hit counter script

مقالات مختارة - جورج شاهين

على مَن تقرأ مزاميرَك دولة الرئيس؟

الخميس ١٥ آب ٢٠١٤ - 07:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

يستشعر الرئيس تمام سلام صعوبة أن تتمكّن حكومته من مواجهة الإستحقاقات المقبلة على لبنان والمنطقة على رغم تركيبتها الجامعة. فتجربة التعاطي مع مخطوفي عرسال من العسكريين وسعي البعض الى إستغلالها في السياسة والإستحقاق الرئاسي، دفعته الى رفع الصوت عالياً من عين التينة امس. فما الذي قاده الى هذه الصرخة؟

توقف المراقبون باهتمام أمامَ مضمون التصريح الذي أدلى به الرئيس تمام سلام بعد لقائه رئيسَ مجلس االنواب نبيه برّي أمس، وانتقاده الشديد لمقاربة بعض المسؤولين ووسائل الإعلام قضية العسكريين المخطوفين في جرود عرسال وما تركته من تردّداتٍ سلبية.

يدرك المقرّبون من سلام حَجمَ الغضب الذي يعيشه ومعه القلق على مصير العسكريين، وهو في حمأة البحث عن مخارج تَقي البلادَ شرَّ الفتنة التي تُنذر بها القضية، بعدما تشعَّبت وتوسَّعت مطالبُ الخاطفين وصولاً الى المسّ ببعض الثوابت والخطوط الحمر اللبنانية التي لا يمكن للحكومة أن تقاربَها في ظلّ التركيبة الداخلية الهشّة والمواجهة المفتوحة بين منطقين بكلّ أنواع الأسلحة، والتي عزَّزتها «حرب عرسال» وما رافقها وقبلها وبعدها.

وقالت مصادر واسعة الإطلاع تواكب المرحلة أنّ سلام الذي كان يبحث عن مخارج بعيداً من الأضواء، وفي ظلّ تكتّم شديد سعى الى إطالة أمده قدر الإمكان، تلقّى في الساعات القليلة الماضية رسائل سلبية للغاية تُهدِّد بتحوّل قضية المخطوفين كرة ثلج في الداخل اللبناني.

ومردّ هذا القلق العجز عن ترتيب الوضع في عرسال التي يمكن أن تتحوّل «جرحاً نازفاً» يشكل مادة لتأجيج النزاع الداخلي، سينعكس سلباً على مصير المخطوفين وإطالة أمد القضية مع ما يرافقها من مدٍّ وجزر سياسي وربما أمني.

ويعترف هؤلاء بأنّ المقاربة الحكومية والسياسية لملف عرسال منذ اندلاعها في 2 آب كانت مقاربة فاشلة بكلّ المقاييس، ليس بسبب السياسة التي انتَهجتها الحكومة في العلن بوقوفها موحّدة خلفَ الجيش اللبناني، إنما لأنّ بعض مكوّناتها يُحرّض في هذا الإتجاه او ذاك بأبشع مظاهر الإستغلال السياسي.

وربما، يقول المراقبون، ذهب البعض أبعد من ذلك في الدعوة الى التحقيق في ما حدث، بغية تحميل المؤسسة العسكرية وقائدها تحديداً المسؤولية خصوصاً لجهة طريقة السماح بانسحاب المجموعات المسلّحة من عرسال والعسكريين المخطوفين، فيما كان آخرون يدعون الجيش الى وقف النار والإنخراط في مفاوضات، رفَضَ الجيش مجرّد البحث فيها تاركاً للحكومة والسلطة السياسية القيامَ بهذه المهمة.

وما زاد الطين بلة، ما رافق المفاوضات التي خاضتها «هيئة علماء المسلمين» مع الخاطفين، في ظروف أقلّ ما يقال فيها إنَّ الوسيط لم يكن وسيطاً بمقدار ما حاول استغلال ما حصل، للوصول الى بعض المطالب الخاصة التي انتهت الى تنحّي الهيئة بعدما كشفت صراحة انها لم تتبنَّ مواقف الحكومة، ولم تحترم سقوفها الأمنية والقضائية والسياسية، لا بل تبنّت مطالب الخاطفين بالمقايضة المرفوضة مع الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية او ممَّن هم على «لائحة المظلومين»، كما قال أحد المشايخ يوماً، والتي لم يُعبّر عنها الخاطفون صراحة حتى اليوم.

وعلى هذه الخلفيات، كان لا بدّ أن يرفع سلام الصوت وهو يضع أمام عينيه ما يمكن أن تؤول اليه هذه العملية من مخاطر في مواجهة كثير من «الفواحش» التي تُرتكب في السياسة والإعلام معاً.

فهو لم يبلع بعد التصنيف الذي يخضع له المخطوفون بين سنّي وماروني وشيعي ودرزي، ولم يستسغ بعد مسلسل السيناريوهات التي تُطلق حول مطالب الخاطفين بما فيها من تسريبات لا أساس لها من الصحة، وسعي البعض الى استثمار أحداث عرسال في الإستحقاق الرئاسي من دون تلمّس ما يسيء الى المؤسسة العسكرية.

وعليه، تبقى الإشارة الى أنّ أخطر ما يمكن أن يحصل هو تجاهل صرخة سلام والإستهتار بما يمكن أن يؤدّي اليه عكس ما ينادي به. ولذلك بات من المشروع التوجّه الى رئيس الحكومة بسؤال بسيط: على مَن تقرأ مزاميرَك دولة الرئيس؟
 

  • شارك الخبر