hit counter script

مقالات مختارة - ايلي الفرزلي

أزمة المراسيم مدخلاً لتفعيل مجلسي الوزراء والنواب؟

الخميس ١٥ آب ٢٠١٥ - 08:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

ليست جلسة مجلس الوزراء، أمس الأول، نهاية المطاف. كلما زاد الضغط على الحكومة تداعى أقطابها إلى لملمة جراحها، حرصاً على بقائها على قيد الحياة.
مسألة توقيع المراسيم السبعين جاءت لتفاقم الأزمة المستمرة في السلطة التنفيذية. كان «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«الطاشناق» يرفضون الخوض في أي موضوع قبل بت مسألة آلية اتخاذ القرار في الحكومة، فإذ بالأطراف الأخرى تقرر زيادة الضغط على الطرفين بدل استيعاب مطالبهما. إصدار المراسيم بدون توقيع كل الوزراء بدا بالنسبة للوزير محمد فنيش إمعاناً في تخطي الشراكة، في ظل المطالبة بتأكيدها من خلال آلية العمل في مجلس الوزراء، بحسب ما أبلغ «السفير». هنا الإشكالية لا تحتاج إلى نقاش، بحسب الأطراف المنسحبة: المراسيم بحاجة إلى توقيــع رئيــس الجمــهورية. وفي ظل الفراغ لا بد من توقيع مجلس الوزراء بكامل أعضائه. هذا الأمر يحتمل النقاش الدستوري، يقول وزير الإعلام رمزي جريج لـ «السفير». وفيما يعتبر أن الموافــقة على المراسيم تخضع للآلية الملحــوظة في المادة 65 من الدستور (أي الأكثرية المطلـقة في الأمور العادية والثلثين في الأمور الأساسيــة)، إلا أنه يعتبر، في المقابل، أنه نتيجة طــول فترة الفراغ، فإنه من الأفضل المحافظة على الميثاقية، بحيث إذا افتقد أحد المراســيم توقيع جهة وازنة، لا يعمد رئيس الحكومة إلى إصداره. لكنه يشير، في الوقت نفسه، إلى أكثر من سابقة أصدر فيها رئيس الحكومة المراسيم بدون توقيع الـ24 وزيراً، ولا سيما منها عندما أعلن الوزير بطرس حرب رفض توقيع أي مرسوم يأتي من وزارة التربية، أو في حال تعذر توقيع أحد الوزراء بسبب سفره.
بالنسبة لـ «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» كان انسحابهما بديهياً. لكن سلام لم يخلط بين الانسحاب بسبب مسألة توقيع المراسيم والخلاف على آلية اتخاذ القرارات في الحكومة. فأصر على الخوض في جدول الأعمال، حيث تم إقرار «رشوة عكار»، التي أحبطت في مهدها، كما أُقر إلغاء نتائج مناقصة النفايات، والأهم أنه «إلى حين التشاور مع فعاليات عكار»، تقرر نقل النفايات إلى منطقة مجهولة، أو بدقة أكثر، تهريبها إلى تلك المنطقة.
باختصار، لم يتجاوز مجلس الوزراء مطالب عون فحسب، بل عمد إلى تكبير المشكلة. ومع ذلك، فإن صباح أمس شهد بعضاً من التفاؤل، ربطاً بمساع تبذل لإنهاء مسألة المراسيم عبر تجميدها إلى حين عرضها على المعترضين. وهو ما أدى إلى تأجيل العماد ميشال عون مؤتمره الصحافي الذي كان مقرراً أمس، إلى يوم الجمعة. وخلافاً للدور الذي كان يلعبه الرئيس نبيه بري في الخلافات السابقة، حيث فضّل الاصطفاف إلى جانب «المستقبل» في معركته مع عون، كان أول المتحمسين لإطلاق مبادرة تنفس الاحتقان الذي بدأ يهدد البلد بتداعيات خطيرة. علماً أن في «8 آذار» من صار مقتنعاً بأن الهجمة المستمرة على عون، والإصرار على عزله سياسياً، إنما صار جزءاً من استراتيجية «تيار المستقبل»، المستمرة منذ العام 2005، والتي تعززت في العام 2006، بعد تحالفه مع المقاومة.
وقد علمت «السفير» من مصادر نيابية واكبت الاتصالات التي أجراها بري أن مبادرته تقوم على تجميد المراسيم ثم إعادة توزيعها على الوزراء المعترضين. حيث يصار إلى توقيع المراسيم العادية التي تهم المواطنين والموظفين المحالين إلى التقاعد، والتي تحتاج إلى توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير المعني فقط، فيما تؤجل المراسيم الباقية إلى حين درسها.
وأضافت المصادر أنه يفترض أن تكون المراسيم قد وزعت على الوزراء المعنيين أمس، بعدما اتصل الرئيس بري بالرئيس سلام، الذي وافق على الاقتراح.
وإذا ما حلّت هذه المسألة، فهذا لا يعني طبعاً انتهاء مشكلة الآلية، إنما يشير بوضوح إلى تحييد مسألة توقيع المراسيم عن الاشتباك. وقد أكد الوزير الياس بو صعب لـ «السفير» أن لا قرار مسبقاً بمقاطعة الجلسة أو حضورها، فيما أكد فنيش أن القرار سيحسم قبيل الجلسة، بما أوحى أن القرار سيتخذ ربطاً بنجاح المبادرة، علماً أن بو صعب نفسه لن يشارك في الجلسة بسبب وجوده خارج لبنان.
وبين التلويح بالعودة إلى الشارع والتفاؤل بأن تشكل المبادرة، إذا نجحت، مدخلاً لإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء، ولاحقاً تفعيل مجلس النواب، فإن من كان قد أكمل الجلسة الماضية بعد انسحاب 6 وزراء، ما يزال مصراً على درس بعض القضايا الحياتية، في جلسة اليوم، وعلى رأسها رواتب موظفي القطاع العام. حيث يتوقع أن تطرح قضية نقل اعتمادات لدفع رواتب الموظفين، إضافة إلى مسألة القروض الميسرة والهبات الممنوحة للبنان، عدا قضية التحكيم المقامة ضد الدولة من قبل إحدى شركات الطيران. وقد أكد جريج «أننا مستمرون في جلسة الغد (اليوم) لو انسحب وزراء التكتل»، مشيراً إلى أن «الرئيس سلام مصمم على أن تعود الحكومة إلى الانتاج، على الأقل في الأمور الحياتية». واعتبر «أننا أمام خيارين إما أن الحكومة باقية وتعمل، وإما فلا جدوى من حكومة لا تأخذ قرارات في القضايا الملحة».
من جهته، رأى الوزير حسين الحاج حسن أن ما جرى يؤكد أن «هناك إصرارا على عدم الالتفات الى الشراكة، وأن هناك إصرارا على ضرب مقتضيات العيش المشترك وضرب كل النواحي الميثاقية في هذا الامر». وأمل معالجة الدعسات الناقصة والظالمة بحق مكونات أساسية في البلد في طليعتها «التيار الوطني الحر». في المقابل، دعا جريج الحريصين على المشاركة المسيحية في السلطة إلى العودة إلى الميثاق الوطني والدستور، الذي ينص على انتخاب رئيس للجمهورية، على أن تتبع هذه الخطوة بإقرار قانون انتخابي جديد يؤمن التمثيل الصحيح.

جريصاتي يلتقي المشنوق: انسحبنا حرصاً على التوافق
اعتبر الوزير السابق سليم جريصاتي أن «وزراء تكتل الاصلاح والتغيير والحليف المقاوم لم ينسحبوا من الجلسة الماضية الا من باب حرصهم على هذه الحكومة وعلى الجو التوافقي الذي ارساه دولة الرئيس تمام سلام في اسلوب ممارستها صلاحيات رئيس الجمهورية».
وقال جريصاتي بعد زيارته وزير الداخلية نهاد المشنوق، إن «المراسيم العادية يجب على الأقل أن تعرض على الوزراء الذين لم تعرض عليهم او لم يوقعوا كي تكتسب بالتوقيع الجماعي صفة النفاذ وصفة الميثاقية والدستورية».
وأشار إلى أنه «توافقنا على ان ثمة مقاربات وثمة مساعي يجب أن تبذل كي يستمر النهج التوافقي في السلطة الاجرائية». أضاف: «علينا أن نذهب عند توافق ظروف التشريع، لاسيما ان البلد يحتاج الى تضافر جهودنا جميعا في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها كي نضعه على سكة الانقاذ الفعلي، وبالتالي كي ننتظر معا ونحن على عتبة الحلول الاقليمية والدولية الكبرى، الحلول لا لتفرض علينا فقط بل لنواجهها بسلبياتها لا سمح الله، بوحدتنا الوطنية وبتضافرنا الوطني».

  • شارك الخبر