حين يممت نيوجرسي في تلك الايام الصعبة من حرب لبنان ١٩٨٣، تحمل في قلبك وضميرك وهج تاريخ شعبك ونضاله، دم شهداء ارتفعوا دفاعا عن وطن حرية وعن مسيحية حرة وعن حلم مشرقي، كنت تحفر مع ضمة من سريان الاغتراب لخلق اول مؤسسة عالمية مدنية سياسية ترعى شؤونه.

من فكر ومعاناة وجدال ورؤية تأسس الاتحاد. وانا كان همي - وما زال - أولويتي - وما زالت - كيف نبقى في لبنان والشرق، كيف نحمي التنوع والتعدد، كيف نحافظ على الإرث واللغة والايمان والهوية والحرية والاستقلال، وكيف يشرق لبنان واحة ومثالا، وكيف نحرك مراكز ثقل سياسي وإعلامي في الانتشار لدعم اهلنا على البقاء والصمود.

اطيب الرفاق، الوجوه والأسماء التي لا ننساها، بصمت وهجها في ضمير امة، الذين سبقونا، الذين ترجلوا، والذين بقوا في ساحة العطاء. سامي سمعاني، حنا نعموج، عبود ادمو، خلف خلف، عيسى يلدز، يوسف اوز، جان شرو، احو سيفينج حادودو، اسحق آقان، كبريال كابور، شابو قارا، أديب كافاك، جورج سولاج، عيسى هابيل، يشوع يعقوب، إلياس افرام، أندراوس أوزان، وكثيرون، اسما اسما.

من الولايات المتحدة الاميركية، من السويد، من المانيا، من هولندا، من سويسرا، من فرنسا وبلجيكا ومن لبنان.

اربعون عاما. كنت نائبا للرئيس لدورتين، رئيسا لدورة، ورئيسا فخريا، ولعل ابرز إنجازات تلك الايام موسوعة the hidden pearl الكتب والفيلم عن تاريخنا، قبول الاتحاد مراقبا في الامم المتحدة، ومؤتمر بيروت قلب السريان عام ٢٠٠٠.

لم تكن كل ايامنا بيضاء، لقد تناقشنا كثيرا واختلفنا، إمكاناتنا كانت قليلة جدا، اولوياتنا متبعثرة، بعض من العقول كانت متحجرة في علاقاتها مع الأشقاء، بعضها ضيقة في افقها، بعضها غير مدركة لصناعة الرأي العام، وما برد وجمد علاقة الرابطة السريانية بالاتحاد اننا لم نشعر يوما بان الشرق هو الاساس، وبان لبنان والسريان فيه هم في رأس الاهتمام.

ها أنا مع الجيل الجديد برئاسة جوني مسو مع تغيير الاسم إلى الاتحاد الآرامي العالمي، هنا في المانيا، نحتفل نتذكر ونأخذ العبر، هل يتسع الصدر لنقد ذاتي، للكلام عن العثرات والخيبات ؟ أدعوكم إلى الهوية إلى الانتماء إلى الافتخار بهذا التاريخ المجيد المعمد بالدم وسيفو والشهداء والشهادة.

أدعوكم إلى تمثيل ثابت لسريان سوريا والعراق والاردن، لا يمكن ان يغيب هؤلاء عن صناعة القرار. الاتحاد العالمي لا يختصر بأوروبا !؟ أدعوكم إلى ان لا تنسوا الشرق كل سرياني أرامي اشوري كلداني ماروني بيزنطي ارمني قبطي له الحق الكامل بالعيش الحر الكريم كمواطن من الدرجة الاولى في وطنه، اينما كان في هذا المشرق. بكرامته متساو دون منة. صحيح ان التهجير والهجرة والأنظمة المتنوعة وسقوطها وتفتيتها ثم اخطرها الحروب والارهاب والتكفير والتفجير والخطف - تحية إلى المطرانين يوحنا واليازجي رمز كفاحنا - تقتلع شعبنا حتى الابادة، لكن مع ذلك علينا دعم الصمود في كل بقعة.

أدعوكم إلى تنسيق اعمق مع الكنائس، لئلا تصبح كنائس الاغتراب بدل أنطاكية، ونصبح نحن مزارات ومحميات وحارات نصارى دون دور او حقوق او تأثير.

أدعوكم إلى الانخراط في العمل السياسي المباشر لا حل لنا دون مشرق جديد حجارته الحرية وحقوق كل إنسان وكل جماعة.

واخيراً أدعوكم إلى الاستفادة اكثر من الحضور السياسي لأبنائنا في الانتشار وتوحيد قواه بفعالية، لدينا نواب وشخصيات مؤثرة في مجالات عديدة فلتتوحد الساحات والإمكانيات.

ايها الرفاق انتم الغد انتم تصنعون التاريخ إذا تخليتم عن النضال ستضيع القضية. اكتبوا على جبينكم اننا من هنا من طورعابدين من مذياد ودياربكر والرها والقامشلي والحسكة وحلب والخابور وبيروت وزحلة وأورشليم وعمان وبغداد والموصل واورمية وعنكاوا، نحن تراب هذا الشرق. نحن نوره سكره وملحه. في كل فكر وكل حراك وكل لقاء مهمتنا ان نحافظ على من هم - رغم الحروب والمجاعة والفقر والذل - في هذا المشرق. لا تفكروا بارجلكم، باي جواز سفر، لا تنتحروا خوفا من موت !

ولتكن لكم حياة فرح وعطاء ولتكن لكم حياة افضل.