hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - البير فرحات

مغالطات الحراك حول الجيش الوطني الشعبي

الجمعة ٦ كانون الأول ٢٠١٩ - 16:38

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من سلبيات نخبة المجتمع المدني الجزائري، أنها تتخلف دوما عن حركة التاريخ. والتاريخ الذي سيكتب بعد انتخابات 12/12/2019 ، قد يدفن إلى الابد النظرة السائدة، أن الجيش الجزائري لا يتماشى مع الديمقراطية، والأدلة موجودة.
فخلال الاسبوع الماضي وفي عز الحراك الصاخب، نشر البنتاغون، القلب النابض للجيش الأمريكي، بيانا أشاد فيه بالجيش الجزائري، وقال أنه "شريك استراتيجي متمكن، وأنه تربطنا به علاقات متينة، وله دور بناء في ترقية الأمن في المنطقة، ويمتلك خبرة كبيرة في الحرب على الارهاب".
ومثلما كان متوقعا، مرّ هذا الموقف البراغماتي الصارم من الجيش الأميركي نحو نظيره الجزائري بصمت، ولم تتحدث عنه الاصوات والمنابر التي كانت منذ بداية الأزمة تحاول أن تسوق على القوى الغربية، فكرة أنه على رأس الجيش الجزائري ، قائد أركان ( الجنرال أحمد قايد صالح) طموحه الوحيد هو أن يكون "سيسي الجزائر".
صحيح أنه يمكننا أن نتهم الأميركيين بتهم كثيرة، لكن لا يمكن أبدا أن نتهمهم بقبول شراكة مع جيش آخر ( عربي وإفريقي)، إذا لم تتشارك معه في قيم معينة، وما لم يبرهن الجيش الجزائري أنه يستند على المبادئ الاساسية لبناء نظام ديمقراطي.
فجيش مثل الجيش الوطني الشعبي الجزائري، والذي يعمل ليل نهار لضمان الامن الوطني وأمن المنطقة، والذي يوجه كل قواه لضمان استقرار المنطقة كلها، لا يمكن أن يكون عامل لزعزعة الاستقرار في بلاده ، وهذا ما اراد الاميركيون قوله من وراء إشادتهم بالجيش الجزائري، وهذا ما يرفض الحراك أن يسمعه ويفهمه .
فمذ أشهر ، ورئيس الاركان ينتقد "الحكم الشخصي"، ويردد أن الجيش الجزائري لا يريد أن يتدخل في السياسة، ويقدم الضمانات خاصة إلى المعارضة ونخبها، بأن الرئاسيات المقبلة ستتم في شفافية غير مسبوقة، ما زالت هذه ترفع كل اسبوع شعار "مدنية وليست عسكرية"، الشعار الذي افرغه الواقع من محتواه ، إلا أن الحراك تبنى هذا الشعار وكأنه هو عقدة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد حاليا ، وفي الحقيقة ما هو إلا محاولة ابتزاز تنم عن سوء نية ، لأن خروج الجيش من السياسة بدأ حتى قبل مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حيث انسحب الجيش من الحياة السياسية سنة 1989 ، عندما انسحب ممثلوه من حزب جبهة التحرير الوطني، وعمل قادته على ضمان تحويل المهارات نحو المؤسسات المدنية.
إلا أن رئاسة الجمهورية استثمر ت في الصراع الكاذب، بين العسكري والسياسي الموروث عن الثورة التحريرية ، وهو ما دفع ببوتفليقة إلى إقالة الجنرالات الذين اختلفوا معه خاصة سنة (2004)، ولم يهتم لملاحظات قيادة الا ركان ورفضها لتعديل الدستو ر سنة 2009 بما يسمح له بعهدة رئاسية ثالثة، وتجاهله رفض الجيش لعهدة رابعة سنة 2014، وكان هذا ظاهريا لبناء "حكم مدني" ، تحول لاحقا إلى نظام مافيوي ، و الهدف منه هو ضرب هيكلة الجيش ، الذي كان يلعب دور حكم سياسي واجتماعي ، وكانت الر سالة التي يريد بوتفليقة ومعه العصابة التي يترأسها، ارسالها من إذكائه الصراع السياسي مع العسكري، أنه لمن أراد أن يبحث عمن يعرقل الديمقراطية، فسيجدها في مبنى " الطغاران"، وما جعل هذه التهم تبدو حقيقية، أن المؤسسة لا تتحدث ولهذا فهي تسمى " الصامتة الكبرى" la grande muette".
لكن الحراك يتجاهل عمدا الحديث عن 20 سنة من الحكم فرضتها انتخابات مزورة ومحسومة مسبقا لصالح بوتفليقة ، والان يحاول توجيه غضب العشرين سنة من حكم بوتفليقة ضد الجيش الذي وجد نفسه في الواجهة السياسية. وإذا وجدت النخبة المزعومة راحتها في انتقادها للجيش واتهامه بأنه يستحوذ على الحكم ، فإن استحواذه المزعوم على الحكم هذا هو الاقصر( 10 اشهر) في تاريخ الديمقراطيات ويمكن القاء نظرة على التجارب، الاسبانية، التر كية واليونانية والبرتغالية ، لنعر ف ما معنى الديكتاتوريات العسكرية، أين بقيت قبضة الجيوش على الحكم سنوات إن لم نقل عقودا.
لكن على خلاف ذلك ، حدد الجيش الجزائري مدة زمنية محدودة (12 ديسمبر) ، للعودة الى المسار المؤسساتي الطبيعي، وهذا بدون اللجوء الى إعلان حالة طوارئ ولا حالة استثنائية، أو حظر تجوال، بل حاولت أمام وضع حرج، منع اية انزلاقات سياسية من شأنها أن التضييق على الحريات ، إلا في حالة ضمان الأمن الوطني وشن الحرب على الفساد، وللغرابة هذا المطلب الذي اختفى نهائيا من مطالب الحراك .
كل هذا تعرفه القوى الدولية جيدا، وإن كان بإمكان البرلمان الأوربي أن يهب لنجدة النخب السياسية المعارضة، فهذا لن يغير في الامر شيئا لا في الشكل ولا في المضمون، لأن الجيش الجزائري مصمم على تنظيم انتخابات رئاسية بطريقة ديمقراطية حتى وإن يعجب هذا الامر البعض، وسينجح في هذا الرهان .

  • شارك الخبر