hit counter script

الحدث - حـسـن ســعـد

"ليبانون سيندروم"... المرض اللبناني المشترك

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 06:28

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

برعاية نظام سياسي - طائفي يتمتع بـ "مناعة" منقطعة النظير، تُعتبر التركيبة السلطوية الحاكمة للبنان من السلطات "المُعمّرة" ذات الخبرة المديدة وصاحبة إمتياز حصري في اختطاف واسترهان الشعب اللبناني بكافة فئاته وأجياله.
ورغم الحصار الذي تتعرض له هذه التركيبة من حين لآخر، إلا أنها سرعان ما تنجح بالإفلات منه بفضل الحصانة الدائمة التي توفّرها البيئات الحاضنة "المخطوفة" للزعماء "خاطفيها" الذين يتقاسمون السلطة وكنوزها بالوراثة والتوريث دون إعتراض يُذكر، مُدعّمين بالمناعة المضافة من خلال جرعات "التعاطف" الطائفي الأعمى معهم، حيث لا يمانع الكثيرون في بذل التضحيات بالدم والروح والممتلكات والحاضر والمستقبل والمصير بلا أي مقابل يُسهم في تحريرهم من الأسر أو يُخلصهم من بؤس مواطنيتهم المُشوّهة بالكثير من مواصفات العبودية.
نظرياً، تشبه العلاقة العاطفية "المُطيّفة والمُسيّسة" بين فئات الشعب اللبناني وبين زعمائهم حالة "ستوكهولم سيندروم"، حيث سطا مجموعة من الأشخاص على أحد المصارف في السويد وأخذوا بضعة أشخاص كرهائن لستة أيام، وخلال هذه المدة تطوّر شعور بالألفة بين الخاطفين والرهائن إلى درجة أن الرهائن دافعوا عن خاطفيهم بعد إنهاء عملية السطو ووقفوا إلى جانبهم أثناء المحاكمة.
عملياً، هذا ما يحصل في لبنان ولكن بأعداد أكبر ومساحة أوسع، حيث تتعاطف الجماعات "الضحايا" مع آراء وأفعال الزعيم "الجاني" فتتبنّى مواقفه وتدعمه في كل ما يقوم به حتى وإن قام بإيذائها، إلى درجة أن يرفض "المجني عليهم" التعاون لتخليصهم من قبضة "الجاني"، ليسيطر في النهاية الشعور بأن هذا "الزعيم، الحاكم، الجاني" هو من يمنح هذه الجماعة أو تلك حق الحياة.
بالجمع بين "نظرياً" وعملياً، يتبيّن أن الشعب اللبناني يعاني من حالة مماثلة يمكن تسميتها "ليبانون سيندروم" مع "تميّز خاص" للحالة اللبنانية يتمثّل في أن عدد "المُختطَفين الرهائن" يقارب تعداد شعب بأكمله، ولا يتجاوز عدد خاطفيه عدد أصابع اليدين معاً، مقارنة بالعدد المحدود للمصابين بحالات "ستوكهولم سيندروم" المعروفة.
أما على المستوى السياسي المُرتهن للخارج، حيث الخاطف "المحلي" المختطف بدوره "إقليمياً ودولياً" هو أساس العلّة و"بيت الداء والدواء"، وبما أن وسيلة الاختطاف والاسترهان التي أدّت إلى نشوء وتفشّي مرض "ليبانون سيندروم" كانت وما تزال "قوانين الانتخاب"، فإن العلاج - الطبيعي والمنطقي والأخلاقي - لن يكون بغير "إقرار قانون انتخاب جديد" يُعيد للشعب حريّته كمصدر دستوري للسلطات ولصوته فعاليته في تكوين السلطة وللتمثيل النيابي صحته وعدالته على المستويات كافة.
حالة "ليبانون سيندروم" هي "المرض اللبناني المشترك" حيث تتساوى الجماعات في عيش الحالة "المرضية" و"إنكارها" في الوقت نفسه. وهي تستحق النشر في "موسوعة غينيس" كونها الحالة النفسية الوحيدة والفريدة من نوعها في العالم التي يعاني منها ملايين "المرضى" ضمن نطاق جغرافي محدّد، ليس فيه من يُعالج ولا مَن يتقبّل العلاج.
 

  • شارك الخبر