hit counter script

مقالات مختارة - وليد أبو سليمان

طهران من قنبلة نووية... إلى قنبلة اقتصادية

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 09:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

(البلد)

مهما اختلفت المواقف من الإتفاق- الإطار بين إيران ومجموعة 5+1 سواء كانت مرحبة به أم معترضة عليه أو غير معنية به، فهذه المحطة في علاقة طهران مع المنظومة الدولية لن تمر مرور الكرام، لأن ما بعدها لا يشبه أبداً ما قبلها.

لم يكذب المسؤولون الأميركيون وعلى رأسهم باراك أوباما، حين وصفوا الاتفاق بالتاريخي، لأنّه فعلاً قد يغيّر وجه المنطقة ويعدّل في موازين قواها، كونه سيُستتبع بتفاهمات سياسية إذا ما جرت الرياح وفق مشيئة الإدارتين، الأميركية والإيرانية، وجرى توقيع الاتفاق النهائي.
أما أهمية هذا الاتفاق فتكمن في التداعيات السياسية والاقتصادية التي يحملها، والتي من شأنها أن تؤثر على المشهد الإقليمي في الكثير من مفاصله. ولكن لا بدّ أولاً من جلوس أقطاب المنطقة الى طاولة حوار تساعد على تنفيس الاحتقان والتخفيف من حدّة الصراعات الحاصلة بينهم. إذ بمجرد رفع العقوبات المالية عن طهران، فهذا سيؤدي الى تدفق الأموال المجمّدة في المصارف الغربية، الى خزينتها العامة والتي تتخطى قيمتها الـ100 مليار دولار، وتالياً انتعاش اقتصادها بشكل تلقائي. إلى جانب طبعاً رفع الحظر عن النفط الإيراني الذي يمنع راهناً أكثر من 60% من تصديره.
مع العلم أنّ عودة ايرن الى السوق النفطي قد لا تؤثر كثيراً على سعر البرميل عالمياً نظر للطلب الكثيف عليه، وقد لا يحصل الا انخفاض طفيف للسعر، بسبب دخول الطاقة البديلة الى السوق الصناعي وبدء التنقيب عن النفط الصخري.
بالإضافة إلى هذين العاملين، لا بدّ من الإشارة الى أنّ إيران دولة غنية بالمعادن الثمينة كما أنّ القطاع الزراعي فيها متطور. ولهذا فإنّ ضخّ المال في شرايين اقتصادها سيساعد على نموه بشكل سريع وكبير ما يتيح له فرض نفسه كأحد الإقتصادات الفاعلة في المنطقة.
بالنتيجة، قد تتحول إيران في وقت سريع الى قنبلة اقتصادية ليس على المستوى الإقليمي فقط، وإنما على المستوى العالمي. وهذا ما يبرر الفرحة العارمة التي عمّت شوارع طهران لحظة الإعلان عن الإتفاق.
للتذكير أيضاً، فإنّ السوق الإيراني هو سوق استهلاكي ضخم يضمّ أكثر من 80 مليون نسمة وهذا ما يفسر التسابق الدولي لحجز موقع في هذا السوق قبل انفتاحه بشكل كلي على المنظومة الدولية. وقد أبدت العديد من الشركات العالمية رغبتها في اقتحام هذا السوق.
كما أنّ هذا السوق هو موضع اهتمام المستثمرين اللبنانيين لا سيما بالنسبة للقطاعين المصرفي والصناعي، بعدما أثبت الأول أنه رائد في منطقة الشرق الأوسط وغنيّ بالخبرات المالية وبإمكانه اختراق السوق الإيراني بسهولة.
هكذا أيضاً، تعيش إسرائيل حالة رعب لأسباب اقتصادية وأمنية لا سيما إذا حصل الاتفاق النهائي بين طهران والمنظومة الدولية الذي يسمح لها بأن تصير شريكة للعالم الغربي ومركز جذب للاستثمارات العالمية الكبيرة، ما يعني أنّ إسرائيل قد لا تعود الدولة المدللة لدى الولايات المتحدة التي كانت تنحاز لها بسبب المصالح الاقتصادية.
هذا لا يعني أبداً أنّ طهران خرجت بانتصار نظيف من الاتفاق، لا بل هي اضطرت الى تقديم تنازلات كبيرة في مجال تخفيض تخصيب اليوارنيوم. وقد قادتها أزمتها الاقتصادية الى هذا الأمر بعدما تخطت البطالة الـ15% وتخطى التضخم الـ18% وهي كانت بحاجة الى هذ الاتفاق.
هكذا من المرتقب أن نشهد شرق أوسط جديدًا بعد أن تهدأ النفوس وتنتعش طاولة التفاهمات الإقليمية لا سيما بين الرياض وطهران. مع الإشارة إلى أنّه من المستبعد أن تكون تركيا قطباً أساسياً في الخريطة الجديدة لا سيما وأنّها لا تتحدث اللغة العربية وتعاني من مشاكل داخلية كثيرة تحول دون تمدد نفوذها في المرحلة الراهنة، وهي ليست طرفاً أساسياً في الصراعات الحاصلة في المنطقة أسوة بإيران.
ولهذا ننظر بعين الإيجابية لمفاعيل هذا الإتفاق- المفصل في تاريخ المنطقة، على المستوى اللبناني لأنه قد يساعده على استعادة استقراره اذا ما اقترن بتفاهم إيراني- سعودي، يبقى ممراً إلزامياً لا يمكن تجاوزه.

  • شارك الخبر