hit counter script

الحدث - جورج غرّة

هكذا أنقذ ماكرون الحريري من المأزق السعودي... تحرير جسدي وأسر سياسي

الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

فور إدراكه ان الأمور خرجت عن السيطرة في المملكة العربية السعودية، ترك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبو ظبي يوم الخميس في 9 تشرين الثاني وانطلق نحو مطار الرياض حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمدة 3 ساعات. الحديث بينهما كان فقط عن لبنان وعن رئيس الحكومة سعد الحريري، ولولا إدراك ماكرون وتأكده ان الحريري محتجز لما كان اتجه على وجه السرعة الى الرياض للمطالبة فورا بإصطحاب عائلة الحريري معه الى باريس. ولكن ولي العهد أكد ان العائلة موجودة في بلدها ولا ضرورة لخروجها الآن.

اللقاء بين ماكرون وولي العهد كان سيئا بحسب ما تصفه دوائر فرنسية ولبنانية اطلعت على نتائجه، الأمر الذي دفع ماكرون الى التصعيد، لأنه وضع نصب عينيه قضية الحريري ليس لانه يحمل جنسية فرنسية، بل لأن فرنسا تبقى "الأم الحنونة" للبنان منذ أيام الإنتداب وإلى ما بعد الإستقلال.
ماكرون نجح في وضع الحل على السكة الصحيحة، على طريقة الا يموت الناطور وان يأكل الجميع من العنب، وفور تصعيد ماكرون موقفه وإرسال رسالة مبطنة للسعوديين بأن فرنسا ستلجأ الى مجلس الأمن في ملف لبنان وفي ملف اليمن أيضا لأنها تملك حق النقض الفيتو، إهتزت المملكة وبدأ بن سلمان يبحث عن السيناريو المناسب وجمع كل معاونيه وبينهم الوزير ثامر السبهان لحفظ ماء الوجه.

مخطط بهاء الحريري تم إحباطه من قبل آل الحريري في لبنان ومن قبل حلفاء لهم عاونوهم في الخطة بطريقة سرية، وفي اليوم الذي زار فيه ماكرون السعودية كان مخطط بهاء الحريري قائما ويجري تطبيقه وكانت الاتصالات حصلت مع آل الحريري في بيروت لسحبهم الى الرياض لمبايعة بهاء، ولكن بعد فشل هذا البند الاساسي من المخطط السعودي، إضطر ولي العهد على بحث المخارج للحريري وله وللفرنسيين.
الإتفاق بين وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان وولي العهد كان بخروج الحريري نحو باريس بزيارة رسمية، وهذا الخبر تلقاه باسيل من المسؤولين الفرنسيين، ولكن المفاوضات لم تتوصل الى اخراج كل عائلة الحريري من الرياض بل فقط زوجته، ولكن الحريري وقبل مغادرته اتفق مع ولي العهد محمد بن سلمان على كل شيء في موضوع العائلة والسياسية والعودة الى لبنان وزيارة مصر، وكل الملف اللبناني وكيفية العمل به، ومتى يعود حتى الى السعودية، وكم سيبقى من الوقت في بيروت، وماذا سيقول للرئيس ميشال عون، كما اتفق معه على ان ما حصل في السعودية سيبقى في السعودية.

بالنسبة للفرنسيين فهم باتوا يعلمون كل شيء والحريري اطلع ماكرون على كل الأمور وعلى ظروف اقامته في السعودية، وعلى اتفاقه الأخير مع ولي العهد، وفرنسا تعتبر ان الحريري تحرر جسديا ولكنه لم يتم بعد تحريره سياسيا لكي يعمل على هواه كما كان يفعل قبل الإستقالة، وهو لا يزال أسيرا للسياسة السعودية، لأن السعودية لا تريد ان تفلت الورقة السنية التي تملكها في لبنان، كما ان الحريري لا يستطيع ان يعمل من دون دولة تقف الى جانبه بالرغم مما فعلته به السعودية من إحتجاز ومحاولة تغييره وإحراقه سياسيا بالطريقة التي حصلت فيها الاستقالة.

البعض كان يريد ان يخرج الحريري من الرياض الى بيروت ولكن الفرنسيين فضلوا ان يذهب اليهم اولا، وباريس دفعت للسعودية أثمانا باهظة مقابل هذا الامر، والثمن الأكبر كان تأجيل فرنسا للقاء كان مقررا مع الإيرانيين، كما ان فرنسا وترت علاقاتها مع السعوديين ومن خلفهم الخليجيين لدى التهديد بانها ستلجأ الى مجلس الامن فورا في حال لم يتم إخراج الحريري من الإقامة الجبرية.
السعوديون إحتموا بماكرون لانه عمل على تخفيض النقمة الاوروبية والدولية عنها، لانه تكفل امام المجتمع الدولي بحل ملف الحريري، لان الرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل عملا على تدويل المشكلة وجعلها أمرا دوليا وليس لبنانيا فقط.
الحل انطلق من الإمارات عندما تكفل ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد أمام ماكرون بتأمين موعد له فورا مع ولي العهد السعودي، وتوسط بن زايد لدى بن سلمان لحل الموضوع، كما ان اتصالات هاتفية حصلت بين ماكرون وبن سلمان قبل اللقاء في مطار الرياض.
ماكرون جلس يوم الأحد 12 تشرين الثاني والى جانبه مترجم يشاهد حلقة الرئيس سعد الحريري التلفزيونية، وتأكد عندها ماكرون انه يجب ان يتحرك فورا لان الامور لم تعد تحتمل والحريري فضح السعوديين بمقابلته، لانه اكد للجميع انه ليس سعد الحريري من يتكلم، وعندها قرر ماكرون اللجوء الى مجلس الأمن، وفورا تلقفت السعودية الرسالة الفرنسية ولجأت الى فك قيد الحريري جسديا وارسلته الى باريس بقيد سياسي وعائلي.
فرنسا باعت السعوديين مواقف ضد إيران، ونجحت في سحب الحريري من السعودية وترتيب اموره، وسياسة ماكرون الخارجية نجحت في مكان ما بطلب من الرئيس ميشال عون الذي لجأ الى الفرنسيين لانه يعرف انهم القادرون على مساعدة لبنان.
 

  • شارك الخبر