hit counter script

مقالات مختارة - عدنان الحاج

الكهرباء بين أعباء زيادة التقنين على المواطن وأكلاف التحكيم على الدولة

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٥ - 05:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

لا يختلف اثنان على أن معالجة موضوع الهدر والسرقة والتعليق على شبكات كهرباء لبنان، لن تتمّ من دون تركيب العدادات الذكية، التي كان يُفترَض أن تركب وتباشر عملها منذ أكثر من سنة ونصف السنة تقريباً، من قبل شركات تقديم الخدمات، التي ينتهي عقدها، حسب الاتفاقية، في شهر 8 من العام 2016. ومنذ ذلك الوقت، وحتى الآن مازال الوضع يقوم على استفسارات كهرباء لبنان على نوعية العدادات ومدى توافقها والشبكة الراهنة والمواصفات. وكأن العقدَ المنفّذ منذ سنوات لم يلحظ هذه المواصفات، التي تتماشى مع وضع شبكة الدولة اللبنانية المهترئة، والتي بدأت بعض شركات الخدمات بتأهيلها في بعض المناطق ضمن العقود. وليس غريباً أن تكون الكهرباء من ضمن مطالب الحراك الشعبي، لكونها الكلفة الأعلى للخدمة الأسوأ، نتيجة تعدّد الفواتير وتنوّعها وطول فترات التقنين.
العنصر الأساسي لضبط الهدر يكمن في تقليص معدلات الطاقة المسروقة، وتحسين جباية الكهرباء التي يقدّرها بعض خبراء المشروع، وإحصاءات كهرباء لبنان، بأنها تصل إلى 48 و52 في المئة في بعض المناطق. الغريب في الأمر أن كهرباء لبنان مازالت تسأل عن نوعية العدّادات، بينما العقد مع الشركات التي من مسؤوليتها ضبط وتحسين الخدمة والجباية وتأهيل الشبكات، شارف على نهايته بعد سنوات من التنفيذ.
وقد استطاعت بعض الشركات، وحسب تقارير شركة «بوس» وبعض الشركات الأخرى العاملة في المشروع، المقدمة إلى الوزارات والمؤسسات المعنية، أن تخفّض معدل الهدر من حوالي 43 في المئة إلى حوالي 29 في المئة من الطاقة المفوترة، وبالتالي أن ترفع معدلات التحصيل من حوالي 57 في المئة من الطاقة المفوترة في العام 2012 إلى حوالي 70 في المئة في العام 2014.
وهذه معدلات تعتبر جيدة، وسط انتشار بؤر التعدّي على الشبكات، والسرقات من قوى الأمر الواقع وبعض تجار المولّدات، الذين يستفيدون من كهرباء الدولة ويسوّقونها بأسعار المولّدات المرتفعة وأسعار الاشتراكات. وتترافق عمليات تحسين الجباية مع مشاريع تأهيل الشبكة، التي توفر مردوداً بقيمة 25 مليون دولار سنوياً، نتيجة تقليص الهدر.
المرحلة الهامة من العقد مع شركات تقديم الخدمات، يُفترَض أن يكون تركيب العدادات الذكية، وبعضهم يتمتع بشراكة مع مؤسسات دولية والبنك الدولي، والبعض الآخر حصل على استشارات من مؤسسة كهرباء فرنسا ومؤسسات ركبت ملايين العدادت في اوروبا والدول المتقدمة. هذا الواقع يعكس التباعد بين مؤسسة كهرباء لبنان ومنظّمي المشروع، على اعتبار أن الأمر مازال في طور الاسئلة حول بعض الأمور. أكثر من ذلك يذهب البعض إلى الحديث عن وجود تباين بين مؤسسة الكهرباء ومنظمي مشروع الخدمات، انعكس تأخيراً على مشروع العدّادات الذكية، الذي يُعتبر أساس إنجاح المشروع في تطوير الخدمة، وتحسين الجباية، وتقليص عجز الكهرباء، الذي يزحف ليأكل 50 في المئة من عجز الموازنة، ومن تراكمات الدين العام منذ سنوات، والذي يبلغ حوالي 69 مليار دولار وأكثر.
ومن الأمثلة أن موضوع الكهرباء بشقّيه التأهيلي والتطويري، مرشّح ليكون مواضيع ودعاوى تحكيم ضد الدولة اللبنانية ومؤسسة كهرباء لبنان. كيف ذلك؟
1 ـ في القضية الأولى، قضية شركات الخدمات، عُلم أن وزير الطاقة ارتور نظريان تلقى كتباً من بعض شركات الخدمات العاملة في المشروع، تطلب منه عرض موضوعها على مجلس الوزراء للحصول على الموافقة، لدخولها التحكيم ضد كهرباء لبنان. هذا يعود لأن العقد الموقع بين شركات الخدمات ومؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة والدولة اللبنانية، يفرض الحصول على موافقة مجلس الوزراء، قبل لجوء الشركات للتحكيم. وعلم أيضاً أن وزير الطاقة لم يستطع عرض الموضوع على مجلس الوزراء، لأسباب تتعلق بعدم انعقاد المجلس، ولأسباب الظروف السياسية القائمة. ولم يعرف حتى الآن ما اذا كان الوزير نظريان سيعرض هذا الأمر على مجلس الوزراء، قبل الاستماع إلى ممثلي بعض الشركات المعنية، التي دخلت مرحلة التحضير للتحكيم، بعدما خرقت بنود العقد من قبل المؤسسات العامة والدولة والكهرباء، في تأخير مراحل التنفيذ. هذه الدعاوى في حال اللجوء اليها من قبل الشركات، ستحمّل الدولة مزيداً من الاعباء والخسائر، نتيجة مخالفة العقد، في حال ثبتت مخالفة العقد نتيجة التأخير، وفي حال سمح مجلس الوزراء للشركة صاحبة الطلب باللجوء إلى التحكيم، حسب بنود العقد. فالتحكيم واقع على اعتبار أن إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، التي تعاني من فراغ في مجلس إدارتها (يوجد المدير العام وعضوان نتيجة انتهاء مدة بعض الأعضاء واستقالة البعض الآخر منذ مدة). مع الإشارة إلى المدير العام شركة كهرباء لبنان كمال حايك، هو رئيس مجلس الإدارة ايضاً حسب النظام الحالي. تبقى إشارة إلى ان شركة «بوس» هي شريكة مع البنك الدولي، وفي حال رفضت الحكومة طلبها بإجراء التحكيم، سيكون البنك الدولي طرفاً في الخلاف، وتحمّل التعويضات لكونه شريكاً، وهذا ما سيجعل البنك الدولي يتحرك دعماً لشريكه حتى لا يتحمل هو التعويضات، على سبيل المثال.
2 ـ نقطة أخرى تتعلق بالكهرباء، ذاهبة إلى التحكيم والمطالبة بتعويضات تصل إلى 100 مليون دولار من الدولة، نتيجة تأخير معاملات تنفيذ معامل الإنتاج، في معمل دير عمار، حيث تمّ خرق العقود، وتأخّرت الدولة في التنفيذ، مما دفع الشركة الملتزمة الى التحضير لعملية تحكيم ضد الدولة، تطالبها بالعطل والضرر وتأخير الأعمال بقيمة قد تفوق 100 مليون دولار. هذا نتيجة الخلاف الذي تفجّر مؤخراً حول احتساب قيمة ضريبة القيمة المضافة، ضمن كلفة المشروع أو خارج العقد، وهي قضية كانت غير مبيّنة في العقد. وهي مواضيع خلافية داخل اركان الدولة ووزارتها، مما يعزز إمكانية فوز الشركة بالتحكيم الدولي. تبقى إشارة إلى ان الشركة التي تقوم ببناء معمل ديرعمار كانت أحضرت المجموعات والتوربينات الخاصة، ثم أعادت بيعها إلى جهة خارجية بعدما تأخرت الدولة عن السداد بفعل الخلافات القائمة.
3 ـ النقطة الثانية تتعلق بتأخير الأعمال في معملي الجية والذوق، التي تأخّرت ثمانية أشهر عن مواعيدها، بينما توقفت أو تأخرت عمليات تأهيل المجموعات في المعمل، الأمر الذي زاد التقنين بدلاً من تخفيضه، وفقاً لمنطوق المشاريع وكلفتها. فبين التأهيل والتطوير ضاع المستهلك بين أعباء زيادة الكلفة والفاتورة الشهرية عليه، وبين ضياع نمو كلفة أعباء الكهرباء، التي باتت ترهق الخزينة، نتيجة الكلفة والدعم المرتفع للتعرفة على حساب تراجع الخدمة، التي باتت أغلى كلفة لأدنى خدمة منذ سنوات طويلة.
 

  • شارك الخبر