hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - دافيد عيسى سياسي لبناني

كي لا يذهب لبنان واللبنانيون "فرق عملة"

الإثنين ١٣ كانون الثاني ٢٠٢٠ - 06:13

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما يجري في المنطقة وتحديداً بين إيران والولايات المتحدة الأميركية على أرض العراق، لا يمكن التقليل من شأنه، فعندما ينفجر الصراع بين هاتين الدولتين وتسقط الخطوط الحمر وتنتقل العلاقة بينهما في العراق من التعايش والتعاون الى التصادم والمواجهة، ويصبح الشرق الأوسط على فوهة بركان، يكون القلق مبرراً والخوف في محله على الاستقرار والامن في منطقتنا ومحيطنا، وإمكان أن ينعكس ذلك سلباً ومباشرة على لبنان الذي يكفيه ما هو فيه.

لبنان الغارق في ازمة اقتصادية وضائقة مالية، الذي يعاني من وضع سياسي غير مستقر، ووضع أمني هش، مهدد بأن يصبح مفتوحاً على الفوضى والعنف. لبنان الذي يُعاني أبناؤه من ضغوط اجتماعية وحياتية وباتوا يفتقدون "الأمن الاجتماعي"، لبنان هذا، ليس في وسعه ان يحتمل شرارات المواجهات الدائرة في دول الجوار، وأن يتلقى انعكاساتها ونتائجها ويكون جزءاً من مسرح إقليمي ملتهب، أو يكون ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية، ولا يمكنه أن يحتمل صراعات وحروب الآخرين على أرضه، بعدما اكتوى بنار الحرب على امتداد سنوات.
لذلك فإنه عندما تدق طبول الحرب في المنطقة ويخيّم شبح الحرب في أجوائها، ليس أمام لبنان إلا حماية نفسه وإبعاد الخطر عنه. هذا ما فعله في كل حقبة ما سمي ب "الربيع العربي" عندما اندلعت ثورات وحروب في عدة دول عربية، وكادت ان تتمدد وتتسلل الى أرضه، ونجح لبنان في منع امتداد الحريق الإقليمي إليه وفي تحييد أوضاعه والنأي بالنفس عن مجمل هذه الحروب.
وهذا ما يجب ان يفعله لبنان الآن عبر سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن صراعات كبيرة لا طاقة له على تحمل أضرارها وتداعياتها، وحتى لا يذهب لبنان وشعبه "فرق عملة".
ما فعله لبنان الرسمي حتى الآن جيد ويستحق الثناء، فعندما يبرق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الرئيس الإيراني روحاني معزياً ومشدداً على أهمية الحفاظ على استقرار المنطقة، وعندما يصدر عن وزارة الخارجية بيان رسمي يؤكد على موقع ودور لبنان المحايد وأهمية ان لا تحدث انعكاسات لأحداث المنطقة على أوضاعه، فإن ذلك يدل الى إدراك لدى المسؤولين في الدولة للخطر المحدق وللأوضاع الدقيقة التي تجتازها المنطقة، ولا تحتمل أدنى خطأ في التقدير والتصرف.
هذه الصياغة الدقيقة والمدروسة بعناية للموقف اللبناني جيدة، ولكنها غير كافية إذا لم تستتبع بخطوات عملية تؤدي الى تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز وحدتها ومناعتها وتماسكها.
والبداية تكون بتشكيل حكومة لا تستثني أحداً بدل الذهاب الى حكومات "فئوية" سياسياً ومن لون واحد، سواء سميت حكومة تكنوقراط أو اختصاصيين. فلنعلم أن لبنان لا يحتمل في هذه المرحلة الإقليمية ترف الدخول في لعبة أكثرية حاكمة وأقلية محكومة، أو في لعبة معارضة وموالاة. ولنعترف ان ما حدث في العراق خلط كل الأوراق في المنطقة وأعاد ترتيب الأولويات والخطط، حتى عندنا في لبنان لم تعد الأولوية مطلقة للأزمة الاقتصادية والمالية، برغم جسامتها وحاجتها الى حكومة إنقاذ وإصلاح والى خطة طوارئ. فهذه الأولوية تزاحمها أولوية ثانية هي "الحرب" التي تلوح بوادرها وتلمع شراراتها وتتلبد غيومها في سماء المنطقة.

  • شارك الخبر