hit counter script

"الاتجار بالنساء"... على طاولة حوار إعلامية

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 10:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

(البلد، 10/10/2015، ص8)
 

انطلاقاً من ايمانها بأن "الاعلام" هو شريكها في بناء رأي عام جديد يسهم في إلغاء الثقافة التسليعية للمرأة، وبالتالي الغاء الدعارة من كونها "اتجارا واستغلالا" وليس من كونها جريمة اقترفتها بعض النساء بملء ارادتهن، وبالتالي التفرقة ما بين "ضحية تم استغلالها" و"جلاد" جعل منها "سلعة" بملء ارادة الظروف، نظمت "كفى" ورشة عمل للصحافيين بعنوان "الاتجار بالنساء بهدف الاستغلال الجنسي وصناعة الدعارة- سُبل تغطية المواضيع ذات الصلة"، وذلك تمهيداً لإطلاق دليل للصحافيين عن كيفية التعاطي مع المواضيع ذات الصلة.

تأتي ورشة العمل ضمن إطار مشروع "بناء قدرات مؤسّسات إنفاذ القانون لحماية ضحايا الاتجار والاستغلال الجنسي" الذي تنفّذه "كفى عنف واستغلال" بدعم من المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين وتمويل من الحكومتين الكندية والسويسرية، وتهدف "كفى" من خلال هذه الورشة إلى توضيح المفاهيم الأساسية المتعلّقة بالـ"الدعارة والاستغلال"، وتحليل بعض التغطيات الإعلامية ذات الصلة، والخروج بمقترحات من شأنها المساهمة في تسليط الضوء أكثر على هذه الإشكالية وتحسين نوعيّة التغطيات والتحقيقات الصحافية لها.

الإطار القانوني
وعرضت غادة جبّور، مسؤولة قسم مكافحة الاتجار بالنساء في منظمة "كفى" الاطار القانوني في لبنان للاتجار بالنساء بهدف الاستغلال الجنسي وارتباطه بصناعة الدعارة، ففي لبنان تم اقرار قانون معاقبة الاتجار بالاشخاص رقم (164) منذ العام 2011، ويعرف هذا القانون الاتجار بالاشخاص على أنه جريمة لها ثلاثة عناصر اساسية يوضحها كالتالي:
1-اجتذاب شخص او نقله او استقباله او احتجازه او ايجاد مأوى له (الفعل).
2-بواسطة التهديد بالقوة او استعمالها، او الاختطاف او الخداع، او استغلال السلطة او استغلال حالة الضعف، او اعطاء او تلقي مبالغ مالية، او استعمال هذه الوسائل على من له سلطة على شخص آخر (الواسطة).
3-بهدف استغلال او تسهيل استغلاله من الغير (الهدف).
ويشترط القانون وجود عناصر الجريمة الثلاثة معاً لتكون الجريمة قائمة، والايجابي به انه يعتبر المرأة "المُستغلة" ضحية حتى لو مارست الدعارة بموافقتها، ويعتبرها ضحية سواء تمت معرفة المُتاجر بها ام لا. ومن ايجابياته ايضاً الغرامة العالية الكلفة التي يفرضها على المجرم، فالاتجار بالاشخاص جناية تتراوح عقوبتها بالحبس من 5 سنوات الى 15 سنة، وغرامة مالية تتراوح من 100 ضعف الحد الادنى الرسمي للاجور الى 600 ضعف.

اما شوائب هذا القانون فهي سلبيات على صعيد التطبيق "فكل الاحكام التي تصدر بموضوع الدعارة تجرّم الضحية، إما لاعتماد القضاة على الذهنية القديمة بتجريم الضحية، وإما لعدم وعيهم ومعرفتهم بالقانون رقم (164) الجديد"، كما ويسجل على القانون أنه عقابي وليس حمائيا ووقائيا، فـ"مسؤولية الحماية لطالما كانت ولا تزال تقع على الجمعيات المعنية وليس على الدولة"، اضافة الى انه يضع على الضحية عبء الاثبات أنها ضحية، علاوةً على أن القانون يتناقض مع باقي القوانين والانظمة المتبعة في لبنان، اذ انه في تناقض صريح وواضح مع قانون البغاء لحماية الصحة العامة (العام 1931) "الذي ينطق بعزل الاشخاص الذين يعملون بالدعارة في مكان معين" ومات هذا القانون عمليا بعد ان نسفت الحرب كل بيوت الدعارة الشرعية، وامتنعت الدولة عن اعطاء أي تصاريح جديدة للدعارة بعد العام 1977، الا انه فعلياً ما زال موجوداً ما بين القوانين اللبنانية، فكان يجب على القانون 164 أن يلغي ما قبله من قوانين تناقضه. كما ويتناقض القانون مع المادة 523 التي "تطبق في كل القضايا الخاصة بالدعارة، وهي تساوي ما بين المُستغِل والمُستغَل"، ومع نظام الفنانات (الامن العام) ونظام النادلات (الامن الداخلي)، الذي يقوم خلالهما أصحاب المقاهي باستقطاب فنانات ونادلات من جنسيات عربية وأجنبية، وتوقع الفتيات بعد مجيئهن على عقود توقعهن تحت الدين، ليصبح وجودهن في لبنان لتسديد الدين الذي لا خيار لديهن الا ان يقبلن بالاستغلال الجنسي لتسديد الدين خلال فترة العقد التي تكون لمدة لا تتجاوز الـ6 اشهر، كونهن لا يستطعن تقديم اي شكوى ضد المستغلين لأن القانون اللبناني يجرم الدعارة بالمادة 523 منه.

أسباب الاتجار
وعن اسباب الاتجار بالاشخاص والدعارة، أوضحت جبّور ان هناك نوعين من الاسباب التي تؤدي الى الدعارة والاتجار بالاشخاص بهدف الاستغلال الجنسي، وهي العوامل المساهمة والعوامل الجذرية.
وتتوزّع العوامل المساهمة على عدة مستويات، "مستوى الفرد" اي ان تكون الضحية نفسها تعاني من الفقر او العوز الاقتصادي، او تكون ضحية عنف أسري خلال الطفولة أو شاهدة عليه، أو ضحية عنف جنسي، اغتصاب ، تحرش جنسي، تشرّد، او تنتمي الى الاقليات العرقية، او تعاني من وضع غير قانوني كعدم امتلاك اوراق ثبوتية، او الادمان على المخدرات او الكحول، أو تكون صغيرة السن.
وعلى "مستوى العلاقة العائلية الزوجية الثنائية" كفرض السلطة والسيطرة على الضحية وسلب القرار الحر، إجبارها على ممارسة الدعارة من قبل الشريك او الحبيب او الزوج او الأم او الأب او القريب، او اجبارها على الزواج. وعلى "مستوى المجتمع" ان تنتمي الضحية لظروف مجتمعية هشة، كتفشي البطالة والفقر على الصعيد الوطني، أو مجتمعات تعاني من الحروب والنزاعات، والنزوح. وانعدام المساواة بين الرجل والمرأة وعدم تأمين الوصول المتساوي الى صناعة القرار والى الفرص والموارد، وثقافة تمييزية ضد المرأة وأدوار تقليدية اجتماعية تكرس دونية المرأة وتسليعها، اضافة لادوار اجتماعية منسوبة الى الذكور تبرر وتشجع شراء الخدمات الجنسية.
اما السبب الجذري لوجود الدعارة والاتجار بالاشخاص بهدف الاستغلال الجنسي فهو (الطلب). فالدعارة هي نظام يشمل ثلاثة اطراف هم "مشترو الخدمات الجنسية، مقدمو الخدمات الجنسية، القوادون او المستغلون ومختلف اطراف صناعة الجنس" وشدّدت "كفى" على أنه "من دون طلب لا يوجد عرض... ومن دون طلب لا وجود للقوادين والمتاجرين، ومن دون طلب لا وجود لصناعة الدعارة برمتها".

المقاربات المعتمدة
أما ابرز التوجّهات العالمية لمقاربة مسألتَي الاتجار والدعارة، عالمياً، فعرضت جبّور المقاربات المعتمدة دوليا لموضوع الدعارة، والتي تتمحور حول ثلاث مقاربات هي:
1-المقاربة الحظرية التي تقول بأن الدعارة شر وتحظرها.
2-المقاربة التنظيمية التي تقول بأن الدعارة مهنة فتلجأ لتنظيمها وتشريعها، او تقول بأن الدعارة شر لا بد منه فتلجأ لتنظيمها بطريقة غير مباشرة عبر أسماء معينة، وهذا ما يحصل في لبنان، تحت عنوان "نظام الفنانات والنادلات" وهي مقاربة سلبية بشقيها، تشرّع بشكل مباشر او غير مباشر الاستغلال، وتسهّل عمل المستغلّين.
3-المقاربة الإلغائية وهي "الأنجع" في التخفيف من الدعارة والاستغلال، وتقول بأن الدعارة هي عنف ولا يمكن ان تؤسس لعلاقة مساواة مهما كان النظام، وهي تقوم على تجريم الصناعة والمشتري ولا تجرم الضحية.

آثار الدعارة
وتم التطرّق الى آثار الدعارة والاتجار بهدف الاستغلال الجنسي على الضحايا، والذي انطلاقاً منها قررت "كفى" محاربة الدعارة واطلاق حملتها "الهوى ما بينشرى" في العام الماضي، والذي جاءت ورشة العمل هذه في اطار استكمالها.
وتتمثل "الآثار الجسدية" للدعارة والاتجار بالضحية بالعنف الجسدي مثل الضرب والركل والخنق والتعذيب، العنف الجنسي مثل الاغتصاب (الفردي والجماعي) والتعذيب الجنسي والتعرض لافعال مهينة، الاختطاف، والقتل.
أما "الآثار الصحية" فتتمثل بالتشنج العضلي وأوجاع في الظهر وأوجاع في الرأس، امراض في الجهاز الهضمي ومشاكل في الجهاز التنفسي، اعاقة ناتجة عن افعال عنيفة، الحمل غير المرغوب، الاجهاض وأحيانا الاجهاض القسري، التعرض للامراض المنتقلة جنسيا والامراض النسائية، والادمان على الكحول والمخدرات. اضافةً الى "الآثار النفسية" كالشعور بالخوف، الشعور بالذنب، فقدان الثقة بالنفس، الضياع، الاكتئاب والانهيارالعصبي، الانعزال، الارق والانتحار.
وبعض انعكاسات هذه الآثار على الضحايا تتمثل بانعدام النظرة الى المستقبل، عدم الرغبة بتقديم شكوى او الخروج من مجال الدعارة، تطوير آليات لحماية الذات كتصرف عدائي، فصل الذات، تخدّرعاطفي، التعلق العاطفي بالجاني، والضحية تصبح الجلاد في بعض الاحيان.
وركّز القسم الثاني من ورشة العمل على قراءة في مقتطفات إعلامية ذات صلة بالموضوع، عبر نقاش المحتوى مع الصحافيين الحاضرين، والخروج بمقترحات للإضاءة أكثر على الإشكالية وتغطيتها بشكل أفضل.
 

  • شارك الخبر