hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - ايلي يوسف العاقوري - الديار

كل مملكة تنقسم على ذاتها تزول

الإثنين ٢٣ أيار ٢٠٢٢ - 08:36

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

صفة نفتقدها هذه الايام، هي مفتاح نجاح كل امة وركيزة اساسية في بناء الاوطان وازدهار المجتمعات، هي ابنة الوقار وحفيدة الصبر الذي هو عماد المجتمع. انها صفة التواضع في القول والعمل والممارسة السياسية.
نحن في لبنان منقسمون، لا بل مشرذمون وهذا ظاهر في كل مفاصل الدولة والسبب هو فقداننا للتواضع. العمل السياسي الذي يُفترض ان يكون راقيا، هو في ازمة كبيرة لان السياسة في لبنان هي كيدية يغلفها الكذب والنفاق ويسكنها الحقد والشر. وللاسف العمل السياسي الذي نعيشه مملوء بالانانية والسفاهة والتحقير والتخوين والالغاء للآخر...

اذا فالكبرياء السياسي ان صحّ التعبير ادى ويؤدي الى تفكك المجتمع وانحلال الروابط الانسانية من خلال الممارسات الكيدية لهذا الطاقم السياسي الفاقد لهويته...

نشهد هذه الايام تشنجا سياسيا غير مسبوق، فالتحريض والكراهية عمت كل الشاشات والمنابر وغزت كل العقول والنفوس الضعيفة. هل هذا هو بحق العمل السياسي؟! ام نحن بحاجة الى تغيير جذري في الاداء؟ هل هكذا تمارس الديموقراطية؟ ام اننا نكذب على انفسنا بما يُسمى الديموقراطية التوافقية – ديموقراطية على القطعة – ديموقراطية حسب مصلحة الطائفة والحزب!!..

حتى في الحزب ذاته تكون الديموقراطية مكبّلة اليدين، مكبلة الآداء ومكبلة الاقتراع، فسياسة زيح تاقعد محلك هي سيدة الموقف. هذا السلوك العام والخاص مدمّر فكل بيت ينقسم على ذاته مصيره الخراب. من هنا استعين بآية من العهد القديم:

"فاذا تواضع شعبي الذي دُعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي، ورجعوا عن طرقهم الردية فانني اسمع من السماء واغفر خطيتهم وابرئ ارضهم" (2 أخ: 7/14).

واكمل مع قول لجبران خليل جبران: "ويل لامة مقسّمة الى اجزاء وكل جزء يُحسب نفسه امة".

لاقول حذاري يا ايها اللبنانيون من كل هذه الصفات السيئة، نحن محكومون بالتوافق والعيش معا والعمل معا واعادة بناء الوطن معا. حذاري يا ايها اللبنانيون من الطمع والانانية، فهذه الصفات هي التي اودت بابليس الى اللعنة والطرد. كذلك التكبر والتجبّر من اخطر الآفات التي دمّرت الاوطان عبر التاريخ وازالت امبراطوريات وممالك.

اذا كلما زاد الاستعلاء وعظمت الانانية في العمل، كلما زاد الخلاف والانشقاق وبالتأكيد بات الزوال محتّما.

فلنتعظ في لبنان من كل ما جرى عبر التاريخ بدءا من الامبراطورية الرومانية والبريطانية مرورا بالامبراطورية المغولية والروسية وصولا الى الامبراطورية العثمانية. كل هذه السلطات تقلصت احجامها مع مرور الزمن ومنها من زال عن الوجود وكل ذلك بسبب استعلاء حكامها وطمع مسؤوليها وجشع رعاياها.

بالنسبة للبنان، اذا ما نظرت الى صفات معظم السياسيين وتعمقت في آدائهم لاكتشفت ان النفاق السياسي هو في الطليعة وهذا ما يدل على كل ما نحن عليه اليوم. حتى في الاستحقاق النيابي الاخير، لو نظرت الى خطاب المرشحين من كافة الاحزاب وحتى في الحزب الواحد لرأيت كمية الحقد والكره والكذب ودس السم في اعلى مستواها وفي بعض الاحيان كان السم القاتل يأكله ابناء الحزب الواحد.

نعم نحن نعيش في زمن المنافقين المستكبرين المتعالين الذين يدمرون بسلوكهم كل مفاصل الدولة، هؤلاء يمتهنون الخداع، يرفضون الحق ولا يرتضونه، هم مرضى في عقولهم وقلوبهم واخلاقهم، هم ظالمون لانفسهم ولمجتمعهم، فاستكبارهم هذا اخرجهم من دائرة الايمان وبالتالي من دائرة العمل الصائب اذ ان الرب يجازي كل متسلّط ومتكبّر ومتغطرس.

ولو يعلمون هؤلاء انه "من له يعطى ويزاد ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه" لكانوا تحملوا المسؤولية كل حسب طاقته وقدرته وايمانه، كذلك لكانت المحبة غلفت اقوالهم وافعالهم وكانت وزناتهم ضُربت بـ 2 و5 و10 ...

اخيراً وبتواضع انصح الذين يودّون ممارسة السياسة والعمل في الشأن العام واخص النواب الجدد ان يترفّعوا عن كل الصغائر وكل المصالح الشخصية والمنفعة الآتية ويعملوا برقي وانفتاح وتواضع ويستثمروا الوزنات التي زرعها الرب في جوهرهم ويجيروها للخير العام ومصلحة الوطن العليا والا فكل هذا التنافس باطل وكل هذه السياسات عبثية وكل مخططاتهم واحزابهم الى زوال.

ختاماً اقول لكل مسؤول ولكل مواطن ان يحذو حذوى العبد الامين الحكيم في قوله وفعله وايمانه وتسليمه للرب الخالق والا فالحساب قريب وساعتئذ لا ينفع البكاء ولا صريف الاسنان.

  • شارك الخبر