تندرج زيارة وزير الخارجية جبران باسيل إلى المناطق الحدودية المسيحية ضمن إطار الإطمئنان على المسيحيين الخائفين من "الآتي". الآتي، برأيهم، سيكون مختلفاً عمّا خبروه في جميع المواجهات التي عايشوها منذ الحرب الأهلية حتى اليوم.
في تربل، البلدة البقاعية، لاقى باسيل استقبالاً لافتاً من ضمن جولته على قرى قضاء زحلة. لكن ما ميّز هذه المحطة عن غيرها كان مشاركة رئيس كتلة نواب زحلة وإبن تربل القواتي طوني بو خاطر في الإستقبال ومضمون الكلمة التي ألقاها، والتي لاقت استحسان الرابية.
يفترض بأجندة باسيل أن تضمّ محطات جديدة تشمل بقية المناطق المسيحية، خصوصاً الحدودية منها. العنوان الأكبر إشعار المسيحيين أن ثمّة من يسأل عنهم ويشاركهم هواجسهم ويخفّف من ثقل مخاوفهم، ويذكّرهم أن هناك من يسعى دوماً لحمايتهم واستعادة حقوقهم.
وفيما تطرح التساؤلات حول توقيت هذه الزيارات، والتي شملت سابقاً رأس بعلبك والجنوب وعكار، وسبب قيام الوزير باسيل بها دون غيره من قياديّي "التيار الوطني الحر"، أو حتى ميشال عون نفسه، فإن الرابية تبدي اهتماماً أكبر بالمضمون وفحوى الرسائل التي يحملها باسيل إلى المسيحيين وما يسمعه من هواجسهم. وهو أمر يتكامل مع مهمّته النوعية في بلدان الإغتراب، التي لم يسبقه إليها أي من الوزراء السابقين، في شدّ العصب المسيحي ودعوتهم إلى الإنخراط مجدّداً في الـ system اللبناني، وبالأخصّ العمل على قانون استعادة الجنسية اللبنانية.
ولا يفصل المتابعون هذه المشهدية عن ما حكي في السابق عن دعوات للأمن الذاتي. فالخائف يلجأ إلى السلاح للشعور بالحماية. العونيون يعترفون هنا "أنه منذ بداية ارتسام مشهد الرعب التكفيري والإرهابي على الحدود اللبنانية ـ السورية جرى تنسيق عال المستوى، كان في صلبه "حزب الله"، وتمّ بموجبه توزيع السلاح على أبناء المناطق الحدودية التي لم تفرّق بين القواتي والعوني والمستقلّ أو إبن الجرد. أما الهدف فقط فهو حماية وجودنا في معرض الدفاع عن النفس وليس فتح جبهات مع أحد".
هذا الواقع التنسيقي بين القواتيين والعونيين في حمل السلاح في المناطق الحدودية، والذي فرضته الظروف، قد سبق جلسات الحوار بين الطرفين بسنوات. بالنسبة لكثر، قد يكون ذلك أهم من أي ورقة نوايا يوقّعها العماد ميشال عون وسمير جعجع...