إستمع للخبر

تسبّب ضيق المساعي الديبلوماسية وتعثّر المفاوضات في غزة إلى تصعيد غير مسبوق جنوباً. وقد وسّع حزب الله استهدافاته المناطق الإسرائيلية، مع مفارقة لافتة تمثّلت في بقاء الفاعل اللبناني الذي نفّذ عملية صفد وأخرج تل أبيب عن طورها، مجهولاً.

وصار معروفا أن حزب الله لم يتبنَّ العملية في أي من بياناته، فيما يتم التدقيق في إمكان أن تكون حركة أمل هي المنفّذ، وهو في حال تبيّنت صحّته يُعدّ تطوّرا كبيرا في قدراتها العسكرية، وسيستجلب أسئلة غربية عن كيفية حدوث هذا التطور.

وأدى العنف الإسرائيلي غير المسبوق الى استهداف مناطق خارج قواعد الاشتباك التقليدية، وهو ما تسبّب في سقوط شهداء في مناطق جنوبية مختلفة، وخصوصا في النبطية نتيجة المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي. وسقط للحزب في الساعات الأخيرة ٧ عناصر نتيجة هذا العنف، وهي خسارة ملحوظة مقارنة بسابقاتها منذ اشتعال الجبهة الجنوبية في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣.

وتزامن هذا التفلّت مع سقوط ورقة الحل الفرنسية التي رفضها حزب الله، واعتبرها تبنّيا كاملا للمطالب الإسرائيلية من دون أن تلحظ أي مكسب لبناني.

ويُخشى أن تفهم تل أبيب انحسار التدخل الديبلوماسي الدولي فرصة لها لتزيد وتيرة عنفها جنوبا، وتوسّعه نحو العمق، وهو ما ألمح اليه وزير الأمن يوآف غالانت الذي تحدث عن امكان أن يستهدف الجيش الإسرائيلي نقاطا تبعد ٥٠ كيلومترا من الحدود وكذلك "بيروت وكل مكان آخر"، مُقرّا في الوقت عينه بأن "الأثمان التي ستدفعها إسرائيل كبيرة، ولكنها ستكون كارثية بالنسبة إلى لبنان وحزب الله".

وتسبّب هذا التصعيد بمواقف دولية محذّرة، فيما لا تزال الإدارة الأميركية على موقفها بضرورة تبدية المسار الديبلوماسي. لكن لم يتبيّن أي تحرّك ميداني من جهة واشنطن في انتظار الزيارة المقبلة للمستشار الرئاسي آموس هوكستين الذي لا يزال على حذره منذ تعثّر زيارته الأخيرة لتل أبيب.

ولا شكّ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر الضاغطين لتوسعة الحرب عند الحدود الشمالية طمعا في تحقيق أي اختراق يتيح له النجاة من المقصلة القضائية أو إرجاء تنفيذ الحكم. لذا لن يتأخّر في استثمار أي فرصة أو نافذة تتيح له الانصراف الى حرب مكتملة الصفات جنوبا.