hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - أحمد عياش - اساس ميديا

ميقاتي "الحزين" في مواجهة نفوذ إيران!

الأربعاء ٢٢ أيلول ٢٠٢١ - 06:22

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن من حاجة إلى قراءة البيان الوزاري الذي مَثُلت به حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة أمام مجلس النواب لنيل الثقة، إذا كان القصد معرفة توجّهات الحكومة بشأن سلاح "حزب الله" ونفوذ إيران في لبنان. فقد سبقت جلسةَ الثقة مقابلةٌ أجرتها قناة cnn الأميركية مع الرئيس ميقاتي الذي، عندما سُئِل عن إدخال "حزب الله" النفط الإيراني وعن الخوف من عقوبات على لبنان، أجاب: "أنا حزين على انتهاك سيادة لبنان، ولكن ليس لديّ خوف من عقوبات عليه، لأنّ العمليّة تمّت في معزل عن الحكومة اللبنانية"!.

هكذا، بكل بساطة، كانت ردّة فعل رئيس وزراء لبنان على صهاريج وقود إيران التي عبرت بصورة غير شرعية حدود دولة مع دولة أخرى، ثمّ تلا في البيان الوزاري عبارة "التأكيد على الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنيّة كافّة في ضبط الأمن على الحدود...".
ما الذي منع الرئيس ميقاتي، كما تساءل الدكتور فارس سعيْد في الاجتماع الأخير لـ"سيّدة الجبل"، من القيام بواجباته بصفته رئيساً للحكومة في التعامل مع قضية استباحة "حزب الله" للحدود الشرقية، تماماً كما فعل تنظيم "داعش" في التعامل مع الحدود بين العراق وسوريا؟

ربّما يقود هذا السؤال إلى مواجهة حقيقة محزنة فعلاً تتعلّق بما آلت إليه الرئاسة الثالثة، المكرّسة عرفاً للطائفة السنّيّة، من وهنٍ ندر مثاله في تاريخ لبنان الحديث.

رواية عمر مسقاوي

روى الوزير السابق عمر مسقاوي لكاتب هذا المقال ما خبره مباشرة من سلوك رئيس الحكومة سليم الحصّ عندما رأس الأخير الحكومة الأولى في عهد الرئيس إميل لحود عام 1998. ففي أثناء زيارة قام بها مسقاوي للرئيس الحصّ في السراي، وخلال اللقاء تصاعدت أصوات جلبة من مبنى مجلس الإنماء والإعمار المجاور للسراي. وعندما دخل أحد مساعدي الحصّ ليبلغه أنّ سبب الجلبة هو اعتراض الموظفين على قيام ضابط في الجيش بدَهم المبنى على خلفيّة "مكافحة الفساد" بناء على أوامر من الرئيس لحود، ردّ رئيس الحكومة برفع يديْه بطريقة تعني: "شو فيني أعمل؟"، كما أوضح مسقاوي الذي تساءل: "هل كان الأمر ليحصل لو كان الرئيس رفيق الحريري جالساً في المكان نفسه الذي كان جالساً فيه الرئيس الحص؟".

يسترعي الانتباه ما ظهر في كتاب الزميل عبد الستار اللاز "الدولة المستضعفة" الذي صدر أخيراً، وضمّ وثائق من تجربة حكومة "المصلحة الوطنية"، وحقائق فترة الشغور الرئاسي في عهد حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014، وما واجهه فيها منذ أزمة التأليف الطويلة حتى حقبة الفراغ الرئاسي. وأهمية هذا الكتاب أنّ مؤلّفه كان المستشار الإعلامي للرئيس سلام. وفي أحد فصول الكتاب وقائع حوارات الرئيس سلام مع مسؤولين إيرانيين.

وممّا جاء في هذا الفصل: "في آذار 2014، وفي كلمة أمام مؤتمر وزراء الداخلية العرب المنعقد في مراكش، حمل وزير الداخلية نهاد المشنوق بعنف على تدخّل حزب الله في سوريا وعلى سياسة إيران في المنطقة. وممّا قاله أنّ من بين الأسباب الرئيسية للإرهاب الذي يعاني منه لبنان "أنّ لدينا تنظيماً مسلّحاً يضمّ آلاف المقاتلين المدرّبين، كانت وجهتهم في الأصل إسرائيل، إنّما منذ ثماني سنوات تقريباً صار سلاحهم موضع انقسام عمودي بين اللبنانيين في الداخل أوّلاً، ثمّ بسبب دورهم في سوريا ثانياً". أضاف: "إنّ لظواهر العنف أسبابها السياسية والاستراتيجية الناجمة عن التدخّل الإيراني والتدخّل السوري في الداخل اللبناني، وليس منذ الآن، بل منذ ثلاثة عقود وأكثر. ولأنّ النظام السوري يواجه ثورة، وإيران تواجه تحدّيات مصيرية كبرى، فقد ارتفعت وتائر الحركة الدموية في سوريا ولبنان".
احتجّ السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الوزراء تمام سلام على كلمة المشنوق، فأكّد له سليمان أنّ هذه المواقف لا تعبّر عن رأي الدولة اللبنانية، ولبنان حريص على إقامة أفضل العلاقات مع إيران على قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وأوضح سلام أيضاً أنّ كلمة وزير الداخلية لا تعكس موقف الحكومة.

كلام وزير الداخلية في مراكش لم يكن منسّقاً مع رئيس الحكومة، وتبنّيه من قبل سلام كان سيؤدي إلى تفجير الحكومة التي كانت قد نجحت بصعوبة يومذاك في التوافق على بيانها الوزاري". ليس هذا المهمّ. الأهمّ أن تبرّؤ الرئيس تمام سلام من كلام المشنوق لم يُضِف شيئاً إلى رصيده لدى حزب الله، بل ربما حصل العكس.

في كتاب "حسن الرفاعي حارس الجمهورية"، مقابلة أجراها تلفزيون لبنان في 17 تشرين الأول 1988 مع الرفاعي عندما كان نائباً، وذلك عشيّة مؤتمر الطائف الذي أثمر اتفاقاً ثمّ الدستور اللبناني المعدّل والمعمول به حالياً. يقول الرفاعي ردّاً على أحد الأسئلة: "استرضى رؤساءُ الحكومة رؤساءَ الجمهورية الذين مارسوا صلاحيّات ليست لهم. لم يربح رؤساء الجمهورية بذلك، بل خسر لبنان. ومَن تنازل خسر، وخسر لبنان معه".

ما بالنا اليوم، وهناك ريبة من سلوك تنازليّ يمارسه الرئيس ميقاتي ليس أمام رئيس الجمهورية فحسب، وإنّما أمام صهره جبران باسيل الذي بدا متعالياً في الحديث عن الحكومة التي منحها الثقة، وأمام "حزب الله" الذي جاهر في جلسة الثقة بلسان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد بـ"ملحمة" الصهاريج الإيرانية، و"لطش" ميقاتي بقوله إنّه ذكّره بطائر "مالك الحزين"*.

هل صارت الآن عبارة ميقاتي "أنا حزين" واضحة؟

*هو طائر يظنّ نفسه مالكاً البحيرة الصغيرة التي يقف عليها. من هنا اسم "مالك". ولأنّه لا يتركها حتّى حين تجفّ، ويطأطىء رأسه حزناً، سمّي "الحزين". ليصير "مالك الحزين".

  • شارك الخبر