hit counter script

الحدث - شارل جبوّر

"المستقبل" اختار تعويم ميقاتي على التحالف مع ريفي

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٦ - 06:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يمكن تفسير تحالف تيار "المستقبل" مع الرئيس نجيب ميقاتي في الانتخابات البلدية في طرابلس إلا بكونه خطوة لتجنب معركة انتخابية نتائجها غير محسومة للتيار، وقد جاءت انتخابات بيروت لتشجع "المستقبل" على هذا التوجه، لأن التململ السني الذي ظهر في العاصمة سيكون مضاعفا في عاصمة الشمال مع فارق وجود قوى محلية نافذة وقوية قادرة على التقاط هذه اللحظة لتحقيق الانتصارات على حساب "المستقبل"، الأمر غير المتوافر في بيروت.
وما يؤكد الأسباب التي دفعت "المستقبل" إلى هذا المنحى التسووي الذي اعتمده إعطاء الرئيس ميقاتي "حصة الأسد" بدءا من رئاسة اللائحة، فيما حصة الأسد في انتخابات العام ٢٠١٠ كانت من نصيب "المستقبل" بدءا من رئاسة اللائحة، الأمر الذي يدل بوضوح على حرصه تجنب أي معركة بأي ثمن، لأنه متأكد ضمنا ان الفوز لن يكون من نصيبه، فغلّب البراغماتية على المبدئية السياسية على قاعدة ١٠٠ مرة توافق ملتبس ولا مرة واحدة خسارة مدوية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: من قال ان الخسارة كانت ستكون مدوية لو خاضها "المستقبل" بالتحالف مع اللواء أشرف ريفي انطلاقا من العناوين الوطنية والسيادية؟ بل على عكس ذلك الفوز كان سيكون حتميا، لأن طرابلس غير بيروت، حيث ان عمقها السوري يرفع منسوب تسييسها، ويجعلها أكثر التصاقا بالعناوين السياسية الكبرى، والمدينة بحاجة لمظلة سياسية تُبقي أهلها تحت هذه المظلة بدلا من الانسياب وراء التطرف في خطوات تعويضية لغياب البدائل التي تجسِّد تطلعات الناس، ولكن على رغم كل ذلك فضّل الحريري التحالف مع ميقاتي على التحالف مع ريفي.
وللتذكير فقط ان تيار "المستقبل" كان حوّل كل معركته بعد إسقاط "حزب الله" لحكومة الرئيس سعد الحريري وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي باتجاه الأخير في خطاب تخويني غير مسبوق كان الهدف منه نزع الشرعية السنية عن ميقاتي وانتظار اللحظة الانتخابية لإسقاطه من أجل تثبيت ان انتخابه نائبا تم بأصوات "المستقبل".
و"المستقبل" كان محقا في توجهه السابق حيال ميقاتي، لأن ترؤسه لحكومة "حزب الله" كان خطيئة، وما ينطبق عليه لا ينسحب على الرئيس عمر كرامي، رحمه الله، لأن الأخير في صميم توجه الحزب، ولكن ما يجدر قوله ان ميقاتي لم يبدِّل منذ ترؤسه لحكومته الأخيرة إلى اليوم في خطابه السياسي ولا في تموضعه، ولم يقترب من "المستقبل" وحتى لم يسع إلى هذا التقارب، بل من سعى إلى ذلك هو "المستقبل" الذي أعاد تعويم ميقاتي سياسيا في خطوة كرست الأخير مرجعا أول لطرابلس، وسيندم عليها "المستقبل" في المستقبل.
وبما ان "المستقبل" لا يستطيع ان يخوض مواجهة ضد ميقاتي وريفي معا ويخرج منتصرا، فضّل التحالف مع ميقاتي لا ريفي، لأن كل ذنب وزير العدل تمسكه بالثوابت والمبادئ، وهو يخوض معركة صعبة في مواجهة تحالف فضفاض يملك السلطة والنفوذ والمال، ولكنه فضل ان يكون وفيا لقناعاته بمعزل عن حسابات الربح والخسارة، وبالتالي التأسيس لمعادلة طرابلسية جديدة تحضيرا للانتخابات النيابية التي ستؤسس لمرحلة جديدة، ولكن من دون التقليل من العامل الذي يصب في مصلحة ريفي والمتمثل بمزاج الشارع الطرابلسي الذي لم "يهضم" ترشيح الحريري لفرنجية ولا مساكنته لحزب الله في الحكومة والحوار، ولا تحالفه مع "الأحباش" في لائحة واحدة.
ولكن ما ينطبق على طرابلس لم ينسحب على صيدا كون "المستقبل" كان متأكدا من الفوز لخمسة عوامل: وجود السيدة بهية الحريري الدائم في المدينة وإلى جانب الناس. حفاظ الرئيس فؤاد السنيورة على سقفه السياسي-الوطني. نجاح المهندس محمد السعودي في إدارته الإنمائية. المزاج الصيداوي أقرب إلى الاعتدال لابتعاده الجغرافي عن الأزمة السورية. ضعف الخصم المحلي لتيار "المستقبل".
إلا ان الرابح الوحيد من معركة طرابلس حتى الآن هو الرئيس نجيب ميقاتي الذي انتزع من "المستقبل" صك براءة يشكل بحد ذاته إدانة للتيار، حيث لم يعد ممكنا بعد هذا التحالف تذكيره بحكومة "حزب الله"، كما أكد على مشروعية ميقاتي السنية التي حاول "المستقبل" على امتداد السنوات الماضية انتزاعها منه قبل ان يعيد تطويبه مرجعية سنية طرابلسية ليتفادى فقط التحالف مع ريفي، ولكن الأهم من كل ذلك ماذا لو تبنى "حزب الله" بعد أول انتخابات نيابية تكليف ميقاتي رئيساً للحكومة؟
 

  • شارك الخبر