية اللبنانية-السورية"، التي ومن دون تنسيق مباشر بين الدوليتن، ضيقت الخناق على المسلحين المتواجدين في بعض تلال القلمون، والذين لم يعد امامهم سوى البحث عن الثغرات المناسبة، ومعابر الامداد قبل فصل الثلج والبرد.
بالتالي، لا يمكن اعفاء الاسرائيلي، من قذارة الدور في تشتيت النظر، عن الجبهة البقاعية، واشغال الجيش والشعب والمقاومة بالجبهة الجنوبية، تمهيداً لما اسمته النصرة غزوة "البقاع".
هذا ما ادركه "حزب الله" جيداً، فجاء بالرد الحاسم والسريع عبر استهداف آلية عسكرية للجيش الاسرائيلي في مزارع شبعا امس، ضارباً وبقوة كل وسائل الرقابة البرية والجوية والالكترونية.
الرسالة النارية كانت واضحة للعدو الاسرائيلي: القتال في الجبهة الشرقية، لا يعني انكشاف الساحة الجنوبية، والمقاومة لم ولن تضيع بوصلتها بل هي جاهزة للرد على اي خرق من اي جهة اتى. تلقت اسرائيل بكامل الجدية هذه الرسالة، وايقنت ان مفاد رسالة المقاومة انها ما زالت على اهب الاستعداد لايلام اسرائيل، بعد انتقالها من عهد توازن القوة، الى توازن الرعب. بدا هذا جلياً في عدم استسهالها تكرار اعتداءاتها على الاراضي اللبنانية واستهداف المدنيين، فلجأت الى محاولة لملمة الوضع، أكان في تصريح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي حاول صياغة خبر لا يمت الى الحقيقة بصلة، او عبر كلام المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الذي قال ان اسرائيل، تحتفظ بحق الرد، وهنا المفارقة في تبدل الصورة، وانتقال اسرائيل من صورة الوحش الذي لا يقهر الى صورة المحتفظ بحق الرد، وهي بحسب المعطيات لن تستطيع الرد، وستستشرس في دعم وتسهيل مهمة قوى الارهاب لاستكمال حرب الوكالة عنها..
مصدر امني في "حزب الله"، لا يسقط فرضية التنسيق الاسرائيلي مع "النصرة"، ويؤكد ان "الحزب يدرك جيداً، خطورة المرحلة، وهو لا يستبعد سعي اسرائيل الى تحريك الجبهة الجنوبية (شبعا والعرقوب)، بوكالة النصرة في الايام القليلة المقبلة، ولا يستبعد تحريك نقاط اشغال شمالاً وحتى في مناطق مختلفة من البقاع، مع تعزز فرضية عودة المسلحين الى عرسال".
 ويطمئن المصدر على "الجهوزية الامنية لرد اي خطر قد يهدد لبنان"، ويؤكد ان "اسرائيل فهمت جيداً فحوى الرسالة، وتدرك ان اي خطوة تجاه لبنان باتت تحتاج الى تفكير ملي، وحسابات دقيقة، وان اي عدوان سيكون مغامرة عير محسوبة". ويشدد المصدر على "ضرورة وعي الجميع لخطورة المرحلة، والتكاتف والتضامن للفظ الفكر الغريب عن الجسم اللبناني".
عنوان المرحلة المقبلة ، يمكن قراءته من "كوباني" الكردية في سوريا، التي وبحسب مزاعم التحالف الدولي، كانت من الاسباب الموجبة للتدخل ضد "داعش". وها هي كوباني، يسجل الاعلام اعداد قتلاها تحت مرأى العالم، فيما يبدو ان تركيا تنتظر المخرج واللحظة المناسبين لبدء تدخل بري في سوريا، وفق ما اعلنه امس رئيس وزرائها احمد داود اوغلو الذي قال "نحن جاهزون للتدخل البري في سوريا في حال قامت جميع الاطراف بواجبها، على امل الا يكون التدخل التركي (بمحظوراته وابعاده وتبعاته) على انقاض وجثث الاكراد في كوباني".
على امل ان يعي اللبنانيون ان المرحلة الآن، ليست للترف، وتحقيق النقاط والمكاسب السياسية، فالخطر السوري يحدق بلبنان، والمسألة باتت "مسألة بقاء وطن او زواله".

  • شارك الخبر