hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة عن الألم من منظور فلسفي من وجهات دينية ووضعية

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٥ - 14:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظم المنتدى الفلسفي في معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية ندوة في مقره، وعلى مدى ثلاثة أيام، بعنوان "الألم من منظور فلسفي ديني" تحدث فيها مجموعة من الباحثين.

أدار الأب ريشارد كفوري اليوم الأول من الندوة، وتحدث فيها متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيرلس سليم بسترس عن "الألم في الأدبيات المسيحية"، فقال: "الكلام عن الألم هو في الواقع كلام على طبيعة الإنسان. فالإنسان كائن حي متوسط بين الضعة والرفعة. فهو من جهة جسده متلبس الضعة، أي الضعف والألم، وفي النهاية الموت، أما من جهة نفسه وروحه فيتميز بالرفعة".

اضاف: "استنادا إلى قيامة السيد المسيح، نؤمن نحن المسيحيين بأن الألم الذي نعانيه على هذه الأرض ليس نهاية كل شيء. بل ثمة حياة أبدية مع الله، وهي المصير الأخير لكل إنسان يعمل الصالحات. مهما كبرت آلامنا في هذه الحياة، ويبقى رجاؤنا بالقيامة أعظم. هذا الرجاء بالقيامة هو كنزنا الحقيقي".

وختم واصفا الآلام الذي يتعرض لها المؤمن بالقول: "نحن متضايقون من كل جانب، ولكنا لا ننحصر، حائرون ولكن غير يائسين، مضطهدون لكن غير متروكين، مطروحون لكن غير هالكين، نحمل في الجسد كل حين موت الرب يسوع، لتظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا. فإن الذي أقام الرب يسوع سيقيمنا نحن أيضا، مع يسوع... لذلك لسنا نفشل، بل ولئن كان إنساننا الظاهر ينهدم، فإنساننا الباطن يتجدد يوما فيوما. لأن الضيق الحالي الخفيف ينشىء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدي".

وتحدث السيد علي عباس الموسوي عن "الألم الفعل الإلهي والارتقاء البشري"، وقال: "تعرض علم الكلام لدى المسلمين لتعريف الألم، وتحدثوا عن وجود إطلاقين له، الأول: يراد منه ومن اللذة الألم واللذة المزاجيات. والألم حالة حاصلة من تغير المزاج إلى الفساد. واللذة حالة حاصلة من تغير المزاج إلى الاعتدال، وعروض النشاط والسرور على الملتذ. ومن كان متصفا بهما يجب أن يكون موجودا ماديا قابلا للانفعال"، مشيرا الى :ان الألم فعل إلهي، إذ ينطلق السؤال عن الألم من حيث: لم فعله الله؟".

وعن الألم ارتقاء بشري قال: عندما ننظر من وجهة أخرى نبحث عنه من حيث الإنسان وكيف ينبغي النظر إلى الألم كحالة ومصداق للأمور التي ينظر إليها بعين الرفض والاعتراض، ولا شك في أن ما يصدق على الألم من مفاهيم من وجهة نظر الإسلام هي أنه شر، بلاء، فلا بد من البحث عن الإجابات ضمن نطاق المفهوم المباشر أو غير المباشر من المفاهيم التي تنطبق على الألم انطباقا".

ورأى أن المرض وكأي بلاء آخر يصاب به الإنسان في هذه الدنيا يشكل عامل صقل لهذا الجوهر الإنساني، فإن به ترقى الروح حيث تكون المعاناة من الألم سببا لكي تتجوهر أكثر من اختبارات تخضع لها، ولذا يشكل الألم والمرض الذي يصاب به الإنسان لطفا إلهيا به لأنه يأخذ بيده نحو الكمال. وهو تطهير وعلاج، وهو أسلوب تربوي ناجع للنفس، لأنها لا تريد قطع صلتها بما تحبه وتسعى إليه، ولذا كانت لحظات الألم عاملا تربويا لكي يبتعد عن ارتكاب الذنوب، ويستأنف علاقة جدية بربه، تحكمها رؤية ما بعد التأديب الإلهي لهذا الإنسان بالألم".

أما اليوم الثاني فكان الحديث عن "الألم بين الحضارة والأسطورة"، في لقاء أداره مصطفى خليفة، وشارك فيه كل من الدكتور حسن جابر، والدكتور أحمد ماجد، والأب روبير بينيدكتي اليسوعي.

وأشار الدكتور جابر إلى الألم وأصنافه ودوره في بناء الدافع نحو التقدم والازدهار في الحضارات، معتبرا أن الإنجازات العلمية، والثقافية، والفكرية كانت نتاج ألم معرفي يجتاح كل فرد إلا أنه يتميز في حساسيته بين فرد وآخر، وذهب الدكتور إلى أن الألم محفز للحضارات ودافع لها إلى التطور، وفي هذا المجال رأى أن الألم في الحضارة الأوروبية والظروف التي عانت منها سمحت بتطور حضاراتها".

ورأى الأب بندكتي "أن كل شيء في الفكر الإسلامي يتأتى من الله وهو لا يصنع الشر، فكل ما يصنعه الله هو الخير، وما قد يعتبره البعض شرا ليس إلا عقابا على ذنب، أو تربية للنفس، أو امتحانا لها، أما في الفكر الصوفي فالألم عبارة عن علاقة تدل على محبة الله لمن يمتحنه. أما حول موت وألم السيد المسيح، فرأى أنها كفارة عن خطايا البشر". 

وختام اليوم البحثي الثاني كان مع الدكتور ماجد الذي تناول "الدلالات الشعيرية والطقوسية في فهم الألم في الأساطير القديمة". فعرف الطقس باللغة التي تستطيع أن تقدم تعبيرات خاصة وسلوكية قابلة للفهم والتعبير عنها.

وفي اليوم الثالث من الندوة التي أدارته الزميلة ليلى مزبودي، تحدث أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن رضا عن "الألم في فلسفة الأخلاق" حيث أعطى مفهوما للألم في مقابل اللذة في ما يرتبط بالجانب الأخلاقي، معتبرا ان هناك ثمة تفاعلا بين الألم واللذة في مضمار النفس الإنسانية، وبالتالي فإن الأخلاق في بنيتها وجوهرها ارتكزت على لحظة الألم إن من جهة ولادته أو من جهة ما يمكن أن يقوم به الألم أو الأخلاق من علاج للألم وهو ما يسمى البلسمية".  

  • شارك الخبر