hit counter script

أخبار محليّة

الراعي: آلية البديل من وجود رئيس والاستغناء عن الرئاسة مخالفة واضحة للدستور

الأحد ١٥ آذار ٢٠١٥ - 12:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة بولس الصياح، سمير مظلوم وعاد ابي كرم ولفيف من الكهنة، في حضور رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، قنصل مولدوفياايلي نصار قائمقام كسروان - الفتوح جوزف منصور وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "إيمانك خلصك إذهبي بسلام" (لو8: 48)،
قال فيها: "في هذا الأحد الثالث من زمن الصوم الكبير، تتأمل الكنيسة في آية شفاء المرأة المصابة بنزيف دم منذ اثنتي عشرة سنة، وقد عجز الطب عن شفائها.أما يسوع فشفاها بقوة إيمانها. ما يعني أن الإيمان بالله يتفوق على معالجات الطب وفنونه ويعضدها، وأن الرب يسوع هو الحياة ومصدرها. ويترافق شفاء المنزوفة بآية قيامة الصبية ابنة يائيرس من الموت بقوة إيمان أبيها بشخص يسوع، فتبين أن يسوع هو "القيامة والحياة". ومثلما قال للمرأة بعد شفائها: "إيمانك خلصك، إذهبي بسلام! (لو8: 48)، قال ليائيرس قبل أن يقيم ابنته من الموت: "لا تخف! آمن فقط وابنتك تنجو" (لو8: 50).

أضاف: "يسعدني أن أحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية. فأحييكم جميعا، ملتمسين من الله أن يحيي فينا إيمان المرأة المنزوفة، فنلتمس الشفاء من النزيف الروحي والأخلاقي والاقتصادي والوطني الذي يصيبنا ويصيب مجتمعنا ووطننا اللبناني، وبلدان الشرق الأوسط، ولاسيما فلسطين والأراضي المقدسة وسوريا والعراق، بسبب الحروب المفروضة عليها قسرا، وهي تعاني نزفا في البشر قتلا وتهجيرا وخطفا، وفي الحجر هدما، وفي التراث الأثري والتاريخي والحضاري حرقا وإتلافا. نلتمس الشفاء قبل أن تموت مجتمعاتنا وأوطاننا، مثلما يؤدي نزف الدم إلى الموت الحسي".

وتابع: "لا يسعنا إلا أن نجدد معكم إدانة التعدي الوحشي من التنظيم الإرهابي المعروف ?"داعش" على إخواننا المسيحيين الأشوريين في الحسكة والبلدات والقرى المسيحية المجاورة لها في سوريا. ونعلن تضامننا الكامل معهم: مع الخمسة آلاف الذين هجروا واستولى الإرهابيون على بيوتهم وممتلكاتهم وجنى عمرهم، ومع المئتين من النساء والكبار والصغار الذين خطفهم التنظيم، وما زال مصيرهم مجهولا. إننا نطالب الدول المعنية ومجلس الأمن والأسرة الدولية بإعادة جميع هؤلاء الأخوة إلى بلداتهم وقراهم، وحماية المواطنين الآمنين. ونطالب مجددا وباستمرار بعودة المسيحيين الذين هجروا من الموصل وبلدات ومدن سهل نينوى. ومن المؤلم والمؤسف حقا أن تنظيم داعش لم يكتف بمجزرة البشر، فقد ارتكب مجزرة التاريخ الأثري الحضاري الأشوري المحفوظ في متحف الموصل. ونتساءل: أترى "داعش" مجرد تنظيم أم دولة قديرة تلبس قناع هذا الاسم؟ وإلا، من أين قوة "داعش" وكيف يفسر هذا الظاهر المشبوه في تفاهمات مع دول إقليمية ودولية؟ أهكذا تبنى الديموقراطية وتتم الإصلاحات السياسية في البلدان العربية الموعودة "بربيع عربي؟". ولا بد هنا من توجيه تحية تقدير ودعم لجيشنا اللبناني الذي أظهر شجاعة ومهارة فنية عالية في عملية دحض مواقع "لداعش" في جرود رأس بعلبك".

"يا ابنتي إيمانك خلصك".

وقال: "في إنجيل اليوم، نحن أمام امرأتين، الأولى صبية والأخرى كبيرة، شملهما يسوع برحمته. فأحيا الصغيرة من الموت، وشفى الكبيرة من نزف دم عذبها اثنتي عشرة سنة، وأنفقت كل مالها على الأطباء من دون جدوى. وكون لفظة "امرأة" تعني "المأخوذة من امرئ"، ودعيت حواء أي "أم الحياة" (تك2: 23)، فالمرأتان تمثلان كل إنسان، صغيرا كان أم كبيرا. هذا هو وجه الكنيسة التي تقبل، بحنانها ورحمتها، جميع الناس، من دون تمييز لحالتهم أو لونهم او عرقهم او واقعهم أو إمكانياتهم. والكنيسة هي أول من نادى بالمساواة بين الرجل والمرأة، منذ ما "خلقهما الله على صورته ومثاله" (تك 1: 27)، والمسيح ابن الله أعاد للمرأة ملء كرامتها عندما اتخذ من امرأة جسدا، وحفظ هذه الكرامة من خلال جميع النساء اللواتي التقاهن".

وتابع: "يتبين من هاتين الآيتين أن الجو جو إيمان. وهو مزدوج: إيمان متكلم وملتمس، مثل إيمان يائيرس رئيس مجمع اليهود، الذي "جاء وارتمى عند قدمي يسوع، يطلب منه أن يدخل بيته لأن له ابنة وحيدة مشرفة على الموت" (لو8: 41-42). وإيمان صامت وثابت في القلب، مثل إيمان المرأة المصابة بنزيف الدم المقصية عن الحياة العامة بموجب الشريعة. هذه "دنت من خلف يسوع، مندسة بين الجمع الذي يزاحمه، ولمست بإيمان واثق طرف ردائه، فوقف في الحال نزف دمها" (لو8: 44).
لقد فعلت المرأة ذلك، لأن شريعة موسى وصمت بالدنس كل امرأة مصابة بنزف دم، وأنهتها عن الحضور علنا بين الشعب، وأقصتها عن الحياة الاجتماعية، وعن لمس أي شخص؛ ومنعت أي إنسان من لمسها لئلا يتدنس (راجع سفر الأحبار، الفصل 15 و 17). كانت هذه الشريعة حريصة على المحافظة على شعب الله.
بفعلتها هذه احترمت المرأة المنزوفة هذه الشريعة، واحترمت قداسة يسوع وطهره ونقاوته. إنها، بإصابتها، قد خسرت كل شيء، مالها وصحتها وكرامتها وحضورها في المجتمع، وباءت كل محاولات الأطباء بالفشل. وهكذا، بشجاعة الرجاء والثقة بيسوع، لجأت إلى رحمته بالطريقة المذكورة".

أضاف: "أما يسوع، العليم بما في قلب الإنسان، فأراد أن يمتدح إيمانها الصامت والخفي، ويكشفه، ويجعله أمثولة لكل الأجيال. لذلك سأل عن الشخص الذي لمسه. ولما أنكر الجميع، وهو أصر على معرفة من لمسه، اعترفت المرأة بما فعلت، وكيف شفيت. فقال لها: "يا ابنتي، إيمانك خلصك، فامضي بسلام" (لو8: 48)، قال القديس افرام السرياني: "كما المرأة شهدت، بفعلتها، لألوهية يسوع القادر على شفائها، شهد يسوع، بإعلان أمرها، لقيمة إيمانها الذي جلب لها الخلاص".

وتابع: "إننا نلتمس من المسيح الرب أن يثبتنا في الإيمان، كما ثبت إيمان يائيرس، لكي نقر بحالة الموت المعنوي الذي نعيشه ويعيشه العالم، بسبب الخطايا المتراكمة، من دون أي توبة. هذا الموت ظاهر في سوء الأخلاق والتصرف، وفي ارتكاب الشرور من دون رادع، وفي حالة البغض والحقد والتجني، وفي السرقة والرشوة والظلم، وفي النزاعات والحروب، وفي تعطيل الخير العام لصالح المصالح الشخصية والفئوية والسياسية والمذهبية".

أضاف: "لا بد من أن نخاطب في ضوء هذا الانجيل، ضمائر المسؤولين المعنيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من داخل البلاد وخارجها، بعدم انتخاب رئيس للجمهورية: إنهم يتسببون "بنزف" مقدرات الدولة و"بنزف" مهام وصلاحيات مؤسساتها الدستورية والعامة، "وبنزف" مالها العام، "وبنزف" أخلاق شعبها، "وبنزف" الهجرة الحسية والنفسية لدى أجيالها الطالعة، و"بنزف" كرامة الوطن اللبناني ودوره في محيطه وعلى المستوى الدولي".

وختم الراعي: "ندعوهم، مع الشعب اللبناني الذي يرفض هذا الواقع وهذا النوع من الممارسة السياسية، للجوء إلى الله، وكلنا معهم، بإيمان المرأة المنزوفة وإيمان يائيرس، وهو إيمان تغلب على اليأس، من أجل أن يهدي المسؤولين المعنيين إلى المخرج الأساسي من دوامة النزف القاتلة هذه، ويرشدهم إلى المدخل الوحيد لحياة الدولة بكل مقوماتها، ونعني بهما انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل فوات الأوان. فليس الفراغ الرئاسي مادة لابتكار البديل من وجود رئيس، ولا رئاسة الجمهورية أمر قابل للاستغناء عنه ولو للحظة. ففي هاتين الممارستين، أي آلية البديل والاستغناء مخالفة واضحة للدستور. وعبثا يحاولون تبريرها بقراءة مجتزأة له. فالدستور وحدة متكاملة ومواده تفسر بعضها بعضا. مع كل هذه الأمور بات يخالجنا الشك في النيات.
فلنرفع صلاتنا إلى الله الذي لا يخيب آمال المؤمنين، وليتمجد في كل آن اسم الثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، آمين".

بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية .
 

  • شارك الخبر