hit counter script

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - العميد المتقاعد دانيال حداد

حلّ الأمر الواقع لأزمة المودعين

الخميس ٧ آذار ٢٠٢٤ - 00:11

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

جميع الخطط التي تقدّمت بها الحكومتان الحالية والسابقة لأزمة المصارف والمودعين، تتضمّن شطباً هائلاً من الودائع، لا يمكن أن يتحمّل تداعياته الوزراء أنفسهم ولا نواب الأمة، لأنه مخالف للدستور الذي يكفل حماية الملكية الخاصة، ولأنه يبعث برسالة سيئة إلى أيّ مستثمر محلي أو أجنبي لجهة وضع أمواله في مصارف لبنان، هذا فضلاً عن تعقيدات الإجراءات التقنية والقانونية التي تنطوي عليها الخطط السابقة، وتحول عملياً دون تطبيقها.
السبب الحقيقي للأزمة بات معروفاً، يبدأ من سياسة الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة، القاضية بتثبيت سعر صرف الليرة دون سعره الحقيقي بأي ثمن، وتغطية عجز الموازنات السنوية وميزان المدفوعات بالاستدانة من مصرف لبنان الذي بدوره استدان من المصارف أي من أموال المودعين، وصولاً الى القرارات الشعبوية العشوائية منذ اندلاع الأزمة في العام ٢٠١٩، لا سيّما الدعم المفرط للسلع والخدمات، وتسديد القروض المصرفية المدولرة على سعر ١٥٠٠ل، ما أدّى إلى خسارة ٤٠ الى ٥٠ مليار دولار إضافية من أموال المودعين، وبالتالي تقع المسؤولية على كلّ من الدولة والمصرف المركزي والمصارف.
أمّا وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من هدر للودائع وتخبّط رسميّ في معالجة الأزمة للأسباب المذكورة أعلاه، فبات من الضروري اللجوء إلى طروحات سهلة، واضحة، تنطلق من الأمر الواقع وقابلة للتطبيق.

لا تكمن الأزمة في تحديد نسب المسؤوليات بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف فحسب، بل الأهم في عدم توافر الأموال الكافية، خصوصاً أن أطراف الأزمة غير قادرة حالياً على تسديد ديونها، لذا لا بدّ من اجتراح حلّ عملي ذي آلية قابلة للتطبيق، ومن بين المشاريع المتداولة والأقرب إلى الواقع، المشروع الآتي :
١- اعتماد مبدأ العميل الواحد، أي مجموع حسابات العميل الواحد في جميع المصارف كرصيد واحد، وفي حالة الحسابات المشتركة تقسم المبالغ بين أصحاب الحسابات وفق العقود الموقّعة مع المصارف أو بالتساوي في حال عدم وجودها، وتضمّ إلى مجمل الحسابات الخاصة بالشخص الواحد.
٢- بالنسبة إلى الودائع المدولرة قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩، تحول نسبة ٢٥ ٪ من المبلغ الفائض عن ٥٠ ألف دولار من رصيد العميل ولا يتعدى الثلاثة ملايين دولار إلى أسهم مصرفية وفق قاعدة النسبية بين المصارف ونسبة ٢٥٪ من المبلغ اعلاه إلى سندات في صندوق سيادي ينشأ لهذه الغاية، أما بالنسبة الى الأرصدة المدولرة بعد ١٧ تشرين ٢٠١٩، فتحول نسبة ٣٥ ٪ من الميلغ الفائض عن ٥٠ ألف دولار من رصيد العميل ولا يتعدى الثلاثة ملايين دولار إلى أسهم مصرفية وفق طريقة النسبية عينها، ونسبة ٣٥ ٪ من المبلغ أعلاه إلى سندات في الصندوق السيادي. وأخيراً تحويل نسبة ١٠٠ ٪ من المبلغ الفائض عن ثلاثة ملايين دولار من الرصيد سواء كان مدولراً قبل ١٧ تشرين أو بعده إلى أسهم في المصارف وسندات في الصندوق السيادي بالمناصفة، وهذا ما سيؤدّي إلى انخفاض كتلة الودائع من ٩٠ مليار دولار حالياً إلى نحو ٣٠ مليار دولار.
٣- حسم مبالغ من الأرصدة المتبقية في المصارف اللبنانية للأشخاص الذين حوّلوا أموالهم إلى الخارج بعد ١٧ تشرين ٢٠١٩ تعادل ٥٠ ٪ من المبالغ المحولة، وحسم النسبة نفسها من أرصدة الاشخاص المتبقية في المصارف والذين سسدّدوا خلال الأزمة قروضاً مدولرة للمصارف بالليرة اللبنانية على سعر ١٥٠٠ ل للدولار، ما سيؤدّي بالإضافة إلى ديون المصارف للقطاع الخاص المقدرة بنحو ٦ مليارات دولار الى خفض كتلة الودائع إلى ما بين ٢٠ و٢٥ مليار دولار.
4- تسديد القسم المتبقي من الودائع خلال مدة تتراوح بين ١٥ و٢٠ سنة من دون أي فائدة، وبنسبة تبدأ من ٥٪ في السنة من الوديعة المتبقية، وتتصاعد تدريجياً على ألّا تقل قيمة التسديد الشهري عن ٤٠٠ دولار، بحيث يتحمّل مصرف لبنان نسبة ٥٠٪ من التسديد والدولة ٢٥ ٪ والمصارف ٢٥٪.
٥- تعود المصارف إلى عملها الطبيعي، وتفصل الودائع القديمة عن الودائع الجديدة.
٦- إقرار التشريعات اللازمة للحؤول دون تمكين أصحاب الأسهم الجديدة من التأثير القانوني والإداري في إدارة المصارف طوال مدّة التسديد، وذلك بهدف تحميل المسؤولية لإدارة المصارف الحالية وحدها.
7- تسهيل عمليات الاستحواذ والدمج بين المصارف، فيما تحال المصارف غير القادرة على التسديد الى التصفية مع تحديد تعويض عادل لمودعيها.
٨- يتولى القضاء على حدة، عملية الفصل بين الودائع المشروعة وغير المشروعة وإصدار الأحكام المناسبة بشأنها.
في الخلاصة، يوزّع هذا المشروع السهل والواضح والمتوازن، المسؤوليات على جميع أطراف الأزمة وبنسب تسديد قابلة للتطبيق، ويحمي صغار المودعين ممن لديهم ودائع بقيمة ٥٠ ألف دولار وما دون، ويكفل لباقي المودعين عدم شطب أي جزء من أموالهم، على الرغم من أن الأسهم والسندات المشار إليها أعلاه ستحتاج مدّة طويلة لتستعيد قيمتها الحقيقية، مع الأمل دائماً بحصول انفراج اقتصادي واسع يغير المشهد كلياً.

  • شارك الخبر