hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - ملاك عقيل

هذا الجمال... من ذاك الهبل !

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتحضّر السيدة الانيقة لدخول أحد أهم عيادات التجميل في لبنان. هي سيّدة ميسورة الحال، ومكتّرة. لاهموم معيشية او اجتماعية او نفسية تلهيها عن الاهتمام بجمالها. منذ سنوات عدة استعرضت مقصّات الجراحة التجميلية "عضلاتها" على العديد من انحاء جسدها. تغيّرت ملامحها نحو الافضل. باتت اكثر جاذبية وجمالا واثارة.

مذاك استهوتها فكرة عدم الانقطاع عن زيارة "رعاة" جمالها. شعرت تدريجا بالادمان على "التغيير والاصلاح والترميم". تنظر يوميا الى المرآة وتسأل نفسها "والان ماذا بعد؟". تستشير دوما ثلة من صديقاتها. تحاول القيام بنوع من الاحصاء حول الامكنة الاكثر الحاحا لديها المفترض ان تشملها ورشة التجميل المفتوحة.

في قرارة نفسها تعلم ان ما دفعته  في سنوات قليلة في عيادات التجميل يغطي تكاليف تعليم طالب من الحضانة حتى نيل شهادته الجامعية من جامعة خاصة. واحيانا تساوي تكاليف عملية واحدة أجرتها راتب موظف حكومي لثلاث سنوات. لكن ما العمل مع الادمان؟

لا دواء له خصوصا اذا كانت الحسابات المصرفية مفتوحة وغبّ الطلب، ودعايات الترويج التي تتناقلها السنة نساء المجتمع الراقي تفعل فعلها عند صاحبة المناعة الضعيفة على كل ما له علاقة برفع اسهم جمالها في صالونات النخبة. اذا لا شئ يقف امام محاولاتها الدائمة لاستكشاف آخر ما يقدمه عالم التجميل.

في زيارتها الاخيرة الى أحد اطباء التجميل المعروفين جدا وضعت في حسابها انها لن تكون ضحية سهلة لـ "العبقري". فقد سبق لها ان صرفت اموالا طائلة على "طلتها"، فاتّخذت قبل دخولها الى العيادة قرارا بمفاوضة الطبيب على  السعر الذي سيقترحه من اجل ادخال تعديلات اضافية الى وجهها الذي تريده "مرفوخا" واكثر نضارة وشبابا من دون الارتماء على "شاريو" غرفة العمليات.  

اول ما فعلته السيدة هو نزع ساعتها التي تبلغ قيمتها نحو 3 الاف دولار وخاتم الالماس من أصبعها والاستغناء عن حقيبتها ذات الماركة العالمية، مفترضة ان رؤية الطبيب لأكسسواراتها سيقوده حتما الى رفع السعر.

إجراءات وقائية لم تنفع في تحويل الباحثة عن الكمال الى ضحية إضافية للطبيب المغرور الذي يتصرّف على أساس ان مجرد دخول اي سيدة الى عيادته هو امتياز لها.

تسأل السيدة طبيب التجميل عن الحل الممكن لاضفاء المزيد من النضارة الى بشرتها. يقترح عليها بسرعة البرق حلا سحريا غير متوافر الا في عيادته. حقنات في الوجه مصنوعة من مركبات طبيعية ثمينة جدا تؤمّن نضارة فورية ومكفولة لمدة تسعة اشهر.

هي ليست بحاجة إذا الى عملية لشدّ الوجه. لم يتطلب الامر سوى غرز الابر في وجهها وتحمّل القليل من الالم وبعدها سترى الحياة اجمل. "مسحورة" صعدت السيدة الى سرير المعاينة بعد ان علمت انها ستدفع 2500 دولار كلفة الابر وحقنات إضافية  لتعبئة خطي الوجه بين الانف والفم. لم تتردّد في اتخاذ القرار بما ان النتيجة مكفولة وفورية.

بعد الانتهاء من عملية الحقن تتذكّر واجب مفاوضة الطبيب على السعر. يهزّ رأسه نزولا ويقول لها بابتسامة عريضة "رح اعملّك سعر حتى تصيري زبونتنا". بلحظات يُسحب من بطاقة السيدة على مدخل العيادة مبلغ الفي دولار.

في رحلة العودة الى المنزل تحاول اقناع نفسها بان المعجزة ستحصل، وبان وجهها الذي يعاني من تعب دائم، رغم عمليات التجميل السابقة، سيكتب له الشباب الدائم على يد "العبقري".

يمر يوم اثنان، ثلاثة، ثم شهر، شهران، ثلاثة.. السيدة لا تكفّ عن النظر الى المرآة. تحاول تلمّس آثار المعجزة. تبحث عن عزاء لنفسها ينسّيها مبلغ الالفي دولار الذي طار بلمح البصر. مضى نحو اربعة اشهر على الحقنات العجائبية، لكن لا أثر للعجيبة. صانع الجمال اكتفى بممارسة السحر على ضحيته... وطبعا الاحتيال عليها. حقنات النضارة المكفولة لا تعدو كونها حقنات من الوهم. واحذروا ماذا؟ السيّدة لم تستسلم. ستبحث عن طبيب آخر اكثر شهرة وأقل احتيالا!

  • شارك الخبر