hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - ملاك عقيل

هل يزوّج "بي الكلّ" أولاده مدنيا؟

الإثنين ١٥ نيسان ٢٠١٧ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مفارقة لافتة. في الوقت الذي تدقّ فيه طبول المذهبية في لبنان، ثمة من يصرّ على اختراق جدار الطائفية السميك. في لبنان هناك الالاف من نضال درويش وخلود سكرية. هل من يتذكّرهما؟ هما بطلا أول زواج مدني يوقع في لبنان من قبل وزير الداخلية السابق مروان شربل. مثلهما لا يزال المئات من اللبنانيين، في زمن العصف المذهبي والطائفي، يصرّون على التحرّر من طقوس الدين وموجباته. يتوجّهون الى أي دولة تعتمد الزواج المدني، يقومون بإمضاء بعض الاوراق ثم يعودون الى بلد يدفن كل يوم أي أمل ببناء دولة مدنية علمانية.
في كل حيّ، في كل شارع، في كل منطقة او قضاء. في الساحل او الوسط او الجبل، ثمة "جيوش" من مناهضي الطائفية. يمقتون المذهب على الهوية، ويحلمون بدولة مدنية لا مكان فيها للتمييز على أساس الدين.
الرئيس ميشال سليمان رئيس الجمهورية السابق صفّق لأول زواج مدني فرضه نضال وخلود ودعا الى قوننته. لم يسبقه أحد من السياسيين على دفع هذه القضية الى واجهة الاحداث وان عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". سعد الحريري أعلن يومها عدم ممانعته الزواج المدني لكنه رفض أن يكون أولاده من ضمن الملتزمين به. الناشطون في المجتمع المدني ومؤيدو إقرار الزواج المدني في لبنان يعلمون جيدا ان "التغريد" شئ والتنفيذ شئ آخر. نصف الطبقة السياسية وربما أكثر، عن قناعة او إرضاء للقواعد الشعبية أو تبييضا للوجه أو مسايرة أو حتى مناورة، ترفع لواء الزواج المدني في لبنان كمقدمة عملية لالغاء الطائفية السياسية. وعندما تُزرك في الزاوية تتحجّج برفض رجال الدين المطلق لاقرار القانون. يريحها هذا "المخرج"، طالما ان علّة وجود هذه الطبقة السياسية هي الطائفية نفسها.
يحمّل العهد اليوم الكثير من الاعباء والمطالبات والمناشدات. لا بأس من مطلب إضافي ينسجم أصلا مع "روح" التحرّر الذي ينادي به "التيار الوطني الحر" البيت الاصلي لرئيس الجمهورية. المراهنون على العهد لا يتوقعون أقلّ من موقف رئاسي يدفع باتجاه استئناف التوقيع على حالات الزواج المدني في لبنان. التوقيع طبعا يعود لوزير الداخلية الذي له رأيه المعروف في الموضوع. لكن موقف الرئاسة يمكن أن يمنح جرعة دعم معنوي مطلوبة في كل وقت خصوصا ان "تيار الجمهورية"، كما وصفه الوزير جبران باسيل، أعاد مجددا فتح باب النقاش بشأن الاصلاحات المطلوبة، ومنها إقرار قانون مدني للاحوال الشخصية، المفترض أن تواكب انتخاب أي مجلس النواب على أساس النسبية الكاملة بمعناها الوطني العام.
وفق الاحصاءات اكثر من 65% من نواب البرلمان الحالي يؤيدون الزواج المدني، وقد ترتفع النسبة مع مجلس النواب المقبل. القانون اللبناني الاختياري للاحوال الشخصية " "محنّط" اليوم في جارور اللجان النيابية المشتركة. مجرد ديكور لا أكثر ولا أقل. لا أحد من داعمي إقرار القانون يجرؤ على وضعه ضمن أولويات برنامجه الانتخابي او يدفع باتجاه فرضه على طاولة المناقشات. الانتخابات آتية لكن أحدا لن يفعلها خصوصا إذا كان جيش المرشحين قد قدّم ترشيحه على أساس قانون مذهبي وطائفي!
في زمن القوانين الانتخابية المذهبية قد يصبح من الصعب فتح بوابة التغيير نحو تحرير الشرايين اللبنانية من سرطان الطائفية، إلا إذا صفت النيات فعلا بالانتقال التدريجي الى شبه الدولة المدنية وهذا أمر لا يزال يعتبر اليوم من سابع المستحيلات.
استفتاء بسيط يظهر ان الغالبية العظمى من الطبقة السياسية غير مطلعة على المسار الذي سلكته الدعوات منذ العام 1951 لاقرار قانون موحّد (اختياري) للاحوال الشخصية. تعلق في الذاكرة "العملية الانتحارية" التي أقدم عليها رئيس الجمهورية الاسبق الياس الهراوي عام 1998 حين طرح مشروع قانون الاحوال الشخصية الاختياري وأقرّ بأكثرية 21 وزيرا، وتمّ "خنقه" لاحقا حين منع الرئيس رفيق الحريري طرحه على الهيئة العامة لمجلس النواب. مع العلم ان مؤسسات المجتمع المدني سجّلت عدة مبادرات للسير بقانون مدني اختياري للاحوال الشخصية، كان أفضل ردّ عليها من قبل السياسيين هو إدارة الظهر لها!
الهراوي فعلها ولم يصل الى نتيجة. كرّرها الرئيس ميشال سليمان، وإن بطريقة غير رسمية وغير منظمة، وارتدت ثوب ردّة الفعل وليس الفعل. تحمّس بعض السياسيين ولاقوه "افتراضيا" الى نصف الطريق. حماسة تشبه فقاعات الصابون. ثمة من يريد أن يسمع صوت رئيس الجمهورية، من موقعه في بعبدا هذه المرة، ينادي بالزواج المدني علنا ويؤيده ويدفع باتجاه تسجيل عقوده في الدوائر الرسمية اللبنانية خصوصا أنه كان نادى دوما بإقرار قانون مدني للاحوال الشخصية... مجرد موقف بانتظار الخلاص الشامل. فترة ست سنوات ستكون كافية لتحويل الحلم الى حقيقة. قانون اختياري للاحوال الشخصية في عهد ميشال عون!

  • شارك الخبر