hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى

هل يكون جان عبيد رئيساً للجمهورية؟

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 08:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عندما تُطرح معادلة «الرئيس التوافقي» أول ما يتبادر إلى الأذهان اسم الوزير والنائب السابق جان عبيد او «ابو سليمان» مع اسماء قليلة آخرى... هذا الرجل هو حالة سياسية فريدة ونادرة في الحياة السياسية اللبنانية، اسمه يطرح عند كل استحقاق رئاسي في مرحلة ما بعد الطائف وهو اليوم من بين الاسماء القليلة التي تنطبق عليها مواصفات «الرئيس التوافقي».
لدى هذا الرجل قدرة فائقة على نسج علاقات مميزة مع مختلف الافرقاء السياسية، يعمل بعيداً عن الاضواء والضوضاء، يتقن فن الحوار والتفاوض والاصغاء إلى الرأي الآخر، يتبع سياسة مدّ الجسور، يتفادى المعارك والانتصارات الوهمية، مثلما يتفادى المواقف الارتجالية والانفعالية.
يجمع «ابو سليمان» بين الحكمة والحزم، وبين الجرأة واللياقة... راق لبق، سريع البديهة، كريم النفس، صديق صدوق، وفيّ لاصدقائه ولمبادئه والتزاماته ولقيم التسامح والاعتدال، يملك ثقافة واسعة، يؤمن بالحوار طريقاً لحل الخلافات السياسية، يعرف جيداً تركيبة لبنان السياسية والطائفية.
ولأنه كذلك، نجح على امتداد سنوات وعقود من تاريخ سياسي نضالي حافل بالاحداث، في نسج شبكة علاقات محلية وعربية ودولية قل نظيرها من حيث الحجم والنوع والتنوع... صداقاته وعلاقاته تمتد من أيام جمال عبد الناصر وياسر عرفات وصدام حسين وحافظ الأسد إلى أيام سليمان فرنجية والياس سركيس وأمين الجميل وميشال عون ورفيق الحريري.
جان عبيد «مشروع رئيس» في كثير من المرات لكن الحظ لم يحالفه لأنه لم يشأ التفريط بقناعاته وما يراه حقاً وصواباً.
الفرصة الأولى لاحت له مطلع التسعينات ولكن الرئاسة آلت إلى النائب انذاك الياس الهراوي بعدما عارض عبيد دخول الجيش السوري إلى بعبدا لازاحة ميشال عون بالقوة، وطرح يومها على القيادة السورية اعطاء عون الفرصة لدخول الطائف والسلطة قائلاً لهم اذا كانت الفرصة قد اعطيت لقادة المليشيات فكم بالحري ان تُعطى لقائد الجيش الوطني اللبناني...
كما طرح اسم جان عبيد مرة ثانية نهاية التسعينات ولكن القرار الاقليمي رسا على قائد الجيش انذاك اميل لحود.
وفي العام 2004 كاد جان عبيد ان يصبح رئيساً للجمهورية وابلغه الرئيس رفيق الحريري ان اتفاقاً دولياً حصل حوله وقال له: كنت رئيسي في (دار الصياد) وستعود رئيسي في (الحكم)، ولكن القرار الاقليمي عاد وقرر التمديد للرئيس اميل لحود.
أما في العام 2008 نأى جان عبيد بنفسه عن حلبة السباق الرئاسي في زمن التسويات والصفقات السياسية التي رست في الدوحة على قائد الجيش انذاك ميشال سليمان...
اسم جان عبيد كان من بين اول الاسماء التوافقية الذي تم تداوله في «البورصة الرئاسية» منذ لحظة افتتاح موسم الانتخابات الرئاسية للعام 2014 إلى جانب عدد قليل من المرشحين التوافقيين الجديين الآخرين كونه وبكل بساطة يشكل قاسماً مشتركاً ومركز تقاطع بين اغلبية الافرقاء السياسيين ...
في الفترة الاولى من انتهاء ولاية ميشال سليمان تقدمت مقولة «الرئيس القوي» على ما عداها وحصرت المعركة الرئاسية عملياً بين مرشحين «قويين» هما الدكتور سمير جعجع الذي رشّح نفسه رسمياً وعلناً عن فريق 14 اذار والعماد ميشال عون الذي ظل ترشحه مضمراً وضمنياً عن فريق 8 اذار.
لكن مقولة «الرئيس القوي» تراجعت تدريجياً لمصلحة معادلة «الرئيس التوافقي» بعدما تأكد الجميع ان التوازن الداخلي لا يسمح لأي فريق من طرفي 8 و 14 آذار بفرض مرشحه وايصاله عنوة الى بعبدا رغماً عن الفريق الآخر.
كما ان فرص «الرئيس التوافقي» تعززت اكثر بعد انطلاقة الحوار الوطني في ساحة النجمة الذي يتصدّر جدول اعماله بند انتخاب رئيس الجمهورية.
ان هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة والحساسة تتطلب اكثر من اي يوم مضى رئيساً توافقياً بطروحاته ومواقفه يجمع ولا يفرق كون هذه المرحلة لا تحتمل رئيساً «فريقاً»، يبدأ يومه الاول في بعبدا ونصف اللبنانيين ضده، وهم يعتبرونه خصماً وفريقاً ضدهم.
لكن اذا اردنا ان نكون موضوعيين نقول ليس المهم ان تتولد فقط قناعة داخلية بانتخاب «الرئيس التوافقي»، وانما المهم ايضاً ان تتولد قناعة دولية واقليمية صادقة بضرورة فصل الوضع اللبناني عما يحصل في المنطقة وحث الاطراف الداخلية المرتبطة بها الى ضرورة التفاهم على اسم رئيس جمهورية جديد.
اما اين يقف «التوافقي» جان عبيد من الاستحقاق الرئاسي اليوم واين تقف الاطراف السياسية الداخلية والاقليمية منه؟
المعلومات تقول ان العماد عون لا يعارض اسم جان عبيد لكن عون لا يزال وحتى اللحظة يرفض البحث في اسم بديل عنه كونه يعتبر نفسه الاكثر تمثيلاً نيابياً وشعبياً على الساحة المسيحية مما يجعله الاحق بتولي المركز المسيحي الاول في البلاد.
اما علاقة عبيد مع بكركي وسيدها فهي اكثر من جيدة. وكذلك لا مشكلة لـ«عبيد» مع حزب الكتائب وقيادته وتيار المردة وقيادته.
لكن يبقى امام جان عبيد مشكلة على الساحة المسيحية مع رئيس حزب القوات اللبنانية تجب معالجتها، فالدكتور جعجع هو مرشح 14 آذار المعلن والرسمي والحليف المسيحي الأول لتيار المستقبل، وهو يتمتع، مثل العماد عون، بممارسة حق الفيتو والاعتراض على اي اسم يطرح، بمعنى انه إذا لم يكن قادراً على ان يصل إلى الرئاسة الأولى فانه قادر على ان يعيق وصول من لا يريده الى الموقع المسيحي الاول وان يرفع يده اعتراضاً...
أما على الساحة الاسلامية... فان أسم جان عبيد لا يلقى اعتراضاً في ثلاثة اتجاهات: عين التينة، والمختارة، وعند فريق من تيار المستقبل يجاهر بتأييده لجان عبيد على رأسه رئيس الحكومة السابق فواد السنيورة.
لكن تبقى مسألة اساسية يكتنفها الغموض والإبهام وهي المتعلقة بموقف «حزب الله» تحديداً من اسم جان عبيد. وذلك كون «الحزب» يعطي الرئيس السوري موقعاً وحيّزاً في الرئاسة اللبنانية ويأخذ موقفه في عين الاعتبار...
وثمة كلام في الدوائر والكواليس ان العلاقة الوطيدة التي كانت تربط جان عبيد والرئيس الراحل حافظ الأسد تعرّضت لانتكاسة كبيرة مع الرئيس الحالي بشار الأسد بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري وهي لا تزال مقطوعة حتى اليوم...
وهنا وفي هذا المجال تحديدآ لا بد من القول ان احدى اهم نقاط ضعف جان عبيد انه لا يعير التسويق الاعلامي المضاد له اهمية كما يغيب فترات طويلة عن الاعلام المرئي والمسموع, وهذا خطأ كبير في هذا العصر المبني على الدعاية والاعلام بشكل اساسي.
من هنا يبقى السؤال هل فرصة جان عبيد بالوصول إلى قصر بعبدا مهددة بـ«الفيتو السوري» الخارجي وباعتراض «حزب الله» الداخلي؟ هناك مثل عربي يقول: ان غداً لناظره قريب.
 

  • شارك الخبر