hit counter script
شريط الأحداث

خاص - ملاك عقيل

ماراتون السياسيين: لا روح رياضية... ولا من يحزنون

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٤ - 06:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في كل عام يشارك عدد لا بأس به من السياسيين في الماراتون السنوي كبادرة لطيفة لتشجيع الاخرين ودليل حسّي على الروح الرياضية التي يتمتّع بها هؤلاء.
قسم من السياسيين يشارك بحماسة كبيرة وقناعة بأن هذا النوع من "الاحتفاليات" ضروري لتعميم روح الايجابية وتنفيس الاحتقانات الكامنة في النفوس. ليست المرة الاولى التي يشارك فيها الرئيس ميشال سليمان. "فخامته" لا يزال ناشطا في السياسة وكذلك في الرياضة، حتى لو نزل هذه المرة الى الحلبة بالبنطلون والقميص.
من اصل 24 وزيرا نزل الى حلبة الماراتون فقط الياس بوصعب وعبد المطلب حناوي وروني عريجي ورمزي جريج وميشال فرعون، ومن اصل 127 نائبا تحمّس النائب غسان مخيبر، فيما هرولة النائب سيمون ابي رميا، رئيس لجنة الشباب والرياضة، بين المتسابقين "تحصيل حاصل".
لا شك ان قسما كبيرا من السياسيين، ومنذ بدء الماراتون، يشارك من باب الواجب وتلميع الصورة. صحيح ان الانتخابات اليوم ليست على الابواب، لا بل تحت "سابع أرض"، لكن النزول الى الحلبة ينطبع في الذاكرة. الشورت والـ "تي شيرت" والحذاء الرياضي عدّة شغل من نوع آخر تقرّب الرؤساء وأصحاب المعالي والسعادة من الناخبين والقواعد الشعبية.
قسمٌ ثالث من السياسيين لا يعني له الامر شيئا. إما عن نكد، أو عدم قناعة بأن ساعة الركض صباحا أمام الكاميرات تضيف شيئا الى رصيد أصحاب المعالي والسادة النواب طالما ان الفراغ يولّد "تنبلة" سياسية تنسحب على الرياضة، أو لأن البعض ينسجم فعلا مع نفسه ولا يريد ان يمارس "الروح الرياضية" ولو ليوم واحد طالما أنه لا يمارسها في السياسة.
بعضٌ من أهل السياسة يصعب فعلا رؤيتهم على حلبة الماراتون. أداؤهم الانفعالي والشرس في السياسة يمنعهم حتى من التمثيل على أنفسهم قبل الجمهور. ستصبح الرياضة هنا لزوم ما لا يلزم، لا بل المنكر بحد ذاته.
أحيانا تشهد شاشات التلفزة مصارعة حرّة مفتوحة على استخدامات لا علاقة لها بحرية التعبير. شتائم، واصابع مرفوعة في الهواء، وصراخ، وكراسي تتطاير فوق الرؤوس، وقناني وكبايات مياه، وعراك بالايادي والارجل، وتهديدات متبادلة، وكلام "من الزنار ونزول"... صار المشهد جزءا من ثقافة الضيوف والمضيفين، والجمهور يتلقى ويلطم على رأسه. داخل قاعة البرلمان ومجلس الوزراء نشهد أيضا على جولات من الكباش الثقيل أحد أهم اسلحته الشتائم والتهديد على المفضوح.
على الأرجح كل رياضات العالم لا تنفع في تأهيل هذه الطينة من السياسيين كي تشارك في ماراتون الروح الرياضية وتقبّل الاخر. لا احد يتقبّلهم وهم يهرلون من أجل قضية محقة، ولا همّ في وارد تبييض صفحتهم التي تسكنها خطابات من الحقد الاسود ورفض من يعارضهم رأيهم السياسي.
عمليا أقلّ من نسبة 5% من السياسيين يشاركون كل عام في الماراتون. دعوة رئيس لجنة الشباب والرياضة السنوية لا تلقى عادة التجاوب المطلوب لأسباب متعدّدة. فقط في العام 2010 شهد ماراتون بيروت تظاهرة حقيقية بمشاركة الرئيس سعد الحريري ومرافقيه وجيش من السياسيين في سباق العشرة كيلومترات والذي فازت به يومها النائب ستريدا جعجع. بعدها تماما أعلن "الشيخ" عن خوضه ماراتون "اسقاط حكومة نجيب ميقاتي"!
يصعب وسط الفرز السياسي الحاد القائم اليوم تخيّل تظاهرة مماثلة في وسط بيروت. "ما حدا فاضي" سوى لاستكمال ماراتون الفراغ حتى خط النهاية... ما عدا ذلك، لا روح رياضية ولا من يحزنون، فالكل مشارك في طبخة الاحباط وتسميم الاجواء.
 

  • شارك الخبر