hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - أيوب خداج - باحث في العلاقات الدولية

هل تستحق روسيا هذه الميزانية الضخمة للدفاع الأميركي؟

الأربعاء ٥ شباط ٢٠٢٠ - 07:24

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بلغت مخصصات ميزانية الدفاع الوطني الاميركي للعام المالي 2020 رقماً قياسياً بقيمة 738 مليار دولار، بزيادة 3% عن العام 2019، التي وافق الكونغرس على قانونها تحت ذريعة مواجهة روسيا، كما قيل.
وجاء الرد الروسي على لسان نائب رئيس لجنة شؤون الدفاع بالبرلمان الروسي (دوما)، يوري شفيتكين، باعتبار هذه الميزانية تحمل طابعاً عدوانياً، ولاسيما وانها لحظت زيادة حصة المساعدات العسكرية لأوكرانيا بمقدار 300 مليون دولار، وهي الجارة الخصم لروسيا، التي تنظر الى أوكرانيا كموطئ قدم متقدم للغرب على المشارف الروسية.
والسؤال الذي يجد سبيله سريعاً الى الاذهان، هل تستحق مواجهة روسيا هذه الميزانية الضخمة؟
بالطبع ليست كل الميزانية مخصصة لمواجهة روسيا، وان كان الكلام الأميركي قد أعطاها هذا العنوان، فإن للصين النصيب الوافر من ارقام ميزانية المواجهة هذه.
ان مجرد المرور السريع على ارقام الانفاق العسكري لدول العالم في العام 2019، قد يعطي إجابة سريعة على سؤالنا. اذ ان ميزانية الدفاع الأميركية بلغت حينها 716 مليار دولار، فيما اقصى ما بلغه الانفاق الروسي هو 44 مليار دولار.
لا شك ان روسيا تشكل تهديدًا من جملة التهديدات امام الطموح الأميركي في المحافظة على تفوقه العالمي وتفرده بقيادة النظام الأحادي القطب، الذي دخلناه اثر انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991.
وقد اخذ الدور الروسي بالتعاظم بعد ان تمكن فلاديمير بوتين الذي تربع على قمة السلطة في العام 2000، ونجاحه في إعادة التوازن الذي فقدته بلاده فترة حكم سلفه بوريس يلتسين، وانطلاقه الى استعادة الدور الدولي الذي بدأ في جورجيا وأوكرانيا على حدوده، والذهاب بعيدا الى سوريا، وحجز موقع على طاولة القرار في الشرق الأوسط بتغيره مسار الاحداث السورية.
ولا بد من الإشارة الى ان الروس يشهرون في مختلف تحركاتهم الدولية لواء مواجهة الأحادية الأميركية والمناداة بالتعددية، التي تسمح لهم بإستعادة دورهم الدولي.
وزاد في الهواجس الأميركية تجاه الروس، اتخاذ هؤلاء من سوريا واحداثها منطلقا للتمدد في الشرق الأوسط شرقاً باتجاه تطوير العلاقات مع دول الخليج العربي، والتي عُرفت بجفائها للاتحاد السوفياتي السابق، وجنوبا باتجاه استعادة الحرارة للعلاقات الروسية – المصرية مع حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وغربا مع العودة الى الساحة الليبية، بعد ان اخرجهم الاميركيون بلعبة مجلس الامن، التي اطاحت بالقذافي والنفوذ الروسي معه.
وجاء نجاح الروس في تحويل مسارات العلاقة الروسية – التركية من عداء تاريخي دموي طويل، الى توافق مصلحي، اسهم في ابتعاد تركيا العضو في حلف الناتو عن قائدة الحلف الولايات المتحدة الأميركية، الى زيادة منسوب الغضب الأميركي، ولاسيما انه يعزز النفوذ الروسي ليس في الشرق الأوسط وحسب، انما في أوروبا عبر خط الغاز (السيل التركي).
وعزز فرص المواجهة بين الطرفين الأميركي والروسي، انسحاب الولايات المتحدة العام الماضي رسميا من معاهدة التخلص من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى الموقعة مع الاتحاد السوفياتي عام 1987، رد عليه بوتين بتعليق العمل بالمعاهدة والاعلان عن تطوير بلاده لنظام الدفاع الصاروخي لديها.
وعلى الرغم من كل ما تقدم، وبالعودة الى ميزانية المواجهة الأميركية، فإن وجهتها ليست روسيا فحسب بل أيضا الصين، وربما هي الوجهة المقصودة أكثر. واذا كانت روسيا فقدت دورها كقطب ند للقطب الأميركي في قيادة العالم، الا انها لاتزال قطباً ندّاً في المجال النووي، مع امتلاكها 6800 سلاحاً من مجموع الاسلحة النووية، مقابل امتلاك الولايات المتحدة 6650 سلاحاً.
ان ضخامة ميزانية الدفاع الأميركي وازديادها عاما بعد عام، تندرج في اطار ترسيخ سيطرتها العالمية، والتي يبدو انها تهديدات جدية بدأت تشهدها مع "المشاغبة" الروسية في أوروبا والشرق الأوسط، ومع تعاظم خطر المارد الصيني، والذي لم يكتفِ بالتعبير عن نفسه اقتصاديا (ثاني قوة اقتصادية في العالم)، وانما عسكريا.
ان روسيا قوة عظمى عسكرياً، ولكنها تستند الى سند اقتصادي ضعيف يعيش تحت رحمة أسعار النفط وتقلباتها، بينما الصين قوة عسكرية متنامية ترتكز على اقتصاد عالمي يمد خيوطه عبر مشروعه التاريخي "الحزام والطريق".
وثمة اعتقاد بأن خروج الولايات المتحدة من معاهدة التخلص من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى مع روسيا، هو محاولة لفرض اتفاقية جديدة عالمية تشمل الصين، مصدر القلق الأميركي الأول، برغم كلام سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون في آب الماضي، بأن بلاده ليست مهتمة في أن تكون جزءاً من أي معاهدة للحد من الأسلحة مع روسيا والولايات المتحدة.

  • شارك الخبر