hit counter script

الحدث - مروى غاوي

"التيّار" يخفّض السقف... فهل تولد الحكومة سريعاً؟

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

منذ انطلاقة عملية تأليف الحكومة لم يتوقّف توجيه أصابع الاتّهام إلى "التيّار" بالعرقلة واختلاق العراقيل ووضع العصي في الدواليب، حتى ذهبت بعض الأطراف إلى حد اتهام رئيس "التيّار الوطني الحر" جبران باسيل بالاستئثار بالقرار في ما خصّ التأليف ووضع الشروط والشروط المضادة وبأنّه كان المحرّك والمعرقل معاً لعمليّة الـتأليف، وذهبت حتى إلى حدّ اللعب على وتر العلاقة بين باسيل والرئيس المكلّف سعد الحريري بربط ولادة الحكومة بالأوّل وليس بالثاني.
وفي كل مرّة كان "التيار" يردّ على الاتّهامات لكنّ الإشارات كانت تدل على أنّه الطرف الأساسي والمؤثّر وحده في ما يحصل حكومياً، فهو وضع الـ"فيتوات" على الحصّة الدرزيّة مطالباً بحقيبة لرئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" طلال أرسلان، وقلّص حصّة "القوّات اللبنانيّة" إلى ثلاثة من دون وزارة سياديّة فيما كان يريد حصر الحصّة التمثيلية المسيحيّة بنفسه وتحجيم الآخرين ممّا أوقف عجلة التأليف وأخّر ولادة الحكومة، ولكن على ما يبدو فإنّ "التيّار" اليوم بات ينظر إلى نصف الكوب الملآن وليس إلى أكواب الآخرين، بمعنى أنّه يريد حصته وتتضمّن حقيبتي الطاقة والخارجيّة ولم يعد يتطلّع إلى رفع السقوف.
ووفق التحليلات فإنّ "التيّار" قد يكون في صدد المبادرة إلى التراجع عن سقف مطالبه الوزارية والاكتفاء بالحصة المسيحية الوازنة التي سيحصل عليها كما تقول المعلومات مناصفة مع الرئاسة الأولى، وفي صدد التغاضي عن توزير "اللقاء الديمقراطي" بعدما سُدّت الأفق لدى الطائفة الدرزيّة بتعنّت رئيس "الحزب التقدّمي الاشتراكي" وليد جنبلاط .
وفق مطلعين على التفاصيل الداخلية في "التيّار الوطني الحر"، إنّ مراجعة شاملة حصلت تحت عنوان تسهيل التأليف من دون تنازلات كبيرة لتسهيل الولادة الحكوميّة وتصحيح المرحلة وتنقيتها من الشوائب. وفي المراجعة لما كسبه "التيّار" وما خسره في المواجهات السياسية التي خاضها منذ الانتخابات النيابية حتى عملية إنجاز الحكومة تبيّن أنّه استطاع تحقيق شعبويّة في الانتخابات النيابيّة، وأنْ يفوز بالكتلة المسيحيّة الأكبر في المجلس.
لكنّ "التيّار" خسر كثيراً في علاقاته مع القوى السياسيّة بحيث زاد عدد أعدائه وكارهيه على الساحة الداخلية، وكان أوّل من تشوّهت علاقته معه هو حزب "القوّات اللبنانيّة" في تفاهم "أوعا خيّك" لتتوسّع مروحة الخصومات باتجاه "الاشتراكي" و"حركة أمل". ثمّ جاء موضوع تشكيل الحكومة ليزيد من التباعد بين "التيّار" والقوى السياسية، فتوسّع الفراق مع "الاشتراكي" بعد تحدّيه المختارة بمحاولة فرض النائب طلال أرسلان، ما أدّى إلى خروج زعيم المختارة عن موضوعيّته ليهاجم العهد ويصفه بالفاشل. ومع معراب لامست العلاقة حدود الصفر قبل أنْ يتم فرض التهدئة بين الحزبين المسيحيّين.
وعليه وإذْ يتطلّع الجميع إلى حلحلة على المستوى الحكومي بتراجع "التيّار" عن شروطه لجهة التمسّك بتوزير أرسلان وإبدائه المرونة مع "القوّات"، فإنّ الحكومة أصبحت على وشك الولادة مع تنازلات "التيّار" لترييح الجو على أنْ يُستَكمَل مشروعه لهذه الجهة، على ما تقول أوساط، بالانفتاح على القوى السياسيّة وإعادة ترتيب الأوراق لتسيير شؤون البلاد وتأمين الانطلاقة الفعليّة للحكومة والعهد لأنّ نجاحهما متلازمان، وعليه تتوقّع أوساط مطلعة أنْ يشمل الانفتاح العلاقة مع عين التينة التي تدهورت كثيراً في مرحلة الانتخابات النيابية، والتي تشهد حالياً هدوءاً شاملاً، كانت بدأت بانتخاب نبيه برّي رئيساً للمجلس بـ17 صوتاً له من تكتّل "لبنان القوي" تحت عنوان الميثاقيّة، الأمر الذي طوى صفحة الماضي ومهّد لشبه مصالحة أو هدنة سياسيّة بين الحزبين بعد فترة طويلة من الخصومة السياسيّة والخلافات استمرّت أشهراً على خلفيّة الانتخابات وهجوم رئيس "التيار" على بري ووصفه بالبلطجي.
من دون شك، فإنّ رعاية العلاقة ومنع عودتها إلى نقطة الصفر تحصل بعناية قصر بعبدا. ووفق أوساط في التكتّل فإنّ عمليّة تقييم سياسة "التيار الوطني الحر" ومراجعة المرحلة الماضية جرت قبل فترة تمّ فيها التوافق على فتح صفحة مختلفة مع رئيس المجلس على قاعدة "عفا الله عمّا مضى" والانطلاق نحو المستقبل. وبنتيجة المراجعة سيتم اعتماد سياسة جديدة ومتوازنة مع كل الاطراف وترتيب علاقة "التيّار" التي تاهت في مرحلة الانتخابات بداعي التشنج السياسي والانتخابي وقد تفاقم الوضع في مرحلة تقاسم الأحجام وتوزيع الأوزان الحكوميّة، وتشمل استراتيجية "التيّار" ترتيب أيّ علاقة مع أيّ طرف خصوصاً تلك التي تشوّهت في المرحلة الأخيرة، وإذا كانت العلاقة مع "تيّار المستقبل" هي أفضل العلاقات فإنّه بصدد توسيع مروحة مصالحاته بما يُسهِّل تأليف الحكومة وانطلاقة العهد القوي.
الواضح أنّ مرحلة سياسيّة جديدة يسعى إليها "التيّار" تجاه سائر القوى السياسيّة قد يكون أهمّها إعادة وصل ما انقطع مع عين التينة، وقد كان لافتاً في زمن تأليف الحكومة أنّ توسّع رقعة التجاذب الحكومي لم تحصل بين "التيّار" و"أمل"، فباسيل أدرك حدوده ومكتسباته الحكوميّة لجهة أنّ "الماليّة لأمل والخارجيّة والطاقة للتيّار"، كما أعاد الحسابات إلى مربع ما قبل الخلاف مع رئيس المجلس، كون حيثيّته لا يمكن تخطّيها، وفي كل الأحوال يعتبر الاقتراب من وزارة الماليّة خط أحمر، كما هي حال الداخلية والاتصالات اللتين هما من حصّة "المستقبل".
 

  • شارك الخبر