hit counter script

الحدث - دافيد عيسى - سياسي لبناني

سامي الجميل... ما له وما عليه

الإثنين ١٥ حزيران ٢٠١٧ - 05:52

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قدر سامي الجميل ان ينخرط في السياسة باكراً ليكمل مسيرة حزب عريق وعائلة وطنية جذورها ضاربة في تراب الوطن وتاريخه، أبى ان يخوض غمار السياسة بطريقة تقليدية وان يخضع لقواعد اللعبة ويلتزم بها حرفياً، وانما شاء ان يكون له اداؤه الخاص والمميّز، ويكون له خطابه وقاموسه السياسي وان ينسج سياسته ومواقفه من خيوط قناعاته ومبادئه، هو المؤتمن على قضية استشهد من اجلها كثيرون من افراد عائلته وحزبه ومجتمعه.
تسلّم رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل المقاليد والمسؤوليات في مرحلة دقيقة حافلة بالصراعات والتحديات وكان عليه ان يواجه ويثبت وجوده وان يحجز موقفاً متقدماً لحزب الكتائب ويرد له الحضور والدور الفاعل والمؤثر الذي كان له على مرّ السنوات، قبل الحرب وخلالها وبعدها.
- "المتمرد"...
اول ما فعله هذا الشاب "المتمرد"، انه اظهر استقلالية في الموقف والقرار واراد ان يبرهن انه غير مقيّد بإرتباطات وإلتزامات، كما أخذ مسافة من الطبقة السياسية الحاكمة ليقترب من المجتمع المدني والناس ويحاكي همومهم وتطلّعاتهم ويحكي لغتهم مراهناً على ان التغيير يأتي منهم وبواسطتهم وان الشعب لا بدّ وان يتغيرّ ويغيّر ويحاسب ويحدد المسؤوليات.
- بين الواقع والاحلام ...
ما يعتبره انصار الجميّل ومحازبوه خطوات وقرارات صعبة وشجاعة يجب اتخاذها كل مرة حصل اصطدام بين المبادئ والمصالح، وبين القضية والواقع، يعتبره اخصامه وحتى بعض حلفائه احلام ومزايدات واخطاء خصوصآ عندما لا تعود السياسة مطابقة للواقع ومتآلفة معه، فكيف اذا كان واقعاً لبنانياً صعباً ومعقداً ودقيقاً في توازناته وقواعده وحساباته السياسية والطائفية والمذهبية.
- مشاكس في وجه الحلفاء والخصوم ...
هناك وقائع وامثلة عدة بشأن قرارات انقسم حولها اللبنانيون بين مؤيد ومعارض اتخذها حزب الكتائب في العامين الآخيرين اظهرت ان سامي الجميل مشاكس في وجه الطبقة السياسية خصوماً وحلفاء لا بل متمرّد عليها وغير راضخ للعبتها وقيودها، ولكن هذه القرارات جاءت مكلفة وبنظر البعض لم تؤتِ ثمارها السياسية واعطت نتيجة معاكسة لما كان يُراد منها.
هناك على سبيل المثال قرار الكتائب بالإستقالة والخروج من حكومة الرئيس تمّام سلام، هذا القرار رغم انه يستند الى حيثيات واسباب واقعية دافعة، نتيجة الطريقة الأحادية التي كانت تُدار بها الحكومة وسياسة التهميش والتجاهل التي كانت تُتّبع مع وزراء الكتائب، الا ان القرار لم يكن محصّناً سياسياً ومدروساً من كل جوانبه اقلّه لناحية الخطوة التالية بعد الإستقالة او ما يُسمّى "خطة ب" لإستثمار هذه الخطوة وجعل مفاعيلها ذات أثر وتأثير.
ومثال آخر يتعلّق بإنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وكان ثمرة شبه توافق وطني وان كان توافقاً اكثرياً وليس جامعاً...
وفي هذا المجال تحديدآ فقد طرح موقف حزب الكتائب ضدّ هذا الإنتخاب معطوفاً على عدم التفاعل ايجاباً مع اتفاق المصالحة المسيحية بين "القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ"، تساؤلات عديدة كون الكتائب غرّدت خارج سرب قيادات 14 آذار الاساسيين الذي تمثله في المجلس النيابي مع القوات اللبنانية والمستقبل والاشتراكي ومستقلّين، وانفردت في موقف وضعها خارج الحكم دون سواها من الأحزاب والكتل النيابية ولا ينسجم مع خطها التاريخي في الوقوف الى جانب رئاسة الجمهورية.
واذا اردنا ان نكون موضوعيين لا بد لنا من القول ان الأحداث والتطورات والنتائج وحدها تثبت صوابية او عدم صوابية السياسات والقرارات التي اتخذت او المتخذة من جانب حزب الكتائب ورئيسه، ولكن من الواضح ان ما ينتهجه سامي الجميل من سياسات وما يتخذه من قرارات يأتي من خارج السياق السياسي التقليدي والمألوف ويتخذ في اغلب الأحيان طابعاً صادماً ومفاجئاً وحتى استفزازياً، لكن نقر ان هذا الشاب منسجم مع ذاته ومرتاح لما يفعله ومقتنع به.
- سامي الجميل... والعزف المنفرد
نحن نشجّع على السياسات والمبادرات الجريئة المتمرّدة على واقع مزرٍ، الهادفة الى التغيير نحو الأفضل، التي تلبّي تطلّعات شعب سئم الألاعيب والمناورات والمماحكات السياسية واصابه الملل والقرف وتملّكه سخط وغضب إزاء وضع صعب وثقيل في وطأته وأحماله، حاضره يراوح مكانه ومستقبله من دون افق.
واللبنانيون في حاجة ماسّة الى تغيير جذري في حياتهم ونمط تفكيرهم وعيشهم وراغبون فعلاً في رؤية اصلاحات وتحسينات توقف الإنحدار الى القعر وتضعهم على طريق الصعود الى القمة.
ولكن واقولها بكل صدق ومحبة ان اي طرف وفريق مهما بلغ شأناً وقوة، ومهما امتلك من تصميم وارادة لا يمكنه ان يغيّر لوحده وان يعزف منفرداً على المستوى السياسي وانما هو في حاجة الى حلفاء وشركاء خصوصاً في واقع مثل الواقع اللبناني المتعدّد الأطراف والقوى والمحكوم بتشابك المصالح والمؤثرات.
- الانتخابات النيابية والتحالفات...
واذا كانت الإنتخابات النيابية هي المحطة الفاصلة والحاسمة في إحداث التغيير المطلوب، وفي القيام بعملية محاسبة شاملة عقاباً ومكافأة، وفي تعديل ميزان القوى وسلطة القرار والحكومات المنبثقة عن البرلمان مصدر السلطات، فإن الأحزاب السياسية ايّا تكن غير قادرة على اختراق الواقع والتغيير فيه من دون تفاوت وتنسيق فيما بينها واي حزب غير قادر لوحده على ان يفعل شيئاً وحتى ان ينجح ويصل الى البرلمان بالحجم الذي يتناسب مع طموحه وتطلعاته.
حزب الكتائب الذي يتأهب لخوض الإنتخابات وإثبات وجوده الشعبي والسياسي والحصول على كتلة نيابية وازنة ومؤثرة، ينقصه الحلفاء وما زال مقصراً في بناء تحالفاته السياسية التي لا يعوّضها تحالفه المميّز مع المجتمع المدني.
فالإنتخابات في لبنان قبل ان تكون شعبية واصواتاً هي "تحالفات" وتكتلات سياسية في الدرجة الأولى ومن دونها لا يكون هناك تكافؤ في الأوضاع الإنتخابية وفي فرص الفوز.
فإذا بادر حزب الكتائب الى تطعيم توجهاته ومبادراته الشعبية بتحالفات سياسية، فانه يكون قد خطا بإتجاه كسر مأزقه الراهن وتكون له بعد خروجه من النافذة الحكومية الضيّقة فرصة العودة الى المعادلة الوطنية والسياسية من الباب النيابي الواسع.

  • شارك الخبر