hit counter script

باقلامهم - سعيد البستاني

"المطرح ضيّق والحمار لبّاط"

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 06:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في غبراء عمليات الفرز والضم، وحصر إرث الأنظمة المتهالكة او التي تهالكت، يستحضرني ما دأب على ترداده الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من أن اللبنانيين والسوريين "شعب واحد في دولتين". فبغضّ النظر ان كانت مقولته صحيحة أم هي محض عقيدة سياسية معروفة الاهداف، فان ما أنتهى اليه الأمر هو: شعبين في دولة واحدة...هي لبنان.
"المطرح ضيّق والحمار لبّاط" هو ما كان يردده اللبنانيون قديماً عندما ينفرون من الإنحشار في مكان ضيق مضافاً إليه ضيق صدر المضيف. أما ضيق خلق المضيف اللبناني في الآونة الأخيرة من ضيفه السوري، فله ما له من الأسباب والمسوّغات السياسية والإجتماعية والإقتصادية من دون أن ننسى الأمنية. قد يكون من المفيد الإشارة الى أنه حتى الجيوش الحليفة تحصل بينها إحتكاكات متى تواجدت على أرض واحدة فكيف هو الحال إذا تواجد شعبان على أرض "لا دولة" واحدة.
منذ اللحظة الأولى، إنقسم اللبنانيون في السياسة حول الوضع السوري كما إنقسم السوريون، اناس مع واناس ضد. و لعل أخطر ما حصل مع بدء النزوح بإتجاه لبنان، كان الحديث الذي جرى في بعض المطابخ عن إستعمال النازحين السوريين في معارك داخلية لبنانية لتعديل واقع معيّن، في ما يشبه نسخة مكررة عن إعتماد الفلسطينيين في إشعال الحرب اللبنانية عام 75 لتغيير واقع آخر.
يقول الراوي: كان ياما كان في قديم الزمان، حيّ في دمشق القديمة بيوته مصنوعة من الخشب والطين. وذات يومٍ لاهبٍ، شبّ حريق هائل في الحيّ وأخذت النيران تأكل البيوت، فقامت الضفدعة تملأ فمها بالماء وتبصقها على النار، وبدأ "الحرضون" يحمل القشة تلو القشة ويلقيها فوق النار. لا الضفدعة إستطاعت الى إطفاء النار سبيلاً ولا الحرضون قدر أن يزيدها إشتعالاً، ولكن الضفدعة برهنت عن "شئمة" وشرف وبرهن "الحرضون" عن قلّة شئمة وقلّة شرف.
الملموس الإجتماعي ليس اقل تأثيراً من العامل السياسي، فالاسباب الإجتماعية للحروب، لا سمح الله، غالباً ما تكون دفينةً، ومتراكمة، ومتفاقمة، ومكبوتة، وتنفجر عند إحتكاكها بأول "شرقوطة".
ولئن بقيت الأسباب الإجتماعية للحرب اللبنانية غير ممحّصة بشكل علمي دقيق، بسبب تجاهلها من فريق وتركيزه على السياسة دون غيرها من الأسباب، وإبتذال الفريق الآخر في التركيز عليها ومجّها، فإن الأسباب الإجتماعية والإقتصادية للإحتكاك اللبناني السوري المتصاعد باتت ظاهرة ومرئية ومحسوسة ومعاشة. عندما ينافس فقراء سوريا الفقراء اللبنانيين على معيشتهم وفي عقر دارهم، بالإضافة الى التحريض السياسي والمذهبي والخوف الأمني، فلا ينتظرنّ أحد شيئا أقل من إنفجار.
أما ما يقوله في الإعلام بعض بقايا أحزابٍ تجمهرية، ممن تتلمذوا على كائنات جوراسية عانت من سوء الإستعمال في تاريخها، ويقتاتون اليوم من فتات موائد المترسملين، حول عنصرية اللبنانيين فاسمحوا لنا بها.
ليس اللبنانيون روبوتات مبرمجة بل هم بشر يتفاعلون وينفعلون وكذلك هم السوريون، ولستم أنتم بخرّيجي معهد جنيف لحقوق الإنسان لتلقوا علينا نشراتكم التوجيهية الوقحة وغير المهذّبة، اللهم إلا إذا كنتم تتعرضون لسوء الإستخدام مجدداً من حيث تدرون أو لا تدرون.
 

  • شارك الخبر