hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

"أطردوا هذا الذباب من حولي"

الإثنين ١٣ حزيران ٢٠٢٢ - 00:18

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم أستطع نسيان أو هضم تأفف رئيس أميركي نسيت اسمه خاطب الأستاذة الجامعية مستشارته لشؤون الأمن القومي ووزيرة شؤونه الخارجية يوماً قائلاً: "اطردوا هذا الذباب عني ومن حولي".
كان يقصدني بل قصدنا جميعاً. وتتّسع بلادنا بحلقات الإرباك والإنهيار والتدمير نستعرضها جميعاً في الشاشات بين الواقع والخيال، لننسحب نحن المقصودين في عادات الخوف والبكاء والغباء الى نرتمي في أحضان رجال مجتهدين أبديين يصدّقون ملكيتهم وفهمهم الأوحد للسماء بعد الأرض لكنّ أولادهم وأحفادهم من حولهم بشر رقميّون يبتسمون.
لا يلعب الصغار لعبة الكبار، بل يلعب الكبار أدوارهم الفعلية جموداً عنه لا يحيدون. قد تربط اللعبة بين الأجيال بأوهام التربية المنزلقة، لكنها تقذف الصغار كما الفئران خارج أسوار مفاهيم وأفكار قديمة لا تعنيهم بعدما كانت مناهل قديمة للأدب والفلسفة والتربية والشعر والسلطة.
يسقط الموت والعنف اليوم خلسةً كمعنى في اهتمامات الصغار، ويسقط مع المعنى أمور تاريخية أخرى مثل القرابة الدموية والمفاهيم العرقية والحدود وأمور تربوية يابسة حكمت علاقات الأجيال. يتعزز هذا السقوط في المفاهيم مع شيوع بنوك الدم وحفظ الأجنة وغيرها . إنها العبة التطويع الناعم من أي إحساس بالذنب حيال الإستغراق في سلطات عصر الفضاء أعني المحيطات الخيالية الضوئية بقيادتها في شاشاتهم.
وهنا أسئلة مشروعة وصعبة:
أيمكننا عرباً ومسلمين أن نستمرّ بربط حضورنا بالعالم عبر نظرة الغير إلينا وخصوصاً عين الغرب؟
قطعاً لا لأنّ دورنا الذي يجمع المعاصرة بالدين وبالتحديث يقودنا إلى اجتثاث التطرّف بالتربية مهما وأيّاً كانت مصادره في مجتمعاتنا، باعتبارنا العام للتطرّف في العصر مناهج من الإجرام ولو لم تبلغ صفات الإرهاب الشائع كعدو للإنسانية وللعصر.
أيمكننا التركيز على الإجتهاد والتماس العقل وإشاعة النصوص المبهمة التي لطالما أورثتنا تواريخ اختلاف في الرأي والنظرة وخروجاً عن الأصول الثابتة ؟
قطعاً لا لأنّ إلزام تفكيرنا وحاضرنا ومستقبلنا بمدارس محدّدة وأشخاص محدّدين يتوارثون لباس السلطات المطلقة يجعلنا بشراً نؤلّه بشراً سوياً مثلنا فتتجمد الحضارات وتنغلق العقول بإحكامٍ وتنعدم حتّى حرية التفكير والسؤآل بما يعادل الموت وكأننا خارج العصر.
لماذا خارج العصر؟
لأنّ العصر فريد تمتدّ جذوره في اقتصاد المعرفة والذكاء الإصطناعي. ويسحبنا للنقر فوق رأس الفأرة شاغلة الخيال البشري وصار لها مدناً في عواصم الغرب نقصدها مع أولادنا وأحفادنا وبها تحفل عيون العالم. تُعامل الفأرة تاريخياً عنواناً للعصر المستمر الزاهي غير المنقطع كما الأباطرة الذين يزورون بيوت الناس فتصبح الحضارات غيوماً في سماء الألعاب.
لماذا أيضاً وأيضاً؟
لنعترف ونقر بكثيرٍ من الإحترام للمخلوقات الأخرى، بأنّ العقل البشري تملّكت به عقدة خفيّة، لم يكتب عنها كثيراً، حيال أجيال الفئران، تلك المخلوقات الصغيرة التي لا ندرك أعدادها وأحجامها والتي أهدرها ويهدرها البشر حقول تجارب في المختبرات الطبية وصولاً لصناعة أفضل أصناف الأدوية في العالم خدمةً لصحة الإنسان.
ولأننا بسطنا جميعاً وجودنا وتطورنا لعادة عالمية بسيطة هي قرع باب المعرفة ثلاث مرّات www واختصرت إلى مرّتين أو مرّة واحدة بعدما صارت أبواب مشرّعةً على تنوّع المعارف لا التشاوف غير المتواضع بالدين؟
لماذا نغفل هذا الطلاق الهائل الحاصل بيننا وبين الأجيال مع انقلاب الخبرة على المعرفة بمعناها الأرسطي السائد منذ 4 آلاف سنة؟
يكفي تحريك أصابعك بقسط من الخبرة لتندلق المعارف وتتساوى الأجيال فتندمج وتنحدر سلطات أوصياء الدين على الأرض. كلّنا في عصر الفضاء والسماء وتفجرالأجهزة العصبية والشرايين والخلايا توليداً لطاقة الإنسان الإتصالية الذي جهد كثيراً قبل تطويل رجليه بالدولاب، ثمّ صوته وسماعه ليحطّ بالجماعة الأرضية الأرضية في المحمول الحاجة البيولوجية السادسة أو السابعة التي أغرقت الدنيا بالفردانية المتنوعة نسيجاً عالمياً.
أليست الشاشة كهفاً متجدداً يقوم مكان كهف افلاطون في اليونان؟
لقد أسمى المغالون بالدين الطاقة الإتصالية بالطاقة الآلهية أو طاقة الروح أو المنتظرة، وأطلق عليها البيولوجيون اسم الطاقة الطبيعية والفطرة والغريزة، وأسماها الفيلسوف ليبنز الشهية"، ومنحها برغسون اسم "الطاقة الحيوية"،وكان ديكارت قد أسماها" الحيوية الباحثة"، وأعطاها فرويد اسم "الليبيدو"، ويونغ اسماها "الطاقة النفسية"، وعرّفها رايش ب"الأرغون" ومات في السجن لأجلها. وأنني أميل لتسميتها بالطاقة التواصلية أو الإتصالية، كحاجة عالمية قصوى في قرن تلتقي فيه عوالم البيولوجيا والغريزة والقوة والحياة وتعمل على إيقاظ الحواريات التي منها انطلقت الفلسفات القديمة والعلوم فهل نتمكن من الترويج المدروس لرفع الإتصالية تعزيزاً للدبلوماسية والحوار والشروحات مع شعوبنا كما مع الغرب والعالم، لنحفر الشرق منبعا لطاقات مكبوتة لم تتفجر بعد.

  • شارك الخبر