hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - باميلا كشكوريان السمراني - الديار

حين يكون وجع السرطان أرحم من حياة القهر التي تفرضها الدّولة

الثلاثاء ٣ آب ٢٠٢١ - 07:50

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

فصل جديد من حكاية «معاناة المواطن اللّبناني» يبدأ اليوم، فصل أليم يحمل بين سطور صفحاته وجع المرض من جهة ووجع الذلّ من جهة أخرى، ذلّ أجبره على السعّي بشدّة لتأمين العلاج اللازم لمرضه والا سقطت روحه ضحيّة إهمال الدّولة لجهة تأمين أبسط مستلزمات العيش لأهلها!

في لبنان، الإعدام لمرضى السّرطان فمن يتابع وضع مرضى السّرطان البالغين في لبنان، وطرق حصولهم على علاجهم، يلمس ثغرات كثيرة مزمنة في السياسة الصحّيّة التي تعتمدها وزارة الصّحّة العامّة وبعض الجهات الضامنة الأخرى، لا سيّما الصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي.

أما بعد انهيار العملة الوطنيّة أمام الدولار الأميركيّ، فقد ازداد هذا الوضع سوءًا. لا بل أن الصورة تزداد قتامة عندما نتابع مواقف المسؤولين المعنيين.

وزير الصحّة العامّة بشّر يوماً بأنّ أدوية الأمراض السّرطانيّة متوافرة في مستودع الكرنتينا، والحقيقة أنّها غير متوافرة.

وحاكم مصرف لبنان طمأن يوماً إلى أنّ الدّعم لن يتوقّف عن أدوية الأمراض المستعصية، وهو لم يدفع المستحقّات لشركات الأدوية منذ أشهر. والشركات بدورها توقّفت عن استيراد الأدوية باهظة الثمن، وقد خلت منها الصيدليات.

ما ذنب إذاً مرضى السّرطان إذا كان بعض تجّار الصحّة، والمراكز الاستشفائيّة، قد أوقفت التعامل مع بعض الجهات الضامنة، لأنّها ما زالت تعتمد التعرفة بحسب سعر الصرف الرسمي؟ وبعض المستشفيات زاد على فاتورة كلّ جلسة علاج مبلغاً يفوق ضعف الحدّ الأدنى للأجور؟

رئيس جمعية «بربرا نصّار لدعم مرضى السرطان» يدقّ ناقوس الخطر

وكي لا نبقى في العموميّات، أطلع رئيس جمعية «بربرا نصّار لدعم مرضى السرطان» هاني نصار»الدّيار» على بعض تفاصيل واقع مرضى السرطان اليوم في لبنان فقال: «لم تعد كلّ المستشفيات قادرة على تأمين العلاجات الكيميائيّة باهظة الثمن، فاقتصرت المهمة على بعض المستشفيات الكبيرة. ممّا يلزم المريض أن ينتقل من الشمال والجنوب والبقاع نحو بعض مستشفيات بيروت للعلاج. وذلك في ظلّ أزمة المحروقات وانقطاع مادّة البنزين. أمّا البديل، فهو التوقّف عن العلاج. والمعاناة مع الوجع ثمّ الموت»!

وعن مستودع الكرنتينا الذي صرّح عنه وزير الصحّة،اشار الى انه»خالٍ من الكثير من العلاجات الكيميائيّة، ممّا يضطرّ المريض إلى شراء هذه الأدوية على نفقته الخاصّة. ويمنع على الصيدليّات بيع هذه العقاقير، منعاً لتهريبها خارج البلاد. والجهة المولجة بهذا الموضوع هي المستشفيات، ونعود إلى النقطة الأولى، لم يعد الكثير من هذه المشافي يستطيع تأمين هذه العلاجات. ممّا يضطرّ العديد من المرضى إلى التوقّف عن العلاج».

اضاف: «أمّا العلاجات التي يتناولها المريض في بيته، (العلاجات المستهدفة)، فالقليل منها متوافر في مستودع وزارة الصحّة. والمصيبة الكبرى أنّها لم تعد متوافرة في السوق اللبناني، بسبب عدم دفع الدولة المستحقّات للشركات المستوردة منذ أكثر من ستة أشهر ممّا يضطرّ مريض السّرطان إلى التوجّه نحو الخارج لشرائها، والوجهة الأقرب: تركيّا، مصر أو أوروبا. والعملة هي الدولار الأميركي، غير المتوافر لدى مرضانا ولذلك أوقف العديد من مرضى السّرطان علاجهم. فالدواء المدعوم وغير المتوافر في لبنان وثمنه 9 ملايين ليرة، يبلغ ثمنه في الخارج 6 آلاف دولار، أي عمليّاً وبحسب سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان 132 مليون ليرة وهو ثمن علبة واحدة تكفي لشهرٍ واحد».

ولفت الى «ان بعض العلاجات، والحمدلله، ما زال متوافراً، إنّما ليس لجميع المرضى. فالكميّة لا تكفي. المثل على ذلك، أحد أنواع العلاج المناعي. وقد اتّخذ القرار بإعطائه للمرضى الذين سبق أن بدأوا باستعماله، وحرمان المرضى الجدد تناول هذا العلاج الفعّال. وما أقسى وقع هذا الأمر على أفراد عائلة المريض، فيبيعون ممتلكاتهم، لشراء كميّة صغيرة من هذا العلاج من الخارج بالعملة الخضراء، وإن لم يكن لديهم ما يبيعونه، يتوقّف المريض عن العلاج».

أمّا بالنسبة لوضع الشركات المستوردة للأدوية والمستشفيات، يضيف نصّار: «من يستمع إلى مستوردي الأدوية والتجهيزات الطبيّة وإلى الجهات الضامنة وإدارات المستشفيات في لبنان، لا يستطيع الا أن يتعاطف معها، لكن لماذا على مريض السّرطان أن يتحمّل الأعباء كلّها؟ لماذا يُخيّر بين أن يتسوّل أو يستدين كلفة علاجه من المرابين، وبين أن يتوقّف عن العلاج ويدفع حياته الثمن»؟!

واكد ان «المستشفيات لم تعد تلتزم التسعيرة المعتمدة من مؤسّسة الضمان الاجتماعي، ومنها من ألزم مرضى السرطان دفع مبلغ إضافي يفوق ضعف الحدّ الأدنى للأجور، عن كلّ جلسة علاج كيميائي، أي مليون ونصف ليرة. ومنهم من أوقف استقبال المرضى على نفقة صندوق الضمان. وأمّا عن العلاج الإشعاعي فحدّث ولا حرج، فأسعار الجلسات تراوح بين 10 ملايين ليرة و 50 مليوناً. والنتيجة، توقّف العديد من مرضى السرطان عن العلاج».

وبالنسبة إلى المختبرات، يسأل نصار:»هل يعقل أن يُطلب إلى المريض شراء الدواء الذي يُستعمل في الـ «إي إر إم» من الوكيل وبأسعار خيالية، كي يستطيع المختبر استقباله؟! ناهيك بأنّ الكثير من المختبرات الخاصّة أو التّابعة للمستشفيات، أصبحت عاجزة عن إجراء العديد من الفحوصات المهمّة لمرضى السرطان، بسبب عدم توافر الموادّ الأوّليّة».

وحول المشاكل العقبات الأخرى التي تقف عائقاً في طريق تلقّي العلاج، يجيب نصّار:»لائحة العقبات تطول من كلّ الجهات فارتفاع كلفة تجهيز الصفائح والدّم وغيرها هي أيضاً عائق أمام المريض كما أنّ كثيرين من مرضى السّرطان، يخضعون لفحوصات في مختبرات خارج لبنان، كانت كلفتها تتراوح بين 3 ملايين ليرة و 8 ملايين، حتّى أصبحت كلفتها اليوم تتجاوز مئة مليون ليرة في بعض الأحيان. والنتيجة واحدة، توقّف العديد من مرضى السرطان عن العلاج. هل نتحدّث أيضاً عن المرضى القابعين في بيوتهم، ويعانون كغيرهم من اللبنانيّين انقطاع التيّار الكهربائي؟ أتدركون أنّ بدل إيجار ماكنة الأوكسيجين بات يفوق 600 ألف ليرة لبنانيّة؟ أتدركون أنّ مريض سرطان الرّئة، يعتمد على الماكنة أكثر من اعتماده على رئتيه؟ حاولوا أن تقطعوا الهواء عن رئتيكم 3 ساعات متتالية، وشاركوا مريض السرطان شعوره خلال انقطاع الكهرباء».

واشار الى «ان مرضى سرطان القولون، الذين حوّلوا مخرج بدنهم إلى أكياس على خاصرتهم، باتوا يغسلون هذه الأكياس بعد إفراغها من البراز، لإعادة استعمالها، بسبب عدم قدرتهم على شراء المزيد منها، فبات ثمن حاجتهم من الأكياس والقواعد لفترة شهر يتجاوز 1.5 مليون ليرة لبنانيّة. وطبعاً وزارة الصحّة لم تجر مناقصةً لشرائها منذ العام 2018».

وعن متابعة الجمعية مع الجهات المعنية وإمكانية إيجاد حلول، يقول نصّار: « وزارة الصحّة تضع الكرة في ملعب وزارة المالية من أجل صرف الإعتمادات اللّازمة، ووزارة المالية بدورها مرتبطة بمصرف لبنان الذي يمتنع عن تسديد الإعتمادات، وأهداف الموت تُسجّل في مرمى المواطن فقط! لم نعد كجمعية على تواصل مع وزارة الصحّة كالسابق لأسباب عدّة، وكُنّا نتمنّى لو كان بإمكاننا الضغط على الجهات المعنية من أجل تغيير ما يلزم وحماية صحّة المرضى، إلّا أنّه لا يمكننا سوى رفع الصوت عالياً علّنا نجد من يسمع!».

ويضيف:»دعوتنا إلى مؤسّسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تبادر إلى الدفع الفوري للمستشفيات التي ما زالت تؤمّن العلاجات الكيميائيّة، على أن تعتمد هذه المستشفيات التعرفة المعتمدة من مؤسّسة الضمان، فتعود القدرة للمرضى لتحمّل تكاليف العلاج.

أمّا بالنسبة للقيّمين على وزارة الصّحّة العامّة، فنودّ لفت انتباههم إلى أنّ هناك نحو 18 ألف إصابة جديدة سنويّاً لمرضى السرطان في لبنان، وهم يستحقّون منهم وضع سياسة صحّيّة مستديمة، تراعي كرامة المرضى وحقّهم بالعلاج.

وتضع «جمعيّة برباره نصّار لدعم مرضى السرطان» نفسها بتصرّف كلّ من يريد مدّ العون لمساعدة مرضانا لنيل علاجهم بكرامة».

تطول إذاً لائحة الشكاوى وحاجات مرضى السّرطان الماديّة. فكيف لمريض يتقاضى راتباً قدره مليون ليرة، أن يكمل علاجه الكيميائي ويخضع للفحوصات الدوريّة ويشتري الأدوية المدعومة وغير المدعومة؟!

فإلى من يسمع الصوت، نداء وحيد، أنقذوا من تبقّى من مرضى السّرطان في لبنان من تنفيذ حكم الإعدام بهم. يواجه الجميع المرض وعلى المرضىالتغلّب عليه نفسيّاً وجسديّاً،فهل يعقل أن يكون العبء المادّي حلقة الختام؟ فما من أحد معصوم عن المرض، وهل يكون قدر الفقير في لبنان الموت من الوجع؟

  • شارك الخبر