hit counter script

مقالات مختارة - طوني عيسى

«عين الحلوة»: دحلان يدخل المعركة لإضعاف عباس!

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٥ - 06:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

ماذا يَجري في مخيّم عين الحلوة، عاصمة الشتات الفلسطيني والاستخبارات الإقليمية والعالمية؟ وإلى أين ستقوده المجموعات المتحكِّمة بزواريبه، والتي ترفع غالبيتُها بنادق «برَسم الإيجار»؟
يكشف مسؤول أمني فلسطيني سابق خلفيات ما يجري اليوم في عين الحلوة، بدءاً من القبض على الشيخ أحمد الأسير. ويقول: تحوَّلَ المخيّم أخيراً ساحةً للأجهزة أو صندوقَ بريد للرسائل. ولا تمرُّ أسابيع إلّا وتَجري فيه تصفية أو محاولة تصفية غامضة.

وباتت الصورة أكثرَ تعقيداً بدخول الآلاف من فلسطينيي اليرموك، من سوريا، ومعهم عددٌ لا يمكن إحصاؤه من العناصر المندَسّة. ويَعتقد المسؤول أنّ الكثير من هؤلاء يتحرّكون لمصلحة «جند الشام» أو «فتح- الإسلام» أو بلال بدر (الشباب المسلم) أو «داعش» و«النصرة»، لكن بينهم أيضاً مَن تَحوم حوله شكوك في الارتباط بإيران والنظام السوري.

لقد تلقّت السلطة اللبنانية وسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية تعليمات دولية للدخول في الحملة ضد الإرهاب. وهي تشمل «تنظيف» مخيّم عين الحلوة.
وعلى الأثر، باشرَت السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، حراكَها الأمني في المخيّم.

ولأنّ ماكينة «فتح» ضعفَت في السنوات الأخيرة، سعى مسؤول الأمن الوقائي سابقاً، المفصول من «فتح»، محمد دحلان، إلى دخول المعركة عبر المجموعة التابعة لـ«اللينو»، اللواء محمود عيسى، لإثبات حضوره وترميم وضعه في داخل الحركة، في مواجهة عباس. ومعلوم أنّ «فتح» جمّدت أيضاً عضوية عيسى فيها بسبب مناصرته لدحلان.

ولطالما عملَ دحلان في الضفّة الغربية على إظهار «أبو مازن» ضعيفاً. ويردُّ عبّاس على دحلان باتّهامه باغتيال ياسر عرفات والقائد في «حماس» صلاح شحادة. وعلى رغم ماضي «حماس» المرير مع دحلان، فهي تعتقد أنّ مصلحتها تقتضي إضعافَ «فتح» بتشجيع الصراع بين عباس ودحلان.

ويَمتلك دحلان نفوذاً قوياً على جماعات مسلّحة في عين الحلوة، ويتردَّد أنّ للرجل علاقات مع الأميركيين وقوى عربية كمِصر، ويَحصل على دعم من الإمارات. ويتّهمه خصومُه في المخيّم بأنه يُزكي الصراعات في المخيّم بدلاً من إطفائها، بهدف الإفادة من التناحر والضعف الذي يصيب الجميع.

وتتّخذ حملة دحلان أهمّية خاصة في توقيتها الفلسطيني. فهناك انتخابات للّجنة التنفيذية في «فتح» يرَجَّح إجراؤها الشهر المقبل. ويريد دحلان العودة إلى «فتح» من خلالها، إعتقاداً منه بأنّ الفرصة باتت متاحة لإسقاط عباس، بعدما بلغَ مرحلة الترهُّل السياسي، وخلافته. وهذه الانتخابات تشمل فلسطينيّي الشتات، ومنهم نحو نصف مليون فلسطيني في لبنان.

ولذلك، يسعى دحلان إلى إثبات أنّه قوي في الأراضي الفلسطينية، وأنّه يمثِّل الفلسطينيين في مخيّمات لبنان عموماً، وعين الحلوة خصوصاً. ولا يَستبعد المسؤول السابق تحالف المصلحة بين دحلان و»حماس». فهي كانت سَمحت له بتنظيم تظاهرة في غزّة ضد عباس.

إذاً، تَخوض «فتح» حربَها المطلوبة ضد الخلايا الإرهابية في عين الحلوة، وعلى كتفِها دحلان. لكنّها تعاني مأزقَ القدرة على حسم المعركة. وفي تقدير المسؤول السابق أنّ الحركة ترغَب في الحسم الآن لو تستطيع ذلك. لكنّ خليط الجماعات المتطرّفة في المخيّم لم يعُد سهلاً اقتلاعُه.

ويتحدّث المسؤول عن شدّ حبال لبناني - لبناني في المخيّم، بين تيار «المستقبل» و»حزب الله». كما أنّ للمهندس أسامة سعد حضورَه. فـ»المستقبل» له رصيده داخل اللجان الشعبية والكفاح المسلّح، فيما هناك مجموعات إسلامية متشدِّدة يؤكّد المسؤول أنّها مرتبطة بالتأكيد بـ«سرايا المقاومة».

وقبلَ أشهر، شهدَت صيدا والمخيّم اشتباكات انتهت بحسم بعض المجموعات خيارَها إلى جانب «السرايا». وتملك السلطة اللبنانية أوراقاً قوية في المخيّم أيضاً، سواءٌ مخابرات الجيش أو شعبة المعلومات أو الأمن العام خصوصاً.

وفي النهاية، يقول المسؤول، إنّ «فتح»- أبو مازن مدعوّة إلى إثبات قدرتها على مواجهة الإرهاب، ولكنّها غير قادرة على القيام بذلك وحدها، فيما دحلان و»حماس» يستثمران ضعفَها، وقد تجد «فتح» نفسَها مضطرّةً إلى شربِ الكأس المرّة بالتعاون معهما للفوز بالمعركة، مع ما يرَتّبه ذلك عليها من أثمان سياسية.

وإلّا، فبمَن تستعين «فتح»؟ هل بالسلطة اللبنانية؟ أي: هل يكون عين الحلوة «نَهراً بارداً» ثانياً؟

المسؤول السابق يجيب: السلطة اللبنانية باتت أكثرَ حذَراً. فهي لن تتورَّط في معركة جديدة مكلِفة. وحساسية الصِدام في جوار صيدا الشيعي لها ترَدّدات مختلفة عن تردّدات الصِدام في جوار طرابلس السنّي.

والجميع ما زال غارقاً في السِجال حول دور «سرايا المقاومة» في عملية عبرا. كما أنّ معركة عين الحلوة، إذا وقعَت، ستتمّ في ظلّ الصراع المفتوح في سوريا. وهذه مغامرة إضافية في الواقع المذهبي اللبناني.

لذلك، لن يكون هناك «نهر بارد» في عين الحلوة، بل سيَقوم المخيّم بعملية «تنظيف ذاتي» تتولّاها «فتح». والمأزَق يَكمن في قدرة «فتح» على ضرب قادة الزواريب الذين تتشابك انتماءاتهم وارتباطاتهم ومصالحهم. فالمخيّم مقبِلٌ على الانفجار من الداخل. لكنّ التوقيت رهنُ اكتمال العناصر.

  • شارك الخبر