hit counter script
شريط الأحداث

خاص - ملاك عقيل

عن الاستثمار في الفرار

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 05:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يشكّل فرار بضعة عناصر من العسكر، منذ إندلاع الأزمة السورية والإعلان عن مشاركة "حزب الله" في القتال على أراضيها، في جيش عديده نحو 60 الفا واقعا يصبح التوقّف عنده واستثماره في السياسة كالبذرة التي تزرع وسط صحراء.
يمكن الذهاب أبعد وافتراض حصول انشقاقات من جانب ضباط. وهو أمر يجزم كثيرون أنه غير قابل للحصول في خضمّ معركة العدوّ فيها معروف ووسط مرحلة لا تعرف المنطقة الرمادية بين الارهاب وضحاياه. فإن هذا الواقع الافتراضي لا يمكن أيضا أن يشكّل عاملا قد يؤثّر على وحدة المؤسسة العسكرية.
ويبدو حتى اللحظة ان حالات الفرار المحدودة في الجغرافيا وفي إطارها المذهبي الضيّق، والتي لا تنطبق عليها مواصفات الانشقاق، غير ذي تأثر يذكر.
ليس الأمر من باب البروباغندا الشبيهة بـ "ستايل" وزير الاعلام العراقي الأسبق محمد سعيد الصحاف، بل لأن "العلوج" التي فرّت من الجيش والتحقت بالعصابات الارهابية كانت، إنطلاقا من خلفياتها الدينية المتشدّدة والتضليلية وربما عقدها النفسية، ستقرّر الخروج من "جلدها الوطني" حتى لو كانت على مقاعد الدراسة في لبنان أو في الخارج أو في ميدان عملها.
وبالتالي الربط المقصود بين وجود النفر الفار في الجيش والتحاقه بالجماعات الارهابية يصبح هامشيا، خصوصا ان العديد من الشباب السنّة فروا من مناطقهم وتركوا عائلاتهم والتحقوا بـ "داعش" و"النصرة".
بالتأكيد، لفريق سياسي لبناني مصلحة كبيرة في تكبير حجر عمليات الفرار والايحاء بأنها مقدّمة لانقسام داخل المؤسسة شبيه بانقسامات الحرب اللبنانية، طالما ان اليوم داخل مجلس الوزراء في السرايا وتحت قبّة البرلمان وزراء ونواب يعتبرون ان الجيش اللبناني ملحق بـ "حزب الله" ويأتمر بأوامره، ويدخل في منظومة محاربة أهل السنّة في لبنان!
وإذا كان منبع القلق الوحيد بأن حالات الفرار هي حصرا شمالية عكارية، فإن المشهد المقابل من خلال ما يتعرّض له الجيش في هذه البقعة بالذات من استهدافات مباشرة ومنظّمة، والأحاديث المتزايدة عن إمكانية حصول عمل امني كبير في طرابلس قد يطيح بقواعد اللعبة، وعدم وجود بيئة سنية شعبية حاضنة، بشكل عام، لمشاريع التكفيريين ولبعض الأصوات السياسية المحرّضة علنا على الجيش، والتفاف اللبنانيين بأكثريتهم الساحقة حول المؤسسة العسكرية في حربها ضد الارهاب، فإن هذه المعطيات تجعل من كل حديث عن ترويج لتصدّع الجيش وربط استمراريته بالمناخات السياسية ووقائع الأرض مجرد تهويل.
ويرى البعض أنه منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري مرّ الجيش باختبارات قاسية، صحيح أنها لا تقارن بما يواجهه اليوم من معركة مصير ووجود مع عصابات التكفير والارهاب، إلا أنها كانت تحمل بذور التشويش على وحدته ومركزية قراره. لكن هذا الأمر لم يحصل، ولا شئ يدلّ اليوم على أن إنقسام الجيش يدخل حتّى ضمن الاحتمالات الممكنة، خصوصا في ظل حضانة دولية له تجهد لتسليحه وتمكينه من مواجهة التنظيمات الارهابية على أرضه.
 

  • شارك الخبر