نحو ثلاثة آلاف سوري غادروا لبنان منذ مطلع العام الجاري باتجاه قبرص، مقارنة بأربعة آلاف وخمسمئة في خلال العام الماضي بأكمله، هذا الرقم أخاف الاتحاد الاوروبي ودولاً محددة فيه تتقدمها ألمانيا وإيطاليا وتشاركهما القلق بريطانيا الخارجة من عباءة الاتحاد.
هي دول لا تريد استقبال موجات جديدة من النازحين السوريين ولا تريد في الوقت عينه إعادتهم إلى ارضهم وما تبقى من منازلهم، بحجة عدم تقوية النظام السوري أو الاعتراف بانتصاره في الحرب المدمرة التي شهدتها سوريا منذ العام 2011.
جاءت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين برفقة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس على عجل، مطمئنة إلى أن مليار يورو على مدى أربع سنوات كافية لإسكات الأصوات المرتفعة ضد الوجود السوري، ويبدو أنها نجحت في المهمة بدليل إسراع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى نفي كلمة رشوة، والتأكيد على انتزاع موقف أوروبي يؤكد التوطين في بلد ثالث والاعتراف بمناطق آمنة في سوريا.
وإلى أن يقنعنا رئيس الحكومة بصوابية ما قال وبأنه ليس توطيناً مقنعاً سيتغيّر معه وجه لبنان إلى الأبد، ما هو موقف الأحزاب المطالبة برحيل السوريين عن لبنان؟
الموقف الموحد والضغوط الداخلية لترحيل النازحين أخافت الاتحاد الأوروبي من موجة نزوح غير شرعي تغرق بلدانه، فكان الحراك العاجل لـ " فون دير لاين" و"خريستودوليديس" لكنهما وبحسب مصادر نيابية قواتية "تعاملا مع لبنان بفوقية ومن خلال مليار يورو علها تشتري صمتنا وتبقي السوريين عندنا". وتكشف المصادر عبر "ليبانون فايلز" أن "تكتل الجمهورية القوية كان قد استحصل من الرئيس نجيب ميقاتي على وعد برفض أي مساعدات مالية خارجية غايتها إبقاء السوريين في لبنان"، وقالت المصادر "ما أعلنه الزائران الأوروبيان كان واضحاً لجهة تقديم مليار يورو لمساعدة اللبنانيين على تقبّل السوريين ما يعني أن المساعدة تأتي للنازحين وليس للبنانيين وهذا مرفوض تماماً من جانبنا ونطالب ميقاتي بإعلان رفضه وإعادة المبلغ لمقدّميه".
وتكشف المصادر النيابية القواتية "أن تكتل الجمهورية القوية بصدد استصدار قانون عن مجلس النواب يرغم الحكومة على رفض أي مبلغ خارجي أياً تكن الجهة التي تقدّمه، غايته إبقاء السوريين في لبنان، كما نتجه إلى خطوات عقلانية عبر الأجهزة الأمنية لتنفيذ القرارات الصادرة عن الحكومة ووزارة الداخلية والضغط باتجاه حصول الأمن العام على داتا واضحة للنازحين غير تلك المبهمة التي تسلّمها من منظمة ال UNHCR بهدف معرفة الأعداد الفعلية والأسماء وأماكن الانتشار لتسريع العودة، وإلّا فليتحمل المجتمع الدولي مسؤولية مغادرتهم لبنان باتجاه البحر وأوروبا".
مصادر نيابية في الحزب التقدمي الاشتراكي قالت لـ "ليبانون فايلز" إن "المطلوب موقف لبناني موحد يطالب بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وهو ما نعمل عليه، ومطلوب من الحكومة قرار سياسي كبير توزّع من خلاله الأدوار، لا أن يتم التنازع عليها كما هو حاصل، بالتوازي مع حوار عنيف أكثر مع المجتمع الدولي ليتحمّل مسؤولياته في هذا الملف، ويعمل على إعادة النازحين وتأمين أماكن أخرى لتوطين طالبي اللجوء السياسي". وأكدت المصادر أن "هذا الملف قد فُتح ولن يقفل، والتعاطي معه يجب أن يكون بخطوات عقلانية وعملية بعيداً عن الشعبوية، نظراً لمخاطره الأمنية والديمغرافية على لبنان".